اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هزيمة 5 حزيران.. والأخطاء السياسية والإعلامية التي أدت الى الحرب

هزيمة 5 حزيران.. والأخطاء السياسية والإعلامية التي أدت الى الحرب

نشر في: 11 يونيو, 2024: 12:11 ص

عبد الحليم الرهيمي

مّرت قبل أيام الذكرى 57 للحرب العدوانية التي شنتها أسرائيل ضد كل من مصر وسوريا والاردن واستمرت لخمسة ايام لكن اسرائيل وصفتها بحرب (الايام الستة) في حين وصفتها مصر بـ (نكسة) 67 يونيو بينما وصفها كل من سوريا والاردن (بنكسة حزيران) . ففي صباح الخامس من حزيران يونيو شنت اسرائيل حرباً عدوانية شرسة ضد البلدان الثلاث دمرت خلال ساعتين معظم سلاح الجو والطائرات الحربية وهي على اراضي المطارات ، وغيرها من اسلحة في البلدان الثلاث وخاصة في مصر التي دمر نحو 80-90 بالمئة من سلاحها ونحو 70-80 بالمئة من اسلحة كل من سوريا والاردن ، وبعد خمسة ايام من بدء الحرب اعلن مجلس الامن الدولي قراراً ملزماً يدعو الدول الثلاث واسرائيل الى وقف اطلاق النار الذي التزمت به ابتداء كل من مصر والاردن ثم تبعهما بعد ثلاثة ايام كل من اسرائيل وسوريا وقد اسفرت الحرب بعد وقف النار عن احتلال اسرائيل شبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الذي كان بعهدة مصر والضفة الغربية التي كانت ضمن المملكة الاردنية الهاشمية ، وكذلك مرتفعات هضبة الجولان الاستراتيجية السورية .
وبعد وقف اطلاق النار وانتهاء ضجيج الاعلام المضلل في نقل وقائع الحرب في الدول الثلاث وخاصة الاعلام المصري ومذيعه الاشهر آنذاك احمد سعيد الذي ظل يبشر المصريين مع الاناشيد والخطابات الحماسية بـ (أنتصرنا) ويدعو العرب والمسلمين الى القدوم للصلاة في القدس ومسجدها الاقصى بعد تحريرها من الصهاينه في الطريق لتحرير كل فلسطين ، فاجأ الرئيس المصري جمال عبد الناصر المصريين والعالم مساء يوم الثامن من حزيران – يونيو وبعد موافقة مصر على وقف اطلاق النار ، بأنه يتحمل كامل المسؤولية عما اسفرت عنه الحرب وانه سيستقيل من منصبه كرئيس لجمهورية مصر العربية ، وبذلك أندلعت مظاهرات واسعة وصاخبة خلال يومي 9 و 10 يونيو الشهيرة في مصر وفي كل من سوريا ولبنان ، حيث رفع المتظاهرون هتافاً واحداً وبحماس لرفض استقالة الرئيس عبد الناصر والمطالبة بأستمراره في منصبه .
هذه الهزيمة المرة والمهينة التي لحقت بالبلدان الثلاث والبلدان العربية تالياً لم تكن (مباغتة) حسب اعلام تلك الدول أنما كانت تعبر عنها مؤشرات شديدة اولها نوايا اسرائيل المعلنة منذ اعلان دولتها عام 1948 وبدأت بالاستيلاء على الاراضي التي حددها قرار التقسيم للفلسطينيين لاقامة دولتهم عليها وهي لا تخفي نواياها للاستيلاء على المزيد من الاراضي الفلسطينية ، ثم التعبير عن ادانتها للعمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية التي بدأت تنطلق من الجولان السوريه ومن منطقة ((العرقوب)) المتاخمة لسوريا في جنوب لبنان ، هذا فضلاً عن نية اسرائيل تغيير مجرى نهر الاردن ليصب في بحيرة طبريا لمصلحتها ورفض الجامعة العربية للتوجه الاسرائيلي ومنع تحقيقه بالتعاون والتنسيق مع كل من الاردن وسوريا ، وكانت المواقف الاكثر تحدياً لاسرائيل هي اعلان مصر في 15 آيار – مايو 1967 حالة الطوارئ العسكرية في مصر وطالبت في اليوم التالي بانسحاب قوات الطورائ الدولية التي حدد مجلس الامن مواقعها عام 1956 .
وهكذا يمكن القول ان اخطاء سوء التقديرات وخطأ حسابات قيادات الدول الثلاث وخاصة مصر ، سواء في الاعتقاد بان اسرائيل سوف لن تبادر بشن الحرب عليها ومن ثم قيام مصر بخرق القرارات الدولية لمجلس الامن الذي اقرت في عام 1956 بموقع قوات الطورائ بالبحر الاحمر وبحرية الملاحة الدولية بما فيها اسرائيل دون حساب للتقديرات الحقيقية لامكانات وقدرات جيوشها واسلحتها في مواجهة احتمال ان تبادر اسرائيل لشن الحرب ، فضلاً عن ضرورة معرفة تقديراتها لقوة اسرائل وامكاناتها العسكرية والمادية فضلاً عن وضع احتمال دعم الولايات المتحدة لها ودول اوربية اخرى ، فأن هذه الاخطاء المروعة في الحسابات والتقديرات المتعددة الأوجه رافقها ضجيج واخطاء الاعلام قبل الحرب وخلالها كالدعوة لتحرير كل فلسطين وطرد سكانها وغير ما كان يبشر به الاعلام ورمزه الاشهر احمد سعيد ، اذْ تبين لاحقاً ان القيادات الاسرائيلية قد استفادت من ذلك لتخويف الاسرائيليين وتطويق اي معارضة للحرب في الوقت الذي يواجهون خطرها والابادة لما كانت تروج لهم تلك القيادات .
هذه النتائج والدروس الكارثية لتلك الحرب والاخطاء والحسابات والتقديرات غير الواقعية لمسار الاحداث لم يتعظ بها احد من القيادات . ففي قمة الخرطوم التي عقدت في آب / اغسطس من العام نفسه قد اقرت على مضض المقترح الحماسي لرئيس منظمة التحرير احمد الشقيري آنذاك والذي اتهم القمة بالخيانة واقترح (لا صلح ، لا تفاوض ، لا اعتراف باسرائيل) الذي اصبح شعاراً ملهماً لغالبية الشعوب والقيادات العربية ، دون ان يوضح احد كيف ستتحرر فلسطين والقدس وتقام الدولة الفلسطينية المستقلة او حتى كيف يمكن (ازالة آثار العدوان) الذي رفعته مصر الناصريه بعد هزيمتها لتلك الحرب .. الحياة علمت بعض القيادات العربية والفلسطينية ان تكون اكثر وعياً واكثر نضجاً واعمق تقديراً ودقة في فهم الواقع المحلي والدولي والتصرف على اساسه ، وهذا ما يمكننا اقله من الوصول الى حلول واقعية مرضية لاستعادة الحقوق الفلسطينية والعربية بالتدريج ، خطوة خطوة ، ضمن شعار (خذ وطالب) .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

فشل الذكاء الاصطناعي في مضاهاة الخلق الأدبي والفني

قناطر: بين خطابين قاتلين

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

يا أيام بنطال "الچارلس".. من ذاكرة قلعة صالح في سوق الخياطين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: عقدة تشرين

 علي حسين ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في " نيو لوك " متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت...
علي حسين

كلاكيت: ساذرلاند..الممثل أدى جميع الأدوار

 علاء المفرجي مسيرة ستين عاما، مترعة بمئتي فيلم وعدد من المسلسلات الناجحة، هي حصيلة احد أهم ممثلي السينما بالعالم، دونالد ساذرلاند.. الذي رحل عن عالمنا هذا الأسبوع. هذا الممثل الذي قيلت بحقه الكثير...
علاء المفرجي

البرامج الأكاديمية ودورها في تعزيز الرغبة في التفوق الدراسي

د. طلال ناظم الزهيري ممارسة مهنة التعليم بشكل عام، والتعليم الجامعي بشكل خاص، تضعك أمام تساؤل مهم: لماذا يتفوق بعض الطلاب في الدراسة الجامعية بينما يبدو البعض الآخر أكثر تكاسلاً وعدم مبالاة؟ هذا التساؤل...
د. طلال ناظم الزهيري

غزة - فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي

فواز طرابلسي 1-2 سيمرّ وقت قبل ان يرقى الفكر السياسي، وليس فقط الادب والفن، الى مستوى التعبير عما شاهدنا وشهدنا عليه في غزة والضفة في الاشهر الماضية من وحشية مدرعة بالذكاء الاصطناعي تواجهها بسالة...
فواز طرابلسي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram