علي حسين
فى البداية وقبل هذا التاريخ بأعوام ، كنت مثل كثيرين يبحثون عن الغريب والمثير في عالم السياسة العراقية، كان هذا قبل أن تنفجر حنفية المضحكات بأشكالها وألوانها البراقة عبر نواب لايزال المواطن العراقي يتحسر على غيابهم عن الساحة مثل "عباس البياتي.. خالد العطية.. محمود الحسن.. عتاب الدوري..عواطف النعمة.. صالح المطلك وعشرات غيرهم"،
كانوا معيناً لجنابي في الاستمرار بكتابة عمود يومي، طبعاً لا يسعني إلا أن أوجه الشكر الخاص للسيد إبراهيم الجعفري الذي تفوق على الجميع ، وأثبت أنه المؤسس الحقيقي لمدرسة الكوميديا السياسية في العراق.
بعد سنوات سنكتشف أن المهازل السياسية ليست موسماً وينتهي، لكننا وجدنا مصابي وباء المهازل يتكاثرون وكأنهم يثبتون بالدليل القاطع أن هذه المدرسة لن تغلق أبوابها، وأن "جنابي" سيجد دائماً موضوعاً ساخناً يملأ به هذه الزاوية.
ولأنّ الله رحيم بالكتاب من امثالي ، فقد تلقيت بسرور بالغ خبر اختيار أحمد الجبوري " ابو مازن " محافظاً لصلاح الدين . والذي يؤكد أن انتخابات مجالس المحافظات مجرد فاصل كوميدي في تاريخ الديمقراطية العراقية .
ولهذا كانت المفاجأة الكوميدية في إصرار أبو مازن على أن يحول انتخابات مجالس المحافظات إلى مسرحية كوميدية من طراز خاص .
تتذكرون كيف خرج علينا ذات يوم أحمد الجبوري "أبو مازن"، ليطالبنا بأن نعطيه ثلاثين مليون دولار كي يصرفها على الغجريات !
فهي في نظره أفضل من العملية السياسية التي لا تريد أن تعطي رجلاً بحجم "أبو مازن" حقه، فمنصب وزير ومحافظ، وعرّاب صفقة رئيس البرلمان ونائب أو نائم دائم على قلوب العراقيين ، لا تكفي مسيرة أحمد الجبوري الذي طالبنا بأن نسميه "الزعيم".
مهمة السياسي في دول العالم التي لا يمثل فيها النائب دوراً كوميدياً ، هي أن يرتقي بالعمل السياسي، ويضع هموم الناس تحت المجهر.
يبدو أن مفهوم الكوميديا السياسية اليوم بدأ يشمل الشعوب التي تسلم أمرها بيد مسؤولين فاقدي الصلاحية والأهلية ويكفي أن نأخذ عينات من ساستنا "الأشاوس" كي نرى حجم الاستخفاف بالإنسان، فشراء الذمم وتزوير إرادة الناس وسرقة المال العام والمحسوبية والرشوة، جعلت من المواطن المسكين والمغلوب على أمره لا يملك إرادته ويعيش على هامش الحياة ولهذا لا مفاجأة على الإطلاق، في أن نكون على قائمة بؤساء العالم، ما المفاجأة في بلد يراد له أن يستقيل من التاريخ والجغرافيا والسياسة، وأن يجلس المواطن فيه على مقاعد المتفرجين والمشجعين؟
كنت وما زلت اتساءل في كل مرة يطرح فيها اسم ابو مازن: ماذا يعني اجبار العراقيين على العيش في ظلال عراب صفقة بيع المناصب .