TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مطاردة ساماراغو الفلسطيني

العمود الثامن: مطاردة ساماراغو الفلسطيني

نشر في: 17 فبراير, 2024: 11:00 م

 علي حسين

عندما أصبح في الثالثة من عمره قرر والده أن يستخرج له شهادة ميلاد ، وقف الأب أمام موظف التسجيل ليدون الاسم جوزيه دي سوزا ، وحين سأله موظف التسجيل عن اسم العائلة ، فكر قليلاً ثم قال " ساراماغو"،

وقد اكتشف الأب الورطة التي وقع فيها عندما قرر تسجيل ابنه في المدرسة الابتدائية، حين استغرب أحد المعلمين أن يكون لقب العائلة نوعاً من أنواع الفجل البري . جوزيه ساراماغو. المولود في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1922 في البرتغال ، عاش حياته التي امتدت 88 عاماً يؤمن بمقولة سقراط الشهيرة "إعرف نفسك" ، في شبابه اضطر أن يعمل في الكثير من المهن ، لكنه برغم الظروف كان يردد: " إننا نعيش الحياة كلها .. وإن بامكاننا أن نمتلك حياة أكثر غنى وأكثر إنسانية " ، قبل نيله جائزة نوبل للآداب عام 1998 كانت الصحافة تتحدث عن استحالة حصول صاحب رواية " العمى " على الجائزة لأنه شيوعي ، وكان يسخر من هذه الأخبار ويقول :" على الأكاديمية السويدية أن تكون أدبية وحسب ، لأنني أستطيع اليوم أن أقول إنني لن أتخلى عن كوني شيوعياً من أجل الفوز بهذه الجائزة ، إذا كان علي أن أختار بين جائزة نوبل وقناعتي فانني سأتخلى عن نوبل".

ظل ساراماغو من أبرز المناصرين للقضية الفلسطينية ولم يكتف بالتعاطف مع الفلسطينيين بل أشار وبوضوح إلى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في حقهم ، وعندما زار الضفة الغربية عام 2022 قال أمام الصحفيين: " ما يحدث هنا يصدر عن روح مماثلة للنازية وهذا واضح جداً "، في واحدة من تدويناته التي كتبها عام 2008 يشير إلى التجويع الوحشي الذي تتعرض له غزة تحت طائلة حصار مشين ، فينعت الأمم المتحدة بالجبن واصفاً إسرائيل بالضالعة في الوحشية والكراهية.

عارض الفاتيكان منح ساراماغو جائزة نوبل بسبب روايته "الإنجيل برواية يسوع المسيح" التي جعل المسيح فيها يصارع رمزاً عصرياً متعطشاً إلى السلطة على حساب عذاب الآخرين وموتهم. يسخر من لقب الملحد ، فهو لا يسخر من الأديان ، فما يسخر منه ويدينه هو هذه السيادة التي تتمتع بها الكنيسة على الشعب ، هذه السيطرة التي تجعل الناس تتكبد كل شيء ، فهو يدين بقوة تحالف رجال الكنيسة مع السلطة السياسية في أحلك سنوات الدكتاتورية :" هدفي عدم التخلي عن الناس الذين جاؤوا إلى هذا العالم في الظلام ".

بعد وفاته بأربعة عشر عاماً يجد ساراماغو نفسه مطارداً وممنوعاً من جديد ، بعد أن قررت اللجنة المشرفة على معرض كربلاء للكتاب غلق جناح دار الجمل بسبب روايات المحب لفلسطين والانسانية ساراماغو .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram