علي حسين
منذ أن بدأتُ بكتابة هذه الزاوية اليومية التي ستدخل عامها السادس عشر، وأنا لديّ مشكلة أساسية مع ما يقوله العاملون في "مزاد" السياسة، وتراني أضحك كلما أسمع أحدهم يجلس، يضع رجلاً على رجل، ويتوهم نفسه نيوتن عصره، وهو يصرخ "وجدتها"، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد لأنهم تخلوا عنه.
بالأمس خرج علينا السيد عزت الشابندر ليحذرنا من اختيار رئيس للبرلمان يتبع كتلة تقدم، وأن الإطار التنسيقي لن يوافق على أي رئيس برلمان قريب من محمد الحلبوسي !! مطالباً الجماهير التي تهتف باسمه بأن تعرف أن الرجل، وأعني الشابندر، يذرف الدموع كل ليلة على حال العراق!!. لا أريد أن أذكّر القارئ بما قاله عزت الشابندر قبل أكثر من عامين من هذا التاريخ حين خرج علينا وهو يصرخ أن سبب دمار العراق هو أحزاب السلطة في العراق وكتب على صفحته في تويتر بتاريخ الأول من آب عام 2019 هذه التغريدة: "إن الفقر والمرض والجهل والفوضى والمخدرات ونهب المال العام وتدمير سيادة العراق ووحدته كل هذا لا يهزّ ضمير الدين لدى بعض قيادات أحزاب الإسلام السياسي".
ليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها عزت الشابندر أن يتلاعب بذاكرة المواطن العراقي، فقد فعلها قبل سنوات حين قرر أن ينتقل من صراعه مع حزب الدعوة، إلى معركة كسر العظم مع ماركس، ليقول لمقدم برنامج في إحدى الفضائيات: "لماذا نحظر حزب البعث ولا نحظر الحزب الشيوعي؟، فالأول أفكاره جميلة وراقية ووطنية، والثاني يمشي وراء ماركس الذي أفكاره كلها ظلامية وسوداوية وكفر وإلحاد ومادية وحتمية تاريخية".
لست في وارد الدخول في جدل مع الفيلسوف عزت، حول موضوعات تخصص بها المفكرون من أمثاله، فالرجل مصر على تحويل النكتة إلى أمر واقع، حين يقرر أن يكتب سيناريو تاريخ الديمقراطية العراقية، طبعاً وأنا أقرأ ما قاله الشابندر، كنت أتصور الأمر مجرد نكتة أو أن السيد عزت الشابندر يسعى في هذا الجو السياسي المأزوم إلى ترطيب الأجواء وكسر الملل، ولا أدري من هو رئيس البرلمان الذي جلس على كرسي المسؤولية منذ عام 2004 حتى هذه اللحظة ولم يكن متضامنا ومتعاقداً مع القوى السياسية الحاكمة، غير أنه بات من الواضح أن منطق الضحك على عقول البسطاء سيظل يحكمنا بفضل جهود كتيبة من السياسيين مهمتها إطلاق النكات .
للأسف نحن نعيش اليوم مع سياسيين يتوهمون أنهم أصحاب رسالة، ويعتقدون أن خلاص العراق يكمن في العودة إلى الوراء، سياسيون ومسؤولون يتركون تعهداتهم أمام الشعب ليمارسوا لعبة خلط الحق بالباطل، التي تدفع الناس للتساؤل: هل حقاً نعيش عصر التغيير والتطلع إلى المستقبل أم في عصر "الفهلوة"؟.