TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > آخر صناع الأحذية في مدينة العمارة:المنتجات الصينية ختمت على حرفتنا بالشمع الأحمر

آخر صناع الأحذية في مدينة العمارة:المنتجات الصينية ختمت على حرفتنا بالشمع الأحمر

نشر في: 30 أكتوبر, 2010: 06:13 م

  ميسان / رعد الرسام   تصوير / حازم خالد ثمانون حولا ويزيد، لم تفت في عضد الهرم الذي ما زال مفعما بروح الشباب، وكأي رجل كادح،ينهض صباح كل يوم متحديا عربة الزمن التي تحاول خنق صهيله، الذي يؤكد  بقاءه وتواجده في خضم الحياة، ساحبا جسده النحيل نحو دكانه الصغير في أحد شوارع محلة الجديدة وسط مدينة العمارة، ليمارس حرفته التي أفنى سني فتوته وشبابه ورجولته فيها ولا يزال وهو في الثانية والثمانين من عمره مصرا على ممارستها برغم  غياب الزبائن.
إنه  آخر من تبقى من صناع الأحذية  الجلدية في مدينة العمارة، مهدي بيجان كاظم  الذي تشير بطاقته الشخصية الى أنه من مواليد العام 1928  ولكنه يزعم أنه من مواليد 1922 ساندا قوله الى ذاكرته التي ما زالت تحتفظ  بجملة من الأحداث التاريخية التي شهدتها أواخر عشرينيات القرن الماضي، وعن بداياته في هذه الحرفة وذكرياته عنها قال للمدى " بدأت العمل يوم كنت صبيا، في ورشة لصناعة الأحذية كان يديرها أحد الحرفيين اليهود في خان الشيخلي بمدينة العمارة، حيث كانت هنالك حوالي 80 ورشة صغيرة في عموم المدينة ايام الثلاثينيات، يدير اغلبها حرفيون مهرة من أبناء الطائفة اليهودية وقد تعلمت اسرار هذه الحرفة بالتدريج ومن ثم افتتحت ورشتي الخاصة في سنة 1958 ولم أعمل في اية مهنة أخرى منذ ذلك الحين."  مؤكدا أنه آخر من تبقى في هذه المهنة في مدينة العمارة  بعد أن غيب الموت بعض زملاء الحرفة فيما ترك الآخرون هذا العمل منذ سنوات.وذكر كاظم أن المواد الأولية لصناعة الأحذية والمتمثلة بالجلود كانت ترد العمارة من مدينة الموصل وبغداد  لافتا الى أن الجلود كانت ترد جاهزة للتصنيع أي مدبوغة ومصبوغة مبينا أن الحذاء كان يصنع من جلد الماعز فيما تستخدم جلود الأبقار لصناعة قاعدة وكعب الحذاء. وعن الآلات المستخدمة ايام ذاك في هذه الصناعة أوضح " معظم العمل كان يجري بشكل يدوي، فهنالك قوالب مختلفة القياسات تستخدم لمعرفة قياس قدم الزبون ومن ثم يتم الاتفاق معه على شكل وطراز الحذاء المرغوب ولونه لنقوم بعدها بتصنيعه علما أن عملية تجميع اجزاء الحذاء كانت تتم باستخدام اسلوب الخياطة حيث تمتاز الأحذية المصنعة بهذه الطريقة بالمتانة والجودة وتعمر لسنوات ". وعن أسعار الأحذية التي كان يصنعها وأهم زبائنه المشهورين، قال أن تكلفة صناعة الحذاء في الخمسينيات لم تتجاوز نصف دينار ولا يستغرق صنعه أكثر من يومين او ثلاثة أيام أما زبائنه المشهورون فهم كثر ولكنه ما زال يتذكر زبونه المفضل الشيخ محمد العريبي الذي قال عنه أنه كان يفد الى محله راكبا حصانه المسروج. وإذ لاحظنا فراغ  دكانه الصغير من أي منتوج  عدا عدد من القوالب الخشبية  التي علاها الغبار والتي كانت تستخدم في صناعة الأحذية سألناه عن العمل الذي يمارسه الآن فأجاب بحسرة " عملي في صناعة الأحذية توقف تماما إثر سقوط النظام البائد حيث غزت الأسواق الأحذية المستوردة وخصوصا الصينية التي وبرغم رداءتها كونها مصنوعة من مواد ورقية ونايلون وليس من الجلد، ولكن هنالك إقبال كبير عليها لرخص ثمنها، ولذا فعملي يقتصر حاليا على تصليح الأحذية والشحاطات  وأحيانا أقوم بصناعة  جوادر السيارات رغم ندرة الزبائن "  ووصف كاظم سنوات التسعينيات بالذهبية كون عمله كان في اوج أزدهاره ايامئذ موضحا "في التسعينيات تراجع دخل الناس كثيرا بسبب الحصار ولم يكن بمقدور الأغلبية استبدال أحذيتهم التالفة بسبب أرتفاع الأسعار  قكانوا يلجأون لنا لنقوم  بتصليحها ولأكثر من مرة في الموسم، وقد لا تصدق أن واردات عملي خلال التسعينيات مكنتني من شراء دار سكنية وأكثر من 3 كغم من المصوغات الذهبية ". 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

واسط على موعد مع فعاليات مهرجانها السينمائي الدولي العاشر بمشاركة 18 فيلماً قصيراً

واسط على موعد مع فعاليات مهرجانها السينمائي الدولي العاشر بمشاركة 18 فيلماً قصيراً

 واسط / جبار بچاي تنطلق في محافظة واسط، خلال القليلة المقبلة فعاليات مهرجان واسط السينمائي الدولي العاشر للأفلام القصيرة بمشاركة 18 فيلماً من تسع دول عربية إضافة الى إيران التي تشارك بفيلمين، الأول...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram