بغداد/ تميم الحسن
على الاغلب سيكون الإطار التنسيقي اخر نسخة لتحالف شيعي يخوض الانتخابات، وفق بعض التسريبات. تعدد الزعامات وبالتالي رغبة كل زعيم الحصول على رأس السلطة لم يعد يسعهم أي تنظيم سياسي كبير.
ما حدث في كركوك وديالى واستمرار ازمة اختيار رئيس البرلمان، افرز خريطة اولية محتلمة لانتخابات 2025 القادمة، تضم خليطا من الأحزاب غير المتطابقة مذهبيا وقوميا.
والتحالفات المتوقعة أبرزها؛ ستكون بزعامة رئيس الحكومة محمد السوداني، وستضم أسماء شيعية كانت تتوقع الحصول على "مكتسبات أكبر" في ظل "الإطار" لكن خاب ظنها.
وقد يلحق بها الفريق السُني المعارض لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، فيما تبدو هذه المجموعة قريبة من الحزبين الكرديين الرئيسين بشكل متفاوت.
والثانية البارزة، ستكون تحت مظلة نوري المالكي، زعيم دولة القانون، مع تشكيلات تقليدية من التحالف الشيعي، لكن قد تضم مفاجأة سيعلن عنها في وقت لاحق.
بالمقبل فأن الحلبوسي، وقيس الخزعلي، زعيم العصائب، بدآ في الاشهر الاخيرة مايشبه التحالف، وقد يكمل طريقه إلى الانتخابات ويضم طرفا كرديا.
"قص جناح" أي رئيس حكومة جديد
تنتهي ولاية كل رئيس وزراء، من الذين حكموا العراق بعد 2003، ولا تشغله غير قضية واحدة؛ الحصول على ولاية اخرى، باستثناء مصطفى الكاظمي، رئيس الحكومة السابق.
حدث هذا مع ابراهيم الجعفري، المالكي، حيدر العبادي، والان مع السوداني، كما تشير بعض المعلومات.
بالمقابل فان المجموعة الشيعية، وبعد تجربة صعبة كانت مع نوري المالكي، وهو الوحيد الذي حصل على ولايتين حتى الان، قرروا "قص جناح" اي رئيس حكومة جديد، بحسب تعبير قيادي شيعي.
كل رؤساء الوزراء بعد المالكي، كانوا بالظل، حتى عادل عبد المهدي، الذي استقال من رئاسة الحكومة بعد أحداث تشرين 2019، كان قد انسحب من المشهد السياسي بعدما غادر وزارة النفط في حكومة العبادي (2016).
كما تجمع هؤلاء الرؤساء، بعد فترتي المالكي، ميزة عدم امتلاكهم كتلة منفردة، مثل العبادي كان نائبا في حزب الدعوة حين مسك الحكومة، والسوداني رئيسا لحزب صعد لوحده نائبا عنه في البرلمان.
اما الكاظمي وعبد المهدي، فقد منحا رئاسة الحكومة ولم يكونا مشتركين بالانتخابات التشريعية من الأساس.
وحاولت التحالفات الشيعية بعد المالكي، ان "تجبر" رئيس الحكومة للعودة الى التحالف الذي اختاره بدون كتلة، او بمقاعد محدودة، قبل اتخاذه القرارات المهمة، لكن في الغالب كان رئيس الحكومة يتمرد.
ويقول قيس الخزعلي وصفه الشهير بهذا الصدد، عن رئيس الوزراء بانه بـ"مثابة مدير عام" لدى الإطار التنسيقي.
بعضهم خاب أمله بـ"الإطار"
يشير عضو بحزب في الإطار التنسيقي بان الاخير "كان قد رصد مبكرا تحركات السوداني، بعد اقل من عام على تنصيبه".
فتح السوداني مكاتب لحزبه الفراتين بالمحافظات، وحرك من تحت الطاولة بعض المناصب لصالح مقربين، على حد زعم المصدر.
ورصد محللون بداية "تقييد السوداني" من قبل رفاقه الشيعة، في الانتخابات المحلية الاخيرة، حيث رئيس الحكومة تراجع عن المشاركة قبل أشهر قليلة.
وبحسب تلميحات من نواب دولة القانون، مثل حنان الفتلاوي، فأن بعض القوى كانت تخشى أن يستغل السوداني المال الهائل بموازنة 2023 الذي بلغ نحو 200 تريليون دينار، في الدعاية الانتخابية.
انسحب محمد صيهود، ابن عم السوداني من دولة القانون وأسس حركة الاجيال، حققت مقعدين اثنين بالانتخابات المحلية الاخيرة، وكان يفترض ان الاخير يقود تيار الفراتين، قبل ان يعلق الحزب مشاركته.
وانضم بعده احمد الاسدي، وزير العمل والقيادي في الإطار الى السوداني. والأخير كان قد كشف العام الماضي، ان رئيس الحكومة بدأ بتشكيل تحالف سياسي.
وتقول عالية نصيف، وهي اخر المنضمين الى رئيس الحكومة بعدما انشقت عن المالكي، ان السوداني سيحصل على "55 مقعدا" بالانتخابات المقبلة.
وينجذب الى السوداني، بحسب القيادي الشيعي، نواب وسياسيون "إطاريون" كانوا يتوقعون الحصول على مناصب اكبر.
يقول عقيل الفتلاوي، المتحدث باسم دولة القانون، ان نصيف تركت الحزب لأنها "كانت تريد منصب مدير عام على الأقل بعدما أخذت مقعدا في انتخابات بغداد المحلية".
ومثل نصيف يُعتقد ان حيدر العبادي، الذي لم يحصل على مناصب في الحكومة الحالية، يميل الى كفة السوداني، او انه سيكون ضمن تحالفه الجديد.
يقول العبادي في مقابلة باذار الماضي، ملمحا إلى دعمه فكرة منح السوداني ولاية جديدة، "كل رئيس وزراء يطمح لاستكمال برنامجه وربما الولاية الواحدة لا تكون كافية له".
العبادي قال كذلك ان اطرافا في "الإطار" حين اختاروا السوداني رئيسا للوزراء "نسوا أن يفرضوا عليه عدم ترشيح نفسه لرئاسة الوزراء إلا بأخذ موافقة من عندهم".
وتعتبر قيادات في حزب الدعوة، كلام العبادي عن ولاية ثانية "بلا مناسبة، وهو يخشى عودة المالكي للحكم".
ويتوقع، بحسب مايتداول في الاوساط السياسية انضمام فالح الفياض، رئيس الحشد الى السوداني، خصوصا وان الاخير يرفض حتى الان أي محاولات للاطاحة بالفياض من منصبه، خصوصا تلك الموجهة من العصائب.
ويظهر في "الإطار" ميل لرئيس كتائب سيد الشهداء، ابو الاء الولائي لفريق السوداني، وكذلك عامر الفائز رئيس كتلة تصميم.
وسُنيا، ففي الانتخابات المقبلة قد ينضم خميس الخنجر (السيادة)، وتحالف العزم (مثنى السامرائي) الى تحالف السوداني.
هذان الحزبان اظهرا موقفا مقربا من السوداني في ازمتي حكومتي كركوك وديالى، فيما يرجح تقارب الحزب الديمقراطي الكردستاني من رئيس الحكومة، لكنه غير مؤكد.
حلم المالكي.. وأجنحة الحلبوسي
في الضفة الاخرى نجح نوري المالكي في الاقتراب من محمد الحلبوسي، على خلفية قضية رئاسة البرلمان، وقد يفجر الاول مفاجأة في انضمام الصدر اليه.
تقول أوساط حزب الدعوة، ان هناك تفاهمات – على مستويات غير معروفة حتى الان- بين المالكي وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر المعتكف عن السياسية منذ اكثر من عامين.
وقدم "الدعوة"، بحسب تسريبات، مايمكن وصفها بـ"اغراءات" للصدريين، في إجراء انتخابات مبكرة، وهي دعوة قديمة للصدر، وتغيير قانون الانتخابات الاخير، الذي حل محل قانون تحمس له الصدر (الدوائر المتعددة).
ولا يستبعد ان يعاد تحالف هادي العامري، زعيم بدر الى صف المالكي، وبشكل اقل عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، فيما حزب الدعوة يعلن صراحة انه يدعم رئيس دولة القانون لولاية ثالثة.
أما الحلبوسي، فالأنباء حوله متضاربة، حيث تقرب مع المالكي في الوقت الذي دشن فيه تحالف بات يعرف بـ"محور الشباب" مع الخزعلي، وريان الكلداني (بابليون)، وبافل طالباني (الاتحاد الوطني).
وهذا التحالف ظهر في حسم حكومة كركوك لصالح الحلبوسي وبافل، ويدعم هذا التحالف على مايبدو طروحات زعيم تقدم لحل ازمة رئيس البرلمان، فيما يرجح ان ينضم إليهم محسن المندلاوي، رئيس البرلمان بالوكالة.
ضغوطات كثيرة
وعن حظوظ رئيس الحكومة الحالي بالمرحلة المقبلة، يقول الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي محمد نعناع، ان "السلطة بيد محمد السوداني، وبالفعل استطاع ان يكون شعبية خارج بيئة الإطار، لكن قوى الإطار سوف تبقى محافظة على شعبيتها لان لديها فواعيل موازية للفواعيل التي يعمل بها السوداني".
ويتابع: "من حيث الشعبية فالسوداني لديه شعبية لكنها لا تتصاعد، لكن بدأت تتراجع. قبل 3 او 4 أشهر كانت أكثر، بدأت بالانخفاض، بسبب كشف بعض مكامن الضعف بمحاربة الفساد، وتدخله في قضايا ابتزازية او تسليط بعض الشبكات ضد النواب".
ويعتقد الباحث بان رئيس الحكومة استقطب مجموعة من النواب والسياسيين، وينسق بقوة وبسرعة من أطراف نيابية وسياسية، واستطاع من هذا الفعل، ان يكسر نصاب ويخرب جلسة اختيار محمود المشهداني، رغم وجود اتفاق بين المالكي والحلبوسي على المرشح الاخير.
وقدر نعناع المؤيدين للسوداني بنحو 20 نائبا، وقد ينضم لاحقا 20 اخرون، لكنه يستدرك قائلا: "رئيس الحكومة بالمقابل فقد نواب كانوا معه في تنصيبه ودعموا البرنامج الحكومي، مثل مصطفى سند، وباسم خشان، واليوم ينتقدونه ليل نهار".
ويجد الأكاديمي ان هناك محاولات تضخيم لشعبية ومؤيدي السوداني لسببين: الاول مقصود من طرفه (رئيس الحكومة) حتى يبرز نفسه أكثر من الاطراف الاخرى، والثاني من الاطراف الاخرى حتى يظهر بانه يتلاعب بمقدرات الدولة.
نعناع يشير كذلك الى وجود معلومات عن ضغوطات كثيرة لمنع السوداني من ولاية ثانية. ويضيف: "كل ما يعمله الان (ويقصد رئيس الحكومة) هو يبقى كزعيم قوي حتى يضمن استمراره وليس بالضرورة ان يكون رئيسا للوزراء بالمرحلة المقبلة".
"الإطار" يضيق بالقيادات.. تحالفات جديدة للسوداني والمالكي استعداداً لانتخابات 2025
مفاجآت لخيارات الصدر والحلبوسي في الخريطة السياسية المقبلة
نشر في: 22 أغسطس, 2024: 12:09 ص