TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: خرافة الدستور

العمود الثامن: خرافة الدستور

نشر في: 22 يناير, 2024: 09:24 م

 علي حسين

في كل حديث عن الدستور ألمح ابتسامة رضاً وارتياح على وجوه ساستنا ومقربيهم ، في المقابل هناك حيرة ترتسم على وجوه المواطنين وهم يتساءلون عن هذا الدستور الذي يتغنى به النواب في النهار ويسخرون منه في الليل ،

يضرب المواطن كفا بكف وهو يرى كيف استبدلت ملفات مهمة مثل الإصلاح السياسي والخدمات وملاحقة حيتان الفساد، بمعلقات جديدة عن للاستحقاق السياسي ، وأيهما أكثر سعادة للمواطن حكومة الأغلبية أم توافقية توزيع المغانم، ذلك أن إثارة مثل هذه القضايا في هذا الوقت بالذات، فرصة لتواري واختفاء ملفات تمس حياة الناس ومستقبلهم.

اعتقد العراقيون أن ذهابهم بكثافة إلى الاستفتاء على الدستور في تشرين الأول من عام 2005 سينهي كل مشكلاتهم، ففوجئوا بأنه يعمق هذه المشكلات والانقسامات، وأنه دستور كُتب وصمم لمصالح الأحزاب والكيانات السياسية. ثم وقفت الناس في طوابير طويلة في انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات أملاً في تهدئة نفوس الساسة الثائرة من أجل الكراسي والمناصب، والانطلاق نحو عملية ديمقراطية، فاكتشفوا أن الانتخابات انطلقت بهم إلى عالم زائف ومخادع من الممارسة السياسية، اليوم يعتقد البعض أن صبر العراقيين على تسعة عشر عاماً من الطائفية والمحسوبية والانتهازية السياسية وما رافقتها من مآسي يمكن أن تختصر في معارك من أجل الكراسي.

والغريب أن الجدل في القضايا التي لا تمس حياة الناس لا يزال متواصلاً مثله مثل الجدل الكوميدي حول الحياة الرغيدة التي كان يمكن للعراقيين العيش فيها لو أنهم واصلوا الهتاف بحياة البرلمان ، وبدلاً من أن تعرف الناس من هو المتسبب في ضياع مئات المليارات من أموال الشعب في مناقصات وهمية ومشاريع لم تر النور، خرج عليهم من يصرخ "وا دستوراه "، وعندما تقول له يارجل لا يمكن دخول المستقبل نحن نعيش مع حملة الحفاظ على الفساد وتنميته وتسمينه، تريليون دولار أهدرت في مشاريع وهمية، ولا يستطيع البرلمان أن يستجوب رؤوس الفساد الكبيرة، لأنها خط أحمر ممنوع تجاوزه.

علينا أن نتساءل: كم مشروع وضع له حجر الأساس، ثم تبين أن الأمر مجرد فصل من مسرحية كوميدية لن تنتهي؟، كم مرة سمعنا وزراء من عينة الشهرستاني وأيهم السامرائي يتغنون بأن هذا العام هو عام الاستثماروالتنمية؟ .

في كل عام نسمع الأسطوانة نفسها وهي تردد ذات النغمة لنحتكم للدستور " لنكتشف في النهاية كم مشروعاً وطنيا دُفن تحت ركام التصريحات والخطب النارية، هل المشكلة اليوم في تعديل الدستور أم في تغيير عقلية سياسية أثبتت فشلها وتريد أن تواصل مسيرة الفشل، وأن تسمح لها الظروف بالجلوس على الكرسي من جديد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. جعفر الربيعي

    المشكلة يااستاذ علي ليست في الدستور وعقلية هذه الطبقة وانما تكمن في تغيير هذه الطبقة برمتها التي لاتنتمي لهذا الوطن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram