بغداد/ نورا خالدبعد أن سيطرت الآلة على كل شيء، ومع ظروف التغيير والتكنولوجيا الحديثة التي دخلت كل المجالات، شارفت العديد من المهن على الزوال والاندثار، ومن تلك المهن تجليد الكتب، التي تحتاج إلى دقة وذوق وفن كما قال احمد علي الذي استهوته هذه المهنة منذ الصغر وأصبح احد محترفيها فيما بعد.وأضاف:
لا تحتاج هذه الحرفة سوى إلى أدوات بسيطة وهي الفرش والإبر والمقص والطخماخ والكتر وكابسة وخيوط وغراء، والتي يجب على صاحبها ان يتعامل معها برفق،كي يستطيع إن يكمل عمله بصورة صحيحة ودقيقة، وأمام منافسة الآلة الحديثة استطاع احمد أن يحافظ على حرفة تجليد وصيانة الكتب القديمة كموروث قديم بمساعدة أدواته البسيطة.وعن زبائنه قال: أكثر الزبائن هم الطلبة وأساتذة الجامعات وأصحاب المكتبات الكبيرة التي تضم، الكتب القديمة و الدينية والمصاحف الشريفة النادرة وكتب التفاسير القرآنية وأحاديث الرسول الذين يحاول أصحابها الحفاظ عليها من التلف، نتيجة لملامسة الأيدي المستمرة لصفحات الكتاب،ولاسيما الأولى منه عند حمله أو سحبه من رف المكتبة، وأبدى احمد مخاوفه من اندثار هذه المهنة بسبب قلة الأيدي العاملة في هذا المجال فلا يمكن لأي شخص إن يقوم بهذا العمل إن لم يكن مؤهلا ولديه إلمام ومعرفة بأدق تفاصيلها التي من المفترض إن يتعلمها من (الاسطة) لسنوات عديدة حتى يبدع فيها.وأضاف: على الرغم من إن هذه المهنة لم تعد تدر ربحاً يسد الحاجة إلا إنني لا استطيع تركها فهي المهنة التي ورثتها عن والدي. في منطقة باب المعظم وجدته جالساً في محله الذي يعجّ بالكتب القديمة شبه التالفة والمكدسة فوق بعضها البعض وعلب الغراء مرمية هنا وهناك، في البداية رفض إن يتحدث معي ولكنه عدل عن رأيه، وقال لي بلهجة حادة (شتريدين؟) قلت له أريد إن تحدثني عن مهنتك وهل ما زال هناك إقبال عليها؟ فأجاب: التطور التكنولوجي ودخول الكومبيوتر والأقراص الليزرية التي يمكن إن تسجل على سطحها أكثر الكتب ندرة، أثر كثيراً على مهنتنا التي قاربت على الزوال وأصبحت من المهن القديمة والتراثية، في زمن أصبح فيه الكتاب مُهملاً في حياتنا مقارنة مع الإنترنت والفضائيات، التي استقطبت جمهوراً واسعاً من المثقفين وغير المثقفين، وأضاف: عانيت الكثير وتعبت أكثر حتى استطعت أن أُلمّ بأسرار هذه المصلحة والتي أصبحت اليوم حرفة مهملة والسبب في ذلك لجوء الناس إلى التجليد والتغليف الآلي.
تجلــــيد الكـتب..مهنة هزمتها التكنولوجيا الحديثة
نشر في: 13 أكتوبر, 2010: 06:32 م