اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا كان سيكتب حسن العاني؟

العمود الثامن: ماذا كان سيكتب حسن العاني؟

نشر في: 16 يناير, 2024: 12:18 ص

 علي حسين

كان يُفترض أن يكون عمود الصفحة الأخيرة من جريدة الصباح لهذا اليوم الثلاثاء من حصة الكاتب الساخر الكبير حسن العاني، لكننا سنقرأ بدلاً من قطعة أدبية ساخرة خبراً عن رحيل فيلسوف البسطاء، ولا أعرف ما الذي كان حسن العاني سيكتب لو عاش يوماً آخر في ظل كوميديا الديمقراطية العراقية التي وصفها ذات يوم بأنها :

" أتاحت فرصة ذهبية لرسم صورة مشرقة، وخير دليل على ذلك أن المسؤول يمارس الديمقراطية حيث يكتفي بمشاهدة التظاهرات والاعتصامات، وسماع طلبات المتظاهرين، ولم ينفذ منها طلباً واحداً، لأن مهمته الرئيسة هي المشاهدة والاستماع فقط " .

يرحل حسن العاني ليسدل الستار على مرحلة مهمة من فن الكتابة الساخرة، والنابضة بالحياة ، والمشبعة بالوطنية ، ونفتقد واحداً من دراويش الصحافة الذين اختلط عندهم الواقع بالحروف ، فلم تكن هناك حدود فاصلة بين لوحة الحياة التي ظل يعيشها بكل مصاعبها، ولوحة الكتابة التي أراد لها أن تكون صادقة ومعبرة.

منذ أن ترك مقاعد التدريس ودخل أبواب صاحبة الجلالة ، وحسن العاني يحمل العراق على كتفيه الهزيلتين، وكانت وصيته الأخيرة في آخر مقال نشره الثلاثاء الماضي تحمل هماً عراقيا خالصا :" كل مواطنٍ من أبوين عراقيين بالتولد، يجب أنْ يعبّرَ عن انتمائه العراقي عبر أية وسيلة لخدمة شعبه والنهوض ببلاده، بغض النظر عن بساطة تلك الوسيلة أو الخدمة، طالما كانت النوايا إيجابيَّة" . كانت الحياة بالنسبة له ورقة بيضاء يرحل خلالها مع هموم الناس، رحلة ربما تجاوزت النصف قرن، مليئة بالصور الساخرة بالغة الوضوح والمعنى، تمنح صاحبها لقب فيلسوف البسطاء، والناطق الرسمي بعرض همومنا جميعا .

عاش حسن مهووساً بالتفاصيل، وهذا سر اختياره الكتابة الساخرة ، يعلن بشيء من التواضع: " أنا في الحقيقة لم أنتقل من الرواية، أو القصة تحديداً، إلى الصحافة، فأنا لم ولن أتنازل عن هويتي الحقيقية كأديب، وإلى مرحلة عمرية متقدمة.ولي موقف مضاد للصحافة، لكن في العام 1976 عُينت مسؤول قسم في جريدة العراق، وبحكم ذلك العمل حاولت الغوص في الكتابة الصحفية، واستحسان زملاء العمل لما كتبت دفعني للاستمرار بهذا العمل، ليس حباً له وإنما اتخذته كمصدر رزق لا أكثر." ، ورغم هذا فانه اقتحم عالم الصحافة مفعماً بالحيوية ومشحوناً بطاقة خفية، متخذا من الكتابة مغامرة ممتعة برغم مخاطرها.

لم يكن حسن العاني يكتب كي يُضحك الناس، بل كي يذكرهم بما يحيق بهم، ويوصيهم بسخريته المعهودة :" لا تنتظر أنْ يتحقق أي حلمٍ من أحلامك السعيدة في يومٍ من الأيام، ولكن لا تتوقف عن الأحلام لأنها أفضل وسائل الترفيه عن النفس " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram