TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أفكار ضد الرصاص

العمود الثامن: أفكار ضد الرصاص

نشر في: 24 فبراير, 2024: 10:51 م

 علي حسين

لا أدرى من أين جاء البعض بهذه القدرة على الاستخفاف بالأمور وهم يقفزون بمنتهى الخفة على محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون ، فيمرون على هذا الموضوع بمنتهى الغباء والحقد ، وكأن ما جرى لم يكن جريمة فى حق مواطن عراقي ،

فما بالك وأن الذي تعرض للاغتيال يعد واحداً من أبرز رجالات الإعلام والثقافة في العراق سعى ولا يزال أن يجعل من الكلمة صوتاً يدافع عن قضايا المواطن البسيط، فوقف بصلابة، ضد أمراء التطرف سواء كانوا من الإرهابيين أم المفسدين، وتصدى لشيوخ التطرف وهم يحاولون خلط الدين بالسياسة..

منذ افتتاحيته للعدد الأول من صحيفة (المدى) عام 2003 ندرك أن فخري كريم أراد لصحيفته أن تكون مفتوحة الرئتين لكل هواء نظيف.. من هذا المنطلق كانت (المدى) الصحيفة والمؤسسة ولا تزال جزءاً من عقل الاعلام العراقي النظيف.. العقل الذي يحدد كل يوم أجندة الكتاب والأقلام من خلال القضايا التي تطرحها من دون هوادة أو خوف، وفيها يتعلم العاملون جرأة الكاتب ، والاشتباك مع الأفكار الخاطئة، التي ينبغي هدمها وإفساح الطريق أمام عالم جديد.

في كل افتتاحياته ومقالاته ، نقرأ درس الوطن والحرية ، محذراً من سياسات البعض ممن يكرهون الحرية ويقيمون جداراً بينهم وبين الناس ، ويشيعون الخراب.. ولهذا ظل فخري كريم ولا يزال مغرماً بالحرية ورجالها يطرب حين يجد أحد كتاب (المدى) يقتبس شيئاً من الكواكبي، أو فولتير أو الجواهري.

كاتب وسياسي تجذبه تلقائية الكلمة مصحوبة بالتأمل والتفكير واستخلاص عبر التاريخ وتوظيفه لكسب الحاضر والمستقبل، ولهذا نراه ينتقي في كتاباته من حقول الثقافة، الأحداث والشواهد التي تثري ذاكرتنا وتعمل على إنضاج الوعي وشحذ الإرادة وتأكيد إيمانها بالديمقراطية والحرية،. ولعل كتاباته ومواقفه تأتي من شخصيته التي هي مزيج من المثقف والسياسي.. وعلى قدر معرفتي أحسب أن أحلامه الوطنية ظلت دوماً متأججة وترفض أن تخبو أو تتوارى أمام توالي الهزائم والانكسارات والتهديدات التي ختمها البائسون برصاصات الاغتيال الدنيئة .

فارس الكلمة الحرة وناشر لأهم صحيفة في العراق ، حاول أن يرسخ مفهوماً وطنياً مبسطاً وعميقاً في آن، يوحد فيه الطوائف على قيم وطنية جامعة بينها. كان واضحاً ومباشراً وصريحاً في هجومه وانتقاده للممارسات الطائفية ولسرقة المال العام الأمر الذي يجعلنا نطلق على هذه الكتابات وصف " افكار ضد الرصاص " .

للاسف في ظل نظام اعتقد المواطن أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات يفترض أنها في خدمة الشعب، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لازاحة المختلفين معهم .

لعل ما جرى في محاولة الاغتيال هو جريمة كاملة، وستبقى عاراً يلاحق مرتكبيها ومَن فوّضهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram