TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مانديلا في مجلس النواب العراقي

العمود الثامن: مانديلا في مجلس النواب العراقي

نشر في: 11 فبراير, 2024: 09:58 م

 علي حسين

في مثل هذا اليوم الحادي عشر من شباط وقبل 34 عاماً أطلق سراح نيلسون مانديلا بعد أن قضى 27 عاماً في السجن . بالتأكيد لم يعرف العالم سياسياً مثل صاحب الابتسامة الدافئة ، ليس لأنه سُجِن أكثر من ربع قرن ، بل لأنه كان صاحب الشخصية الساحرة والمناضل المتسامح داخل السجن وخارجه، الرئيس الذي رفض إعادة إنتاج الظلم ، والسجين الذي قال لسجانيه: "عندما أخرج من هذا المكان سأمدّ يدي لكم لنبني معاً مستقبلاً جديداً لهذه البلاد".

في حكاية مانديلا التي كُتب عنها مئات الكتب وآلاف المقالات، ما الذي يمكن لكاتب مثل جنابي أن يضيف بعد أن تحولت حكاية الجوهرة الأفريقية إلى مرايا تعكس لنا صورة عفوية للتحولات الكبرى التي تحدث من حولنا، فقبل شهر والعالم يتابع الشكوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية ضد جرائم إسرائيل في غزة ، كانت صورة الزعيم الجنوب أفريقي وهو يبتسم تطوف في خيال الملايين في معظم أنحاء العالم ، فالكل يتذكر كيف كان وجود هذا الرجل ضمانة للعدالة الاجتماعية .

سحرَ مانديلا العالم بتواضعه، وبعفوه الدائم وبابتسامته السمحة وبإيمانه بأن السير نحو المستقبل أهم من لعبة إعادة الماضي واقصاء الخصوم . ولهذا عارض بشدة مطالب شعبه من السود بالتفرغ للانتقام فيكتب في مذكراته: "كنت أعلم أن حاجة الظالم إلى الحرية، أمسّ من حاجة المظلوم، فالذي يسلب إنساناً حريته، يصير هو نفسه أسيراً للكراهية والحقد ".

قبل سنوات وقفت أرملة مانديلا السيدة غراتشا ماتشيل لتذكر العالم بأن أهمية زوجها كانت : في مدى إدراكه بالشعور بالكرامة لدى كل فرد. وكانت له القدرة على فهم وتقدير ما يصبو إليه الآخرون. فهو ظل يؤمن حتى اللحظة الأخيرة من حياته بأن الإنسان لا يستطيع أن يبني جسور الثقة مع الآخرين إذا لم يدرك جيداً أن ثمة حقاً للآخرين أيضا يجب أن لا يصادر .

قبل وفاته بسنوات أجرت معه مجلة التايم حديثاً عن أهم درس تعلمه في السجن فأجاب بجمل قصيرة: " إن الشجاعة لا تعني انعدام الخوف.. إنما تعني تشجيع الآخرين لتجاوز الخوف .. إحرص على وجود أنصارك بقربك، ومنافسيك أقرب إليك " ، لم يستبعد أو يسحق منافسيه بل أصر على أن يجعلهم شركاءه.

لعل التجربة السياسية لزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا تستحق منا نحن العراقيين ان ندرسها جيدا ونحن نتابع برلماننا المقر وهو منقسم وتعلوا فيه نغمة الكراهية ، البعض يخون من يختلف معه ، والبعض الآخر يريد البرلمان لطائفة واحدة ، فيما ظل مانيلا يذكرنا بان "الإنسان الحق هو ذلك الذي لا يكرر خطأ الظلم الذي ناضل كي يرفعه".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدي باش

    البعض من النواب يعتقدون بأن أرتداء العلم العراقي و الصراخ ، يجعلهم أكثر وطنيةً من سواهم .. يا لخيبتهم و بؤس وطنيتهم !!

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram