TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

نشر في: 30 يونيو, 2024: 01:03 ص

 علي حسين

ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما حدث للملكية في العراق ، وسيكتبون القصائد في مديح العهد الملكي ، والمفارقة أن أحد أحفاد الملك عندما قرر أن يعود للعراق ويدخل الانتخابات لم يجد له مقعداً داخل فبة البرلمان، فالمقاعد كانت محجوزة لدعاة الدولة الديمقراطية حنان الفتلاوي وعالية نصيف ومشعان الجبوري والكربولي والمشهداني ومحمود الحسن وعباس البياتي .
في بلاد الرافدين نجد اليوم من يملأون الدنيا ضجيجاً عن العدل الاجتماعي، ثم يكشرون عن أنياب الرشوة وسرقة المال العام والمحسوبية، سيتحدثون عن التنمية والمشروعات العملاقة بإلحاح شديد، بينما المواطن المسكين يتعمق شعوره بالغربة عن الوطن يوما بعد يوم، وكانت البداية عندما أصرت القوى السياسية بكل طوائفها وقومياتها على إنشاء جدران طائفية بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد، لكن رغم كل هذه الصورة القاتمة، إلا أن تقييم البسطاء وإحساسهم الفطري غير القابل للقياس سيظل هو المعيار المهم في تقييم ثورة 14 تموز وقائدها، فحتى هذه اللحظة فإن كثيراً من الفقراء والمعدمين لا يزالون يحتفظون بصورة للزعيم الراحل عبد الكريم قاسم معلقة على جدران بيوتهم، وحين تسأل البعض من المعاصرين للثورة: لماذا تحبون عبد الكريم قاسم؟ سيأتي الرد بكلمة واحدة: لنزاهته. بالطبع هذا الكلام قد يثير سخرية الكثيرين من الذين لا يرون في عبد الكريم قاسم وثورته سوى حكم العسكر وغياب الديمقراطية، وسأقول معهم: نعم، عبد الكريم قاسم لم يطبق الديمقراطية، لكنه في النهاية طبق العدل الاجتماعي حين سعى إلى توفير التعليم والعلاج والسكن لكل العراقيين، وفتحت ثورة تموز الباب أمام أبناء الطبقات الفقيرة، الآن الديمقراطية موجودة لكن كل الأبواب مغلقة، كان قاسم يختار خلصاءه ومرشحيه من الذين لا يملكون، لا من الذين يشترون كراسي الوزارة بالملايين في عهده، عرف العراق وزيراً للمالية بعبقرية إبراهيم كبة ووزيراً للصناعة بقامة محمد حديد، كان ذلك عصر الضمير والحكمة. عصر الرجال الذين يخافون فقط من أن يظلموا الناس. وكان في قلوبهم حذر شديد من ضعف النفس.سيقول البعض إن ثورة 14 تموز أوقفت شريان الحركة السياسية الذي كان يموج في العهد الملكي، وعطلت الحياة النيابية، قد يبدو بعض هذا الكلام صحيحاً لكن الذي لا خلاف عليه أن الثورة استطاعت أن تنفذ مشاريع إنمائية كبيرة وساهمت في إطلاق طاقات العراقيين جميعاً وبلا تفرقة طائفية، يذكر الوزير عبد اللطيف الشواف ويكتب في مذكراته "لم يكن لأي من عناصر النسب والعشيرة والمذهب وجهة العيش والعرق القومي أي تأثير على قرارات عبد الكريم قاسم".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram