TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: رسالة إلى ناخب

العمود الثامن: رسالة إلى ناخب

نشر في: 6 فبراير, 2024: 09:38 م

 علي حسين

كالعادة صباح كل يوم أبحث عن موضوع جديد لهذه الزاوية ، لكن بعد إعلان تحالفات ما بعد انتخابات مجالس المحافظات ، أدركتُ ما كان يفوتني كلّ مرّة ، من أنّ البعض مصرّ على السخرية منّا جميعاً. لذلك، سأظلّ أُكرّر القول إنني لن أتوقف عن تذكير الناس بما يجري حولهم من دمار وأسىً باسم الانتهازية الطائفيّة أحياناً ، وباسم الاستحقاق الانتخابي أحياناً كثيرة .

دائماً ما أُكرر عليكم حكاية النمساوي ستيفان زفايج ، لأنّها أفضل وأغنى رواية عن خراب الأمم، ففي لحظة فارقة من تاريخ البشريّة يكتب هذا الرجل النحيل : ” إنّ الاعتبارات السياسيّة تنتصر دائماً على الأخلاق” ويروي لنا في كتابه ” عنف الدكتاتورية ” كيف أنّ مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلّف، حين يتولّى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الفشل والكذب .. حين صدر كتاب زفايج عام 1936 في قمة صعود النازيّة، خشي من بطش هتلر فكتب حكاية دارت أحداثها قبل نصف قرن عن السياسي الجاهل الذي يريد أن يُؤسس لدولة “الهواة”، فنجد كيف أنّ المؤسسة السياسيّة ومن خلال شعاراتها المتخلّفة تريد أن تتحكّم بعقول الناس، وتسعى لأن تجعل من الجماهير وقوداً في حروب الكراسي ، اليوم يحاول جميع الساسة أن يُساق المواطن العراقي إلى المصير البائس ذاته، بالطريقة ذاتها، وعبر الأشخاص أنفسهم، مع فارق وحيد، هو أنّ الشعارات هذه المرّة تمّ تغليفها بعبارات الإصلاح والقائمة العابرة للطائفة والدولة المدنيّة .

إنّ كلّ الوقائع على الأرض تقول إنّ الانتخابات يحكمها قانون السيطرة على مقدرات البلاد ، فذاك مرشّح سبق له أن سرق أموال الكهرباء. وهذا آخر حوّل الوزارة إلى إقطاعية خاصة لحزبه ، وذاك متّهم بسرقة أموال النازحين ، وهذه ظلّت لسنوات تشعل نار الفتنة الطائفيّة .

للأسف اليوم معظم الذين يجلسون على كراسي مجلس النواب، ينظرون إلى الشعب، كمجموعة من التابعين، أنت مواطن صالح، ما دمت تهتف للطائفة وتنتخب ” عقال الرأس “، وتمنح صوتك لمثيري الطائفية، وتهتف باسمهم طوال الوقت، وتبتلع خطبهم الملوثة بالجهل والكراهية. لم يكن أحد يتخيّل أن يخرج نائب مثل موفق الربيعي يهدد العراقيين بأنْ هم امتنعوا عن الذهاب إلى صناديق الانتخابات، هل توقع العراقي يوماً أن يقطع رزقه بأوامر حكومية، لأنه لايريد إصدار هوية الناخب؟.

يملأ السياسيون حياتنا بالأكاذيب وبيانات التهريج، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب ” من يمثله طائفياً، لا وطنياً. وبكل صلافة يتحول الكثير منهم إلى محللين اقتصاديين وخبراء في شؤون الطاقة الذرية، وأحياناً فقهاء في لباس المرأة ومكياجها، الكثير من هؤلاء يضحكون علينا في مواقف غير مضحكة، من عيّنة ما يخبرنا به بعض النواب بأنهم سيسعون إلى أن يمتلك الشعب إرادة الحركة نحو الحقوق والدفاع عن الثروات الوطنية وتنمية البلد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram