بغداد/ نورا خالدتصوير/ حازم خالدلم يبق لمهن انقرضت غير القليل من الذكريات، في مواجهة شروط الزمن، وزحف التكنولوجيا، وهي مواجهة تبدو غير متكافئة، لا سيما وأن الذكريات رهن بجيل أوشك هو الآخر على الرحيل. ما إن تصل إلى محل (أبو علي) حتى تهيمن عليك صورة الماضي،
بما تنطوي عليه من ذكريات، حين تراه يجلس ومن حوله العديد من المدافئ بعضها متهالك وبعضها لازال يحمل رونقاً. في محله الصغير الواقع في السنك يستقبلك ابو علي بترحاب، ليخبرك عن مهنته التي ما تزال خالدة حتى اليوم، وهي المهنة التي ورثها عن والده، الذي امتهنها خمسين عاماً قبل رحيله، ولقب بـ (أبو الصوبات). وأضاف أبوعلي: اغلب المدافئ التي أقوم بتصليحها هي القديمة التي يعتز بها أصحابها كثيرا خاصة من طراز (فوجكا) القديمة، اذ أصبحت هناك أنواع كثيرة، ترد من دول مختلفة، منها الكوري، والصيني، والسوري، والمصري، ولم تعد اليابان تصنع مدافئ الفوجكا.واغلب خلل(الصوبات) كما يقول ابو علي يكون بـ الفتيلة، إضافة إلى نزيف النفط نتيجة تآكل حوض المدفأة الدائم، وأحيانا يكون لجودة الوقود تأثيرها، فقد يكون مختلطا بأنواع أخرى من المشتقات النفطية، ما يسبب حريق "الفتيلة".اذ هناك من يضيف الماء أو الكاز إلى النفط ويتسبب بإتلاف الفتيلة وحدوث صدأ وبالتالي ثقوب في حوض المدفأة، وهذا العمل أفقد المواطن ثقته بنا فعندما نقول له بأن السبب في عدم اشتعال المدفأة بصورة جيدة هو النفط المخلوط وليس تصليحنا فأنه لا يصدق ولا يفكر ابو علي بتوريث أولاده مهنته، كونها لم تعد مربحة، ولأنها موسمية على نحو كبير، لكنه لن يقف في طريق أي من أبنائه إذا أحب هذه المهنة لإكمال مسيرة الجد.ويشكو أصحاب هذه المهن من وجود أشخاص (دخلاء) على مهنتهم وخاصة باعة الثلج اذ يحولون محالهم شتاءً إلى إصلاح المدافئ وبالتالي الإساءة إلى هذه المهنة. اما عن أنواع الفتايل فأخبرني بأن هناك فتائل من الحرير والبريسم ولكن أفضل الأنواع هي القطنية بمختلف مناشئها لأنها ذات خاصية في امتصاص النفط حتى لو كان قليلاً في حوض المدفأة وهذا النوع هو الذي تكون فيه نار المدفأة (زرقاء) وهناك فتائل مضروبة تسمى (مريدي) وأفضل الفتائل الآن في الأسواق هي الفتائل الكورية وهي ليست مستوردة بل تكون في كارتون المدفأة الجديدة ولكن التجار يأخذونها من الكارتون وتباع بالأسواق بأسعار مرتفعة. وقبل ان اخرج من محله نصحني أبو علي قائلاً: أنصح بأن يفرغ خزان المدفأة من الوقود عند انتهاء الشتاء ونزع الفتيلة منها وغسلها بشكل جيد وتركها تحت الشمس لفترة معينة حتى تتخلص من الرطوبة وحفظها بعد ذلك وبهذه الطريقة نحافظ على المدفأة من الصدأ والثقوب.
مهـن تقـاوم الانـدثـار..باعة ثلج يعملون شتاءً في اصلاح المدافئ
نشر في: 25 ديسمبر, 2010: 06:08 م