علاء المفرجي
برحيل المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد، تكون السينما السورية الجديدة ، قد فقدت احد ابرز روادها، وهو بحق المخرج الذي يرتبط أسمه بأبرز نتاجات هذه السينما، بدءا من تقديم نفسه مخرجا ومؤلفا في فيلمه الأول (ليال أبن أوى)، واستطاع أن يعيد الجمهور السوري لصالات العرض، فقد كانت تجاربه الإخراجية الأولى جاذبة لجمهور السينما المحاصر في كل شيء، حيث الثمانينات، التي كانت أصعب الفترات بالنسبة لسوريا، حيث ساد الفكر الواحد وتعطلت الحياة الثقافية، فكان لا بد من ان يعي الجمهور الحالة هذه من خلال السينما، وهنا تصدى عبد الحميد لهذه المهمة في فيلمه «ليالي ابن آوى» ، وكان أول تململ من خلال السينما، والتي كانت مرفوضة من قبل النظام.
في فيلمه هذا حيث الاب المتسلط على عائلته بأقصى ما تكون القسوة، ولنتعرف على قساوة المجتمع الريفي، وهي التقاطة للمخرج عبد اللطيف في أنه لم يواجه السلطة مباشرة، وإن كانت الدلالة واضحة، فالطاغية هو الأب في المنزل.
فالسينما السورية واجهت اقسى انهياراتها خلال الثمانينيات، والذي مهد هذا الانهيار بروز المخرج عبد اللطيف عبد الحميد المتخرج حديثا من موسكو ومن معهد غيراسيموف للسينما، الذي يُعَدّ من أكبر وأقدم معاهد دراسة السينما في العالم. وكان من الطبيعي أن يكون الأثر الروسي شديد الوضوح، اعني في الأفلام الروسية، من حيث بطء الايقاع، والعاطفة التي تتجلى من خلال أيماءة ، واستلهام الفولكلور.
ولد عبد الحميد بريف اللاذقية في العام 1954، وبدأ مسيرته السينمائية في ثمانينيات القرن الماضي بعد إتمامه دراسة السينما في معهد السينما في موسكو. تخرج من المعهد العالي للسينما في موسكو 1981. أثناء دراسته في المعهد أنجز الأفلام التالية: «تصبحون على خير»، و«درس قديم»، و«رأسا على عقب». أخرج ثمانية أفلام سينمائية سورية وهو كاتب سيناريوهاتها جميعا. هي: نسيم الروح، وما يطلبه المستمعون، وليالي ابن آوى، وقمران وزيتونة، وصعود المطر، وأيام الضجر، وخارج التغطية، ورسائل شفهية.
أنجز للمؤسسة العامة للسينما فيلمين تسجيليين هما: «أمنيات» و«أيدينا». في عام 1983 عمل مخرجا مساعدا في فيلم أحلام المدينة لمحمد ملص. وفي عام 1987 مثل الدور الرئيسي في فيلم نجوم النهار لأسامة محمد. وفي عام 1988 أخرج فيلم ليالي ابن آوى.
وكتب وأخرج فيلم «رسائل شفهية» الذي حقق انتشارا واسعا في العام 1991، ونال العديد من الجوائز عن أفلامه «درس قديم» و»ليالي ابن آوى» و»صعود المطر» و»نسيم الروح» و»قمران وزيتونة».
كما حصل على جائزة الميدالية الذهبية عن فيلم «ما يطلبه المستمعون» في مهرجان الرباط الدولي بالمغرب، وفاز بجائزة أفضل فيلم آسيوي في مهرجان دلهي عن الفيلم نفسه.
ونال المخرج السوري الراحل الجائزة الكبرى لمهرجان وهران السينمائي في العام 2008، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلم «ما يطلبه المستمعون».
وحصل على جائزة فئة أفضل إنجاز سينمائي وجائزة النقاد في مهرجان قرطاج 1995، ونال جائزة اتحاد النوادي السينمائية الأوروبية في مونبلييه الفرنسية في العام 1992.