علي حسين
منذ سنوات ونحن نسمع خطب وبيانات، وتنقل لنا الفضائيات مؤتمرات وندوات أصحابها جميعاً يشتمون المحاصصة وينددون بالطائفية ومؤتمرات تندد بالطائفية وتشتم الطائفيين.
من ينسى صرخاتهم وهم يحذروننا من النزعات الطائفية الضيقة، ويطالبوننا جميعاً بأن لا نصغي إلى الحكومات التي تنفث في نار الطائفية؟ .. اليوم تثبت الوقائع أن الكثير منهم كان يضحك علينا. ومن لا يصدق عليه أن ينظر إلى خارطة التحالفات التي تشكلت لخوض انتخابات مجالس المحافظات.
وسيسأل سائل ما الضير أن تندمج أحزاب وتتحالف تيارات لتشكيل كيانات سياسية تسعى للحصول على السلطة من خلال صناديق الاقتراع؟، أليست هذه الديمقراطية التي تتحدثون بها وتكتبون عنها، وسأقول إن كل ممارسة سياسية سلمية أمر مرحب به ما دامت لا تستخدم الفشل والمحاصصة طريقاً للحكم، لكن المطلوب أولاً وثانياً وثالثاً أن تبنى هذه التكتلات على أرضية وطنية خالصة ، لا على مربعات وخنادق طائفية.
أن تتنافس هذه القوى فيما بينها من أجل خدمة الوطن والناس، فهذا أمر سنقف جميعا لدعمه ، أما أن تصطف هذه القوى وراء مشروع طائفي يحاول استخدام وسائل إبهار جديدة ، وإطلاق بعض صواريخ الألعاب النارية من أجل أن تظل الأجواء مشتعلة والفتن متيقظة ، ولا يهم في هذه الحالة أن تتراجع مصالح الوطن مادامت مصالحهم الخاصة في ازدياد.
لقد ظل سياسيونا مصرين على اعتقال إرادة العراقيين داخل أسوار الطائفية والإحساس بالخطر من الآخر ، وافتعلوا أزمات سياسية محبوكة، بالتوازي مع إشاعة أفلام الرعب من الخطر الخارجي الذي يحيق بأبناء الطائفة، مراهنين على أن المواطن سيلغي عقله، وينصرف تماماً إلى البحث عن غطاء طائفي يحميه من غدر الآخرين.
على هذه الأوتار يعزف الآن مرشحو انتخابات مجالس المحافظات ، متقمصين شخصية حامي الطائفة والمدافع عن مظلوميتها ، والساعي إلى تأمين الخائفين وتهدئة المرعوبين.
في معظم الانتخابات التي جرى تخطيطها وتصميمها طائفياً ، اكتشف الناس ولو متأخراً أن العديد من سياسيي الطوائف لم يقدموا خلال هذه السنوات الماضية سوى أداء كاريكاتيرياً مضحكاً ..
إن خفافيش الطائفية ، هم جميعاً من أفسد وسرق ونهب وقتل على الهوية ، لا فرق بين سياسي طائفي سواء أكان شيعياً أم سنياً فالاثنان شركاء في تخريب الوطن وسرقة أحلام الناس.
إننا نحتاج اليوم إلى أحزاب وتكتلات هدفها إشاعة روح المواطنة وبث الأمن والتسامح وقيم المحبة بين العراقيين والأهم مطلب إشاعة القانون وتطبيقه على الجميع، وهي القضية التي تبدو مهملة وغائبة خلف غبار كثيف من الخطب والشعارات والهتافات الطائفية.
لا نريد اندماجات وتحالفات تطرح خطاباً واحداً، حتى يكاد يشعر المتابع أنهم جميعاً يرددون نصاً واحداً وحيداً ينطلق من شعار "أنا وحدي وليذهب الآخرون إلى الجحيم".