علي حسين
لا أدرى من أين جاء البعض بهذه القدرة على الاستخفاف بالأمور وهم يقفزون بمنتهى الخفة على محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون ، فيمرون على هذا الموضوع بمنتهى الغباء والحقد ، وكأن ما جرى لم يكن جريمة فى حق مواطن عراقي ،
فما بالك وأن الذي تعرض للاغتيال يعد واحداً من أبرز رجالات الإعلام والثقافة في العراق سعى ولا يزال أن يجعل من الكلمة صوتاً يدافع عن قضايا المواطن البسيط، فوقف بصلابة، ضد أمراء التطرف سواء كانوا من الإرهابيين أم المفسدين، وتصدى لشيوخ التطرف وهم يحاولون خلط الدين بالسياسة..
منذ افتتاحيته للعدد الأول من صحيفة (المدى) عام 2003 ندرك أن فخري كريم أراد لصحيفته أن تكون مفتوحة الرئتين لكل هواء نظيف.. من هذا المنطلق كانت (المدى) الصحيفة والمؤسسة ولا تزال جزءاً من عقل الاعلام العراقي النظيف.. العقل الذي يحدد كل يوم أجندة الكتاب والأقلام من خلال القضايا التي تطرحها من دون هوادة أو خوف، وفيها يتعلم العاملون جرأة الكاتب ، والاشتباك مع الأفكار الخاطئة، التي ينبغي هدمها وإفساح الطريق أمام عالم جديد.
في كل افتتاحياته ومقالاته ، نقرأ درس الوطن والحرية ، محذراً من سياسات البعض ممن يكرهون الحرية ويقيمون جداراً بينهم وبين الناس ، ويشيعون الخراب.. ولهذا ظل فخري كريم ولا يزال مغرماً بالحرية ورجالها يطرب حين يجد أحد كتاب (المدى) يقتبس شيئاً من الكواكبي، أو فولتير أو الجواهري.
كاتب وسياسي تجذبه تلقائية الكلمة مصحوبة بالتأمل والتفكير واستخلاص عبر التاريخ وتوظيفه لكسب الحاضر والمستقبل، ولهذا نراه ينتقي في كتاباته من حقول الثقافة، الأحداث والشواهد التي تثري ذاكرتنا وتعمل على إنضاج الوعي وشحذ الإرادة وتأكيد إيمانها بالديمقراطية والحرية،. ولعل كتاباته ومواقفه تأتي من شخصيته التي هي مزيج من المثقف والسياسي.. وعلى قدر معرفتي أحسب أن أحلامه الوطنية ظلت دوماً متأججة وترفض أن تخبو أو تتوارى أمام توالي الهزائم والانكسارات والتهديدات التي ختمها البائسون برصاصات الاغتيال الدنيئة .
فارس الكلمة الحرة وناشر لأهم صحيفة في العراق ، حاول أن يرسخ مفهوماً وطنياً مبسطاً وعميقاً في آن، يوحد فيه الطوائف على قيم وطنية جامعة بينها. كان واضحاً ومباشراً وصريحاً في هجومه وانتقاده للممارسات الطائفية ولسرقة المال العام الأمر الذي يجعلنا نطلق على هذه الكتابات وصف " افكار ضد الرصاص " .
للاسف في ظل نظام اعتقد المواطن أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات يفترض أنها في خدمة الشعب، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لازاحة المختلفين معهم .
لعل ما جرى في محاولة الاغتيال هو جريمة كاملة، وستبقى عاراً يلاحق مرتكبيها ومَن فوّضهم.