بغداد – 964
تفور المواقف في العراق لتحقيق انسحاب سريع للقوات الأميركية، بضغط من فصائل تشن هجمات مسلحة على قواعد "التحالف الدولي" منذ نحو ثلاثة أشهر.
وقررت الحكومة أخيراً تشكيل لجنة تفاوض حول الانسحاب وجدولته، وفقاً لما ذكره وزير الخارجية فؤاد حسين، خلال تصريحات للصحفيين مطلع هذا الشهر.
وازداد الضغط على الحكومة منذ أن هاجمت القوات الأمريكية مقر حركة "النجباء" مطلع الشهر الحالي، وبلغ ذروته الأربعاء بعد هجوم على موقعين لـ"كتائب حزب الله" في القائم وجرف الصخر.
وقال دبلوماسيون غربيون لصحف "واشنطن بوست" ومحطة "سي بي أس" قبل أسبوع إن قراراً مفاجئاً بالانسحاب من العراق بطريقة مذلة، لن يكون في صالح الرئيس جو بايدن الذي يخوض حملة انتخابية للظفر بولاية ثانية في البيت الأبيض.
ويقول ثلاثة خبراء تحدثت معهم شبكة 964، إن الانسحاب سيكلف العراق "ضرائب اقتصادية وسياسية كبيرة".
حتى أكثر المحللين قرباً من قوى "الإطار التنسيقي" وضع دعوته لخروج سريع للقوات الأميركية تحت قيد "العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبغداد"، وحمل الحكومة مسؤولية "تقليل الأضرار المحتملة" من الانسحاب.
ويعتقد خبيران أن "إيران نفسها لا تريد خروجاً عدائياً لواشنطن من العراق"، لأنه ورغم نفوذها الكبير في العراق، تريد أن تتركه يتنفس بعلاقة مربحة مع الأميركيين.
عباس العرداوي، محلل سياسي، لشبكة 964:
الأميركيون انسحبوا سابقاً في 2012 في زمن حكومة المالكي، تحت ضغط سياسي وشعبي وأمني، لكن الأمور سارت بين البلدين بشكل طبيعي.
الولايات المتحدة تحرص على تأمين وضعها وتحاول أن تعكس وجودها في الحالة السياسية العراقية، لكن الضغط تصاعد بعد استهدافهم مقرات أمنية عراقية.
لا شك ان الحكومة ترغب ببقاء العلاقات والامتدادات الاقتصادية مع واشنطن، وهذا سيخفف من وطأة الانسحاب أو على أقل تقدير تقليل أضراره.
لاشك أن بقاء القوات الأميركية يشكل الضرر الأكبر على العراق، بسبب عمليات الاستهداف المباشرة، التي تهدف إلى فرض الهيمنة الكاملة على القرار السياسي والأمني في العراق.
باسل حسين، باحث في الشأن السياسي، لشبكة 964:
انسحاب القوات الأمريكية له تبعات عدة، أهمها انتهاء مهمة التحالف الدولي التي تشكل القوات الأميركية نواتها الرئيسة.
انسحاب القوات الأميركية من العراق سيرفع كلفة تحقيق الأمن ويزيد من تكاليف الجهد الاستخباري وما يرافق ذلك من مخاطر عدة تتعلق بعودة نشاط الجماعات المتشددة.
الانسحاب سيقابل بسياسة ملء الفراغ من قبل إيران مثلما عملت في الانسحاب السابق، ما قد يسفر عن تقلبات حادة في المشهد العراقي تنزع الاستقرار الهش.
الانسحاب الأمريكي لا يتحدد وفق الرؤية العراقية المحضة أو رغبة الحكومة أو بضغط المليشيات، إنما يعود بالدرجة الأولى إلى أولويات السياسة الأمريكية في العراق وسوريا والمنطقة.
الانتخابات الرئاسية تمنع الإدارة الأمريكية من اتخاذ قرارات مصيرية، بل تتركها إلى الإدارة القادمة سواء أكانت ديمقراطية أو جمهورية.
مسألة الانسحاب في هذا التوقيت حديث للاستهلاك المحلي العراقي من دون تنفيذ فعلي على الأرض على الأقل في المدى المنظور.
الناصر دريد، محلل سياسي لشبكة 964:
سيناريو الانسحاب بعداوة، متوقع منذ أن توضحت تماماً السيطرة الإيرانية على عراق ما بعد داعش.
قبل داعش كان هناك توازن نسبي بين واشنطن وطهران في العراق. وبعد داعش توضحت سيطرة إيران بشكل كامل، لكن ليست لديها مصلحة في أن يخرج الأمريكان بعداوة من العراق.
طهران تريد العراق تحت سيطرتها وأن يبقى لديه علاقات جيدة مع واشنطن لتأمين الكثير من المنافع والفوائد، لأنه خلاف ذلك سيحول هذا البلد إلى نظام منشق عن العالم وسيعامل كما سوريا بشار الأسد.
العراق ليس فيه دولة مركزية شديدة تتحمل العقوبات الدولية أو العزلة؛ سينهار النظام سريعاً.
لهذا السبب تلعب إيران دائماً بالورقتين داخل العراق، دولة ممانعة أو مقاومة، ودولة صديقة للولايات المتحدة.