TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في محبة المسيحيين

العمود الثامن: في محبة المسيحيين

نشر في: 26 ديسمبر, 2023: 11:20 م

 علي حسين

قبل أن تتحول فضائياتنا إلى حلبة للشتائم والتباهي بنهب أموال البلاد والعباد، وقبل أن تظهر جماعات تحذر من الاحتفال بأعياد الميلاد لأنها "حرامس"، وقبل أن تستفحل الانتهازية واللصوصية ومعهما الخراب والطائفية، وقبل أن يقرر أصحاب "الحل والربط " مطاردة الكاردينال لويس ساكو ..

قبل قرن من هذا الزمان العجيب قرّر أبونا الجليل أنستاس الكرملي أن يجعل من بغداد حاضرة للثقافة والعلم، كان الكرملي الذي لم يخلع ثوب الرهبنة، مصمما أن يختار يوم الجمعة موعداً لعقد جلسته الأسبوعية لما يمثله هذا اليوم عند المسلمين، فبماذا كان رواد المجلس يتحدثون؟ لم يكن هناك حديث عن الاستحقاق الطائفي في توزيع المناصب، ولا عن شعار "حصتي وحصتك"، كان الفكر والثقافة والتعليم هي المهمة الأهم في المجلس، لأنها السبيل لرقيّ البلدان وتقدمها ومن دونها ستدخل الناس في صراعات مذهبية وسياسية، كان العراقيون آنذاك يسطّرون ملحمةً يومية في وجه من يريد أن يغيّر هوية البلاد وثقافتها، من الموصل جاء متّي عقراوي الذي سيصبح عميداً لدار المعلمين العالية، ومن أقصى القرى الموصلية سوف يقدّم المسيحي سليمان صائغ، مسرحيات تروي تاريخ الإسلام، ومن الموصل أيضا جاء المسيحي فؤاد سفر ليصبح سيد الآثاريين. وفي بغداد يكتب المسيحي رفائيل بطي أن العراق هو حاصل مجموع الكرامة والخبز والحرية فحذار من التلاعب بهذا الثالوث.. والعراقي مقدس. ومن الناصرية سينادي المسيحي يوسف سلمان يوسف "فهد" بوطن حر. ومن الكرادة سوف يذهب المسيحي ميخائيل عواد إلى مدن العالم يجمع المخطوطات الإسلامية. ومن كركوك نزلت المسيحية بولينا حسون لتؤسس أول مجلة نسائية، وتشارك صديقتها أسماء الزهاوي ابنة مفتي العراق أمجد الزهاوي في إدارة نادي النهضة النسائية، ومن أربيل جاءت الجميلة عفيفة اسكندر ليصبح اسمها بين ليلة وضحاها على كل لسان. فيما أصرّ الأرمني أرشاك على أن ينقل بعدسته أحاسيس العراقيين ومشاعرهم، وعندما قرر أمري سليم أن يرافق عبد الكريم قاسم في جولاته اختار أن يسمي نفسه الحاج أمري.

قرون وجوامعنا في جنبهن الكنائس مثلما كتب، أحمد حامد الصراف:

وسوف يعيش الشعب في وحدة

عمائمنا في جنبهن القلانس

فيما يكتب العلامة مصطفى جواد:

ياسائراً ووجيب القلب صاحبه

لنا ببغداد من بين القسوس أبٌ

يا أبناء بلدي الطيبين في كل بقاع الأرض وأنتم تحتفلون بعيد الميلاد، لا تنسوا العراق وهو ينظر اليكم طالبا محبتكم .

يا أبناء بلدي سلاماً عليكم وأنتم توقدون شمعة عام جديد، فستظلّ ملامحكم تختلط بملامحنا، كلانا سينتصر في النهاية، وكلانا سيظلّ يتغزل مع ناظم الغزالي بالسمراء العراقية من قوم عيسى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram