TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: الإنتاج المشترك

كلاكيت: الإنتاج المشترك

نشر في: 15 مايو, 2024: 10:18 م

 علاء المفرجي

لم يكن التطور التكنولوجي والرقمي، الذي أصاب السينما في العقود القليلة الماضية، والذي فرض تكلفة كبيرة على صناعة الأفلام وتسويقها، أقول لم يكن هذا التطور وحده الذي نال فن السينما، بل إن المشهد السينمائي نال التطور نفسه في الإنتاج والعرض والتسويق والترويج، وغيرها من الأمور التي تتصل بصناعة الفيلم؛ وهو الأمر الذي جعل السينما تعيش في السنوات الأخيرة عصرها الذهبي.

ولأن الإنتاج هو المفصل الأساس في صناعة الفيلم، فقد اتخذ أشكالاً عدة في هذا التطور، بوصفه البنية التحتية لهذه الصناعة، بل له الكلمة الحاسمة في تنفيذه.

ومن بين الأشكال التي دخلت في السنوات الأخيرة هو الإنتاج المشترك، الذي أصبح لازمة للإنتاج السينمائي العالمي، وحتى للشركات والاستوديوهات الكبيرة.

وسأتوقف في هذا العمود عند تجربة الإنتاج المشترك، التي خاضها عدد من سينمائيينا، وكانت بلا شك أحد العناصر المحركة لبعث النشاط السينمائي في العراق في السنوات الأخيرة، وفرض وجوده في المشهد السينمائي أقلها في المهرجانات العربية، ودخوله المهرجانات السينمائية العالمية، بل وحصول بعضها على جوائز هذه المهرجانات.

ولكي تؤدي ممارسة الإنتاج المشترك دوراً إيجابياً فيما يمكن أن تلعبه في خلق سينما وطنية، من دون أن تمارس دورها السلبي في وضع العراقيل أمام ذلك، فالهدف هو تأسيس سينما ذات هوية واضحة من دون الاكتفاء بفيلم هنا وفيلم هناك، وأيضا محتفظة بهويتها الحقيقية دون الانتساب للجهة الممولة (بكسر الواو).

وبرغم هذا، فإننا نرى أن البحث المستمر منذ انطلاق النشاط السينمائي في العراق، عن سينما ذات هوية واضحة، قد وجد ضالته في الإنتاج السينمائي المشترك وخاصة مع الدول الأوربية، والتي جعلت الأفلام العراقية ترتقي الى منصات المهرجانات الدولية، وإن كانت قليلة بالنسبة لتاريخ هذه السينما، إلا انها الخطوة الأولى في طريق تحقيق سينما ذات هوية واضحة، وإنتاج سينمائي وافر.

ولأن الإنتاج المشترك يفرض بشكل أو بآخر أن تكون موضوعة ومعالجة الفيلم ذات ملمح عالمي وليست محلية، وأيضاً الاتفاق على رأس مال مشترك، وما يتبع ذلك من اختيار ممثلين وفنيين من أطراف الإنتاج، وكل التفاصيل متفق عليها، فإن ذلك يدفع الطرف الممول (بنصب الواو)، إلى أن يلجأ الى معاينة أخرى للاتفاق في الشراكة في الإنتاج، عبر الاتفاق على أن تقتصر الشراكة عـلى التمويل فقط من دون فرض شروط تعسفية من قبيل اختيار الممثلين والفنيين، بل والتدخل حتى في كتابة العمل، هذا إن كان الطرف الممول (بنصب الواو) يحترم نتاجه وله هدف في إبراز هويته.

وأرى ان مثل هذه الرغبة للمموَل، قد تحققت فعلاً في المهرجانات السينمائية عبر أقسامها التي تعنى بإنتاج الأفلام مثل (سند) في مهرجان أبو ظبي السينمائي، و(إنجاز) في مهرجان دبي السينمائي، أو صندوق التمويل في مهرجان الجونة السينمائي، أو الفاينل كات في مهرجان فينيسيا، وهكذا مع مهرجان بوسان في كوريا الجنوبية، ومهرجان برلين، قبل عملية الإنتاج أو بعده، أو تطوير السيناريو، أو حتى كفكرة كما حصل في مهرجان البحر الأحمر السينمائي.

فالافلام أو المشاريع السينمائية العراقية التي دخلت في حومة هذه الأقسام، مثل أفلام محمد الدراجي، واحمد ياسين، ومهند حيال، وشوكت أمين كوركي وسهيم عمر، والقائمة تطول، والذين استطاعوا من تحقيق أفلام كانت جديرة بالمنافسة في المهرجانات الدولية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

العمود الثامن: في محبة المرأة

 علي حسين أصبح العالم اليوم مسكونًا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دو...
علي حسين

قناديل: اليسار الجديد: أصولية عابثة وعُصابٌ جمعي

 لطفية الدليمي تتكرّرُ على مسامعنا كثيراً عبارةٌ قالها (غوبلز) وزير الدعاية النازية: كلّما سمعتُ كلمة (الثقافة) تحسّستُ مسدّسي. اليوم صار كثير ٌ منا يتحسّسُ رائحة أزمة عالمية النطاق كلّما سمع مفردة (الجديد) ملحقةً...
لطفية الدليمي

قناطر: مسلسل معاوية... جرُّ القناعات الى مسلخ الأوهام

طالب عبد العزيز مع أنَّ كلَّ تعريف للتأريخ يرجع الى وجوب توافر الوثيقة، إذْ لا تأريخ بدون وثيقة، إذْ أنه الأحداث والوقائع التي تقدّمها لنا الوثائق والمصادر، كما تعرف كلمة 'التاريخ' في اللغة العربية...
طالب عبد العزيز

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

محمد الربيعي جامعة بغداد صرح علمي شامخ، واحد ابرز منارات المعرفة في العراق والعالم العربي. تاسست عام 1957، لكن جذورها تمتد الى بدايات القرن العشرين مع تاسيس كليات الحقوق والطب والهندسة. لعبت الجامعة دورا...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram