علي حسين
كرّس العلامة الراحل مصطفى جواد حياته من أجل غنى اللغة العربية التي تعمّق فيها، حتى قال عنه مجمع اللغة العربية يؤبّنه: "كان عالماً فذّاً وذوّاقاً للّغة وحريصاً على التعمّق فيها وإغنائها" وكان دائم الرد على كل من يحاول أن يحطم أو يتجاهل معشوقته العربية بعبارته الشهيرة " قل ولا تقل " .التي تحولت إلى واحد من أجمل كتب اللغة العربية .
لا أريد أن أحول مقال اليوم إلى محاضرة في اللغة ، فأنا والحمد لله ما أزال أخلط بين المعلوم والمجهول، مثل معظم مسؤولينا الذين يبرعون في تسجيل كلّ كارثة تصيب هذا الشعب ضد السيد مجهول، لا جديد في الأمر سوى اختلاف صفة المجهول، فان تتفحم جثث الأطفال في مستشفى عراقي أمر لا يحتاج منا أن نطالب المسؤولين الكبار بالاستقالة .
منذ ان خرج علينا المرحوم أفلاطون بنظريته السياسية عن العدالة ، وأنها تعني حكم الأكفأ والأكثر إخلاصاً ، والناس في بلادي تتحسر وهي تقرأ أخبار البلدان السعيدة التي أصر حكامها أن يعيش المواطن بكرامة وأمان ورفاهية .
في الرابع من كانون الأول عام 2006 تولى الشيخ محمد بن راشد مسؤولية الحكم في إمارة دبي ، ومنذ ذلك التاريخ وعلى مدى ثمانية عشر عاماً استطاع فيها أن يسابق الزمن ليضع دبي على قائمة المدن الأكثر تطوراً ، بل ياسيدي قل إن الطموح أن تصبح دبي، واحدة من أكبر ثلاث مدن اقتصادية في العالم ، وقل أيضا أن حلم حاكم دبي أن تصبح الإمارات واحدة من أهم مراكز المال في العالم خلال السنوات القليلة المقبلة بعد أن اصبحت واحدة من أهم بلدان السعادة والتسامح .
18 عاماً في سباق مع التنمية والإعمار والازدهار، واسمحوا لي أن أقول لكم أنه لا مكان في حكومة الإمارات لأي مسؤول غير استثنائي ، والشعار أن تتحول المدن جميعاً إلى ورش عمل وبناء، من دون خطب رنانة ولا معارك على الفضائيات ، ولا استعراضات، الاستعراض المسموح به فقط : المزيد من ناطحات السحاب والانفاق ، والمطار الذي يدخل إليه معظم شعوب العالم.
أعرف أنني أكرر نفسي عندما أثير دائماً المقارنة مع بعض البلدان ، ولكن ماذا أفعل ياسادة وبلاد الرافدين التي كان المواطن فيها يأمل بعد عام 2003 أن تتحول إلى ورشة للعمل والاستقرار والسعادة ، فاذا بنا إمام ساسة يتحدثون عن مشاريع التغيير والديمقراطية النزيهة والبلاد التي ستمتلئ خيراً، ، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات والمهرجانات الخطابية، لا يعدو كونه مجرد كلام في كلام .