TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: يجلس مُبتسماً !!

العمود الثامن: يجلس مُبتسماً !!

نشر في: 5 مايو, 2024: 11:41 م

 علي حسين

قبل أكثر من ستين عاماً كان الشهيد أبو سعيد "عبد الجبار وهبي" يكتب في زاويته الصغيرة في صحيفة اتحاد الشعب شيئاً عن مساحات الأمل: " تعلمت أن أرى حريتي وأخلط فرحي بشيء من أحلام الناس" يومها كانت الدنيا أكثر هناء، لم يكن الهم قائماً، والبؤس مقيماً، كان هناك وقت ومتسع للأمل،

في ذلك اليوم من عام 1960 نظر أبو سعيد من نافذة غرفته المطلة على إحدى زوايا شارع الكفاح.. متأملاً أحوال البلاد المثيرة للدهشة وهو يراها تعيد صياغة نفسها كل يوم، ويقرأ ملامح رفاقه الذين قد يختلفون على أشياء كثيرة ، لكنهم يتمسكون جميعاً بخيارهم الوطني وشغفهم الذي زرعه في وجدانهم، المعلم الأول "فهد" وهو شغف حب الوطن والدفاع عن حريات الناس وآمالهم ومستقبلهم.. وقدم لهم نموذج المناضل الذي يتعلم من الناس القيم الإنسانية والجرأة على الدفاع عنها، والشجاعة والإقدام في خوض غمار الحياة، والبذل والعطاء والتضحية التي تظل هاجساً مرافقاً لهم طوال حياتهم.

منذ انطلاقة الحزب الشيوعي العراقي الأولى قبل 90 عاماً لم يفصل أبناء الحزب بين ذواتهم ومآثر وطنهم وقضاياه. وظلوا يعيدون صياغة حياتهم ليصبحوا أكثر استعداداً لتكريسها في تحديد مسارات الحرية لبلادهم والارتقاء باستعداد شعبهم للتحديات التي تتطلبها، والكوكبة من المناضلين الذين أطلقهم الحزب الشيوعي العتيد إلى سوح الكفاح ومعتركاتها في بغداد والأنبار والسليمانية والبصرة وذي قار وميسان وأربيل والحلة والكوت ومعظم مسالك الحياة في سائر انحاء العراق، شع من بينهم "أبو سعيد" الذي كان ينشر الأمل كل صباح من خلال عموده الصحفي اللّماح وهو يحمل نفحات حب الوطن ودروس النضال والتضحية وتكريس مفاهيم النزاهة والترفع عن كل ما يضعف القيم النضالية.

اليوم تبدو كتابات " أبو سعيد " في استعادتها كأنها نشيد بلازمة واحدة تتكرر، السجن، النضال، حب الناس والدفاع عن حقهم في حياة كريمة ، عبد الجبار وهبي الذي ضحى بحياته ، تحت التعذيب الوحشي، سلم مكانه إلى شمران الياسري " أبو كاطع " الذي قضى منفياً ، مطارداً في دروب الغربة، إلى مئات من خيرة المثقفين والمبدعين الذين تعلمنا كتاباتهم ونتاجاتهم الإبداعية، أن نتحسس نبض الوطن، ونعكس هموم الناس وآمالهم وتطلعاتهم وننأى عن الأصوات التي تدفع نحو تشويه الحقائق وتزوير وقائع التاريخ.

تأخر هذا المقال وكان يفترض أن أكتبه والأصدقاء الشيوعيين يحتفلون بمرور تسعة عقود على ميلاد حزبهم ، لكني ياسادة كنت أشعر بالأسى وانا اشاهد احتفال الحزب يخلوا من اصحاب الفخامات رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو حتى من يقوم بمهام رئيس البرلمان ، غاب الجميع ، لكنهم بعد ايام سيسارعون جميعا لحضور احتفال كتل سياسية ، ميزتها ان لها مقاعد في البرلمان ، حيث يجلس رئيس الجمهورية مبتسما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسن الزبيدي

    منذ 12 شهور

    مافائدة الحوار والكلام معهم وعلى کولة اهلنا منين اجيب احساس للي مايحس

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: رايات وولاءات

لنستفد من الصين بذكاء.. لا بانشاء جامعة متخصصة

العمود الثامن: خزعبلات عالية نصيف!

قناطر: قمة بغداد العربية. . معادلة البقاء والزوال

العمود الثامن: شيء مؤسف

العمود الثامن: خزعبلات عالية نصيف!

 علي حسين بالأمس وأنا اتجول مع الصديق الشاعر زعيم نصار، توقفنا عند بائع كتب يعرض بضاعته الثمينة على الرصيف، فلمحت من بين الاغلفة البراقة غلاف رواية "الجحيم" للفرنسي هنري باربوس وكنت قد قرأتها...
علي حسين

قناطر: شعبوية الحكم وجوهر الثقافة

طالب عبد العزيز نقابياً، لا تشبه المجموعة المثقفة(شعراء، كتاب، فنانون..)أيَّ مجموعة نقابية أخرى، فهي لا تشترط على المتقدم للإنتماء لها حصوله على شهادة جامعية مثلاً، كما هو الحال في نقابة الأطباء والمهندسين والمحامين والاقتصاديين...
طالب عبد العزيز

لم تعد باريس كما كانت بوجود سارتر وبعد غيابه

د. جواد بشارة في أحد أيام شهر نيسان، وبالتحديد يوم الخامس عشر من أبريل نيسان 1980، خرجت هائماً على وجهي تغزوني مشاعر الحزن لأنني سوف لن أنظر إلى باريس كما كنت أنظر إليها قبل...
د. جواد بشارة

كيف ولماذا أضعف ترامب القوة الاستراتيجية للمجتمع المدني؟!

فيرونيك تشابورين ترجمة : عدوية الهلالي يبدو أن دونالد ترامب بدأ منذ الأشهر الأولى من ولايته في تفكيك القوى المضادة في الولايات المتحدة. وفي مواجهة هذا الهجوم، أظهر المجتمع المدني الأميركي قدرة غير مسبوقة...
فيرونيك تشابورين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram