اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البحث عن نازك الملائكة في القاهرة

العمود الثامن: البحث عن نازك الملائكة في القاهرة

نشر في: 28 يناير, 2024: 10:50 م

 علي حسين

شعرت بالسعادة والفخر حين وجهت لي دعوة للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب للحديث عن رائدة الحداثة الشعرية نازك الملائكة.. كان الصديق قحطان الفرج الله صاحب المبادرة الذي سعى إلى فكرة رائعة ورائدة وذكرى خالدة لأديبة تزعمت حركة الشعر العربي في العصر الحديث.

ظهرت نازك في مرحلة التوق إلى الجديد والثورة على الأوضاع السائدة، كان هناك السياب والبياتي، وفي الأفق يصدح صوت الجواهري، وفي لبنان سعيد عقل وتوفيق الصائغ وأدونيس.. أرادت للشعر أن يبقى حياً وحيوياً وأن لا تغيب عنه قضية الإنسان.

لم يسهم أحد مثلما فعلت نازك الملائكة في فرض التجريب الشعري الذي عرف بالشعر الحر على خارطة الأدب العربي. فقد كانت أول من كتب ونظر له، فارتبط باسمها لأنها أبدعت ودافعت عنه ونقدته وصاغت مصطلحاته. كانت حجر الأساس في تشكيل ظاهرة أدبية. سيقول البعض إن نازك لم تظهر بغير سوابق وإرهاصات في التجديد الشعري العربي وجدت قبلها سواء في مصر أو لبنان أو العراق، لكن يبقى لها شرف الريادة ببلورتها لنظرية شعرية حديثة وأيضا ثورة اجتماعية لم يكن بإمكان امرأة غيرها أن تكتب في منتصف الأربعينيات قصيدة تندد فيها بازدواجية المعايير بالنسبة للمرأة في مجتماعاتنا، فكانت قصيدتها "غسلاً للعار" نص من نصوص المقاومة في سبيل تحرير المجتمع كاملاً:

ياجارات الحارة.. يافتيات القرية

الخبز سنعجنه بدموع مآقينا

سنقص جدائلنا وسنسلخ أيدينا

لتظل ثيابهم بيض اللون نقية

لا بسمة، لا فرحة، لا لفتة. فالمدينة

ترقبنا في قبضة والدنا وأخينا

وغداً من يدري أي قفار

ستوارينا غسلاً للعار

عاشت نازك الملائكة حياتها مثل دون كيشوت تحارب طواحين الجهل والموت، لكنها في النهاية مثل بطل سيرفانتس استسلمت بعد أن وجدت نفسها وحيدة، يحيط بها صمت دائم.. المرأة التي فتحت أبواب الحداثة الشعرية في "شظايا ورماد"، أمضت سنواتها الأخيرة منزوية، توغل في الصمت، وسيتآمر عليها العمر والمرض لتسقط في العشرين من حزيران عام 2007 بعيدة عن بغداد التي أحبتها وتمنت أن تستند في أيامها الأخيرة على أسوارها. يغادر الجسد الذي تقلب في دروب الثقافة والسياسة والغربة، غير أنه ظل مخلصاً للشعر، ومثلها مثل بطل سيرفانتس، كانت فضائلها تعادل شجاعتها .

لو كانت نازك الملائكة على قيد الحياة اليوم، لبكت من الفرح والزهو، وهي ترى القاهرة التي كان لها أثر كبير في مسيرتها وملاذاً في آخر أيامها، تعيد الوهج إلى سيرتها كواحدة من أيقونات النهضة العربية الحديثة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram