يعقوب يوسف جبر
لا يختلف عاقلان حول أهمية أن يملك الاشخاص من ذوي المناصب العليا في الدولة ثقافة سياسية ليس فقط في المجال النظري بل ثقافة منتجة وثقافة اخلاص ونزاهة.
فأي رئيس وزراء في أية حكومة هو بحاجة ماسة الى هذه الثقافة والمعرفة وكذلك كل وزير وكل عضو في مجلس النواب.
لكن ماهي هذه الثقافة؟
1ــ إلمامه بالمصطلحات السياسية التي درجت الدول على استخدامها ومن ابرزها مصطلح سياسة الذي يعني إدارة الشؤون السياسية بالشكل الذي يحقق اهدافا سياسية تصب في منفعة الصالح العام.
2ــ معرفته بقواعد إدارة الشؤون السياسية التي تدخل ضمن اختصاصه.
3ــ اعتقاده الجازم ان وظيفته تنحصر في تلبية متطلبات الجمهور والبلد.
4ــ ركونه الى الخبرات السياسية لدى الخبراء من ذوي التجربة السياسية الطويلة.
5ــ امتلاكه القدرة على وضع السياسة حسب وظيفته المكلف بأداءها.
اضافة ذلك ينبغي لكل صاحب منصب سياسي ان يتمكن من استثمار منصبه والمؤسسة التي يترأس شؤونها وإدارتها في تحقيق اهداف ذات نفع عام. لو افترضنا ان هذه المؤهلات غير متوافرة لدى صاحب المنصب فإن منصبه سيتحول الى وسيلة للفساد والضرر الذي سيلحق المصلحة العامة والخاصة. من هنا تقتضي الضرورة ان يسند المنصب الرفيع لمن يستحقه ولمن يملك القدرة على حمل هذه الامانة.
كم من صاحب منصب فشل لكنه لم يعترف بفشله ولم يتنح عنه مما تسبب في هدر الامكانيات الهائلة المخصصة لإدارة شؤون وزارته. ان من مصاديق نجاح صاحب المنصب هو ماتحققه وزارته من إنجازات ومشاريع واهداف عملاقة، لكن ذلك يتطلب المزيد من الجهد والتخطيط وهو مايسمى بصناعة المنجزات.
خلال تجربة مابعد 2003 هل نجح جميع اصحاب المناصب في تحقيق هذه الغايات؟ نجح البعض لكن دون مستوى الطموح وفشل الآخرون فشلا ذريعا مما خلق ردود افعال سيئة لدى الرأي العام. فمن فشلوا كان همهم تحقيق مصالحهم الشخصية ومصالح الاحزاب التي ينتمون اليها رغم انهم مؤتمنون على هذه الامانة. كان من المفروض والمنطقي ان يحترم كل ذي صاحب منصب وظيفته لأنها وسيلة لخدمة البلد ومجتمعه. ما لاحظناه خلال السنوات الفائتة أن استغلال المناصب الوظيفية من قبل البعض لتحقيق غايات فاسدة وتشجيع الفساد هو أمر مؤسف. والسبب ان هؤلاء لايملكون ثقافة سياسية رصينة مقترنة بنزاهة واخلاص ووطنية.
من هنا تمس الحاجة الى تسنم المناصب من قبل اناس مخلصين مثقفين وخبراء لكي تتحقق الغايات الوطنية الكبرى.