لعبة التجارة الإقليمية
إذا استمرت تركيا في سياستها بتقليل الحصة المائية، فإننا نقطع العلاقات التجارية معها وكذلك بنفس الزخم مع إيران في مشكلة روافدنا من الشمال إلى شط العرب. هذا الملف باختصار شديد حيث تتقاذفه التجارة والاستثمار إذا كانت هناك إرادة وطنية يتوجب أن تضع حداً لمثل هذه المقايضة ولا اسميها تجارة لأن الشرط التجاري سيكون مثقلاً سياسياً إن لم نقل طائفياً .
فالاستثمار والتجارة مع هذه البلدان بلغا أرقاماً لم يبلغاها من قبل. واستعمالهما كسلاح، لغرض تدفق مياهنا وليس مجرد عملية ضغط متبادل لان العراق سيكون الخاسر الأول في عملية تبادل الضغوط لاعتبارات أهمها عدم اكتمال أجهزته وأدواته السياسية والاقتصادية والمالية ، فالجانب التركي له امتداد في العمق الكردستاني من ناحية الاستثمار والمصالح التجارية، ويكاد يكون شمالنا ساحة مفتوحة له رغم المشكلة المزمنة في الحدود والعنف الجاري هناك. ومقاطعة تركيا تجارياً من قبل المركز غير مضمونة النجاح بفضل الإرادة غير الموحدة كما تجلت في كثير من المناسبات السياسية.
أما إيران فهي كذلك تستفيد كثيراً في تجارتها مع العراق بحيث أصبح العراق الشريك التجاري الأكبر تجارياً، والشريك الأصغر من ناحية تدفق المياه كما لمسناها في نهر الوند وديالى ومنع تدفق المياه إلى بحيرة دوكان. وهكذا الى الكارون وتلوث شط العرب.
فهل أوراقنا التجارية الاستيرادية توصلنا إلى عملية التكافؤ الاقتصادي والسياسي ثم التجاري؟ كيف يكون ذلك وأننا لا نزال حتى بنية تحتية للتجارة ( الاستيراد ) غير متوفرة ( سيطرة نوعية ، تعرفة كمركية ) فهذه الأدوات تشكل عامل ضبط وتنظيما للتدفق العشوائي استيراداً أو تصديرياً ( تهريب ) . إذ لدينا تصدير غير رسمي أي تهريب كما يحصل في المشتقات النفطية وحتى النفط الخام بسبب ضعف أداء المنافذ الحدودية وهي على تماس مباشر يومي، ليلاً ونهاراً، مع الجارتين ولا شك أن هذه اللعبة التي نخسر بها يومياً ( استيراداً عشوائياً وتهريباً كأنه شر لا بد منه ) تشجع باقي الجيران على التجاسر تجاريا ثم سياسياً. فالكويت لنا معها لعبة البند السابع كورقة ضاغطة، والسعودية لنا أيضاً
معها ورقة الديون التي دفعتها أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، والتي لم تشملها تخفيضات نادي باريس لاعتبارات سياسية إن لم نقل طائفية. هكذا الأردن يستفيد من العراق كونه رئة ومنتجعاً لساستنا ونعامله معاملة خاصة من ناحية النفط . أما سوريا فقد كان لها قديماً وحديثاً ممارسات حددتها عوامل السياسة بسبب انشقاق البعث ومشكلة المياه آنذاك معروفة. وهكذا بعد ( 2003 ) معروفاً كان الدور ولا نعلم ما سيترتب بعد ذلك والغالب أنه سلبي سياسياً وتجارياً .
ولذلك فإن السياسات التجارية المعتمدة من الجيران دمرت الإنتاج الصناعي والزراعي بسياسة الإغراق وسياسة الضغط على المياه ببناء السدود والخزانات ازدادت الأرض تصحراً. ورافق ذلك نفوذ سياسي وصل للعظم، إذ كثيراً ما نسمع عن الأجندة الخارجية في الكهرباء وإنعاش الزراعة ومشكلة الاستثمار والبنى التحتية، حيث وصلت الأصابع الإقليمية والدولية وراءها إلى أحشاء العراق. رغم أنه موضوعياً جميع عوامل النجاح والإدارة الوطنية متوفرة.
فاللعبة الإقليمية والدولية تجارياً دمرت العمل السياسي والصناعي والزراعي وحتى السياحي فمن يقص أجنحتها؟
عمود فضاءات عدد(2618)
[post-views]
نشر في: 10 أكتوبر, 2012: 06:14 م
جميع التعليقات 1
حازم عبد الهادي
موضوع قيم استاذ ثامر