TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: العراق الحلو

العمود الثامن: العراق الحلو

نشر في: 24 يناير, 2024: 11:35 م

 علي حسين

يُعرف عن كرة القدم أنها لعبة تُقسم الناس، وتجعل منهم فرقاً وأحزاباً كل منها يتمنى الفوز، لكنها في العراق تفعل العكس حيث توحد الجميع، وتتحول المدن إلى كرنفال رياضي، يتابع الناس فيها سحرة الكرة الذين طغت أخبارهم على أخبار السياسيين وبيع المناصب ةتخوين المواطن المغلوب على أمره ، ووجدنا من يهتم بالكرة أكثر مما يهتم بتغريدات "البروفيسورة" عالية نصيف عن النزاهة والإصلاح وتقلبات محمود المشهداني من الكوميديا الى التراجيديا .

يحسب لمنتحب العراق الوطني ، أنه كشف لنا حجم المحبة التي يحملها العرب لأشقائهم العراقيين ، وكيف تحولت القنوات الرياضية الخليجية إلى كرنفال يتغنى بحب العراق، فلم تعد تعني هذا الشعب خطابات التحريض وتغريدات الانتهازيين وتخويفهم من كل ما هو عربي . في واحدة من المشاهد المثيرة التي تعرضها الفضائيات شاهدنا مشجعاً اسمه " رسول" الدموع تنهمر من عينيه وهو يتحدث عن العراق الحلو ، القوي ، الذي كما وصفه " لن يصبح حايط نصيص أبداً " ، وربما فات الشاب رسول أن بعض اعضاء برلماننا الموقر يتمنون أن يبقى العراق " حايط نصيص " مرة لصواريخ طهران ومرات طائرات أنقرة . على الشاشة تظهر سيدة عراقية لم تتمالك دموعهاعندما ذكر أمامها اسم العراق، وهي تردد : " أفتخر لأنني عراقية " .

إن أحد أهم ثروات الشعوب الحية هي ثروة الثقافة والفنون والرياضة ، إلا أن البعض لا يريد أن يتذكر مؤيد البدري وثقافته وابتسامته ، ويصر على أن يجعل من حكيم شاكر نموذجاً يسيء من خلاله إلى روح الرياضة المتسامحة والمتسامية .

ما تحقق في قطر ليس مجرّد فوز بمباريات رياضية، كما أنه ليس فقط احتفال بفريق لكرة القدم ، وإنما نحن أمام إنجاز وطني للذات العراقية التي قرّرت أولاً أن تؤمن بقدراتها ، وثانياً أن تستخرج هذه القدرات التي أريد لها أن تختبئ تحت ركام الطائفية والخراب .

وأنا أنظر إلى الوجوه التي انمحت منها علامات الطائفية والمذهبية.. وجوه تعيد اكتشاف جوهر هذا الشعب.. وجدت نفسي أمام مواطنين بسطاء يريدون أن ينفضوا عن هذا الوطن غبار الطائفية والمحسوبية والانتهازية، ولعل أجمل ما في هذه الوجوه أنها أثبتت أننا شعب لم لم يفسد رغم محاولات البعض إفساد مناخ الألفة فيه .

في كل بطولة يجعلنا المنتخب العراقي نعشق كرة القدم على طريقته الخاصة، نعشقها لأنها رياضة المحبة، لا صناعة السياسيين.. نحبها لكونها وفرت مساحة من الطمأنينة والصدق مارس من خلالها الناس حق الفرح والأمل ، وسط بيئة عربية محبة للعراق ، تؤمن أن هذه البلاد تستحق كل ما هو جميل ومميز.. ألم يصرخ المشجع رسول بأعلى صوته : "العراق حلو ياجماعة"؟ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدي باش

    للأسف .. البعض يحاول تشويه صورة (العراق الحلو) بنظر أشقائهم القطريون ، من خلال ترديد (الهوسات) الطائفية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram