علي حسين
منذ أيام تندلع رحى معركة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض الفضائيات، وكلها تدور جول انتخابات مجالس المحافظات تطرح سؤالاً واحداً: من سيسيطر على العاصمة القائمة الشيعية أم القائمة السنية ؟
وأنا أقرأ ما يكتبه بعض مدعي الإعلام الذين تزدهر تجارتهم في أوقات الأزمات سألت نفسي سؤالاً ترى هل من حق أحد أن يحول الانتخابات إلى مباريات طائفية؟، ولماذا يضع البعض نفسه وصياً على أهالي بغداد؟.
يدرك أصحاب شعارات لن نعطي بغداد، أن العراقيين جميعاً ذاقوا مرارة العنف الطائفي وألاعيب الساسة ، وأسأل السادة أصحاب معارك بغداد لنا عن أي شيعة يتحدثون ؟، وهل قدم السياسيون الشيعة لجمهورهم خدمات وامتيازات حتى نقول إن بغداد انتخبتهم؟، وهل كان أعضاء مجلس محافظة بغداد في الدورات السابقة من الأحزاب السنية حريصون على أن تصبح بغداد عاصمة للتنمية والازدهار والخدمات؟، أليس العراقيون جميعاً متضررين من فساد النخبة السياسية ومن انعدام الخدمات وأزمة السكن والبطالة والمحسوبية والرشوة والانتهازية وعصابات سرقة المال العام؟، هل حال بغداد في زمن دولة القانون كان أفضل من حالها عندما تسلمها مرشح التيار الصدري؟، وهل أعضاء مجلس محافظة بغداد من الاحزاب السنية كانوا حريصين على أن تكون بغداد مدينة مزدهرة ومستقرة؟ .
تصاب الذاكرة الوطنية بالعطب، إذا وجدت نفسها في بيئة طائفية سيئة، ومن سوء حظ هذه البلاد التي سميت بلاد النهرين، أنها تعيش اليوم في زمن مثيروا الفتن ، بعد أن عاشت سنوات في زمن القائد الضرورة .
ظلت الناس تأمل بسياسيين يعلون مبدأ الحوار السلمي، شعارهم القانون أولاً وأخيراً، لكنهم وجدوا أمامهم عقلية سياسية تتعامل مع الجميع باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كانت الناس تأمل بسياسيين يخرجون البلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم ساسة ومسؤولين يريدون إعادة البلاد إلى زمن القرون الوسطى وعهود الظلام.
اليوم نشعر جميعاً أننا وسط حلبة مصارعة نتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في ميزان القوى لصالحنا، هل الحماقة أن نصمت وننعزل، أم الحماقة أن ندفع أعمارنا في الهتاف لسياسيين طائفيين؟.. إنها محنة مواطن يعتقد للأسف أن حماقة الطائفية هي طوق النجاة الأخير، هل يدفعنا هذا الأمر إلى اليأس؟ بالتأكيد لا، فسيأتي يوم نجد فيه المواطن العراقي ومن خلال صناديق الاقتراع نفسها يعبر على جثة الاصطفاف الطائفي ، لأنه سيدرك حتماً أن التغييرالحقيقي الذي يستحقه لا يعني تغيير السلطة ، أو وجوه الحاشية، أو استبدال جماعة طائفية، بأخرى أكثر طائفية.
التغيير ليس صناديق انتخابات فقط، بقدر ما هو تفكيك بنية فاشلة ترى في كرسي الحكم حقاً شرعياً.