رنا جعفر ياسين
طوى البيتُ جدرانَهُ
وأخرجَ الحديقةَ في نزهةٍ طويلة.
الهواءُ شائكٌ، به بعضُ صدوع
السياجُ تغيَّرتْ تجاعيدُ ثوبهِ التفتا
وما عادَ للنوافذِ حديدُها النصفُ قرنٍ.
امتطتِ الذكرياتُ غيابَنا حتى آخرِ حقيبةٍ للرحيل.
ليسَ هناكَ ما يضمُّ الغليانَ إلى بردٍ لقيطٍ
.. أيِّ بردٍ كانَ.
تُوقظُ الحُجراتُ لمناحاتِها
سماءٌ على مقربةٍ من رصاصِ ذلكَ الصباح ظلَّتْ تغزلُ الطيورَ
لتحفظَ سذاجةَ المشهدِ.
الشمسُ بائتةٌ لا تذرفُ الرغيفَ
فقط تتكئُ على نخلةٍ وحيدةٍ
ما أُريقَ سوى تمرهاِ وسعفِها وجذعِها.
من يغفرُ للترابِ ارتعاشتهُ؟
هلعٌ في السواقي
يبدِّلُ الحليبَ بحشدٍ من الغرباء.
يا حائطُ:
انفرطَ العنبُ
قصمَ الهولُ عظامَ الزيتونة
ولا ترابَ سوفَ يحيضُ.
بتمهلٍ طعنوا السلالمَ بقضبانِها
آكلينَ وشمَ أقدامِنا
وما حُرِّفتْ
عوقبتْ بالبترِ والتبَّخُر.
الأبوابُ فضلتِ البقاءَ طريحةَ ارتطامِها
عليها خدوشٌ
وبصماتٌ
وألوانٌ مضادةٌ لصرخةِ الأمِّ التي طارتْ قبلَ الموت.
كم فكرَ البيتُ حتى آمنَ بالخلعِ؟
ها هي الفأسُ لوأدِ الأشجار
ها هي الحفاراتُ تنبشُ قداسةَ الجذرِ
البيتُ يغطي بيتَهُ بالحياء
خَجِلٌ من أعضاءٍ لا يعرفها
من أسلحةٍ لم يعتدْ زفيرَها في نهاراتِ العائلة.
دقٌ في الممرات، ضوضاءُ الحربِ تشذِّبُ أغنياتِها
(دللول) اشتهاها بائعُ القنابل
ولم يبقَ متسعٌ للألعابِ.
البيتُ لا يتعافى
لا هنا فيهِ لنا ولا هناكَ
مقاساتهُ ترهلتْ والرصيفُ كسى نفسَهُ بجلدٍ ردئ.
ارتجَّ
فطأطأَ
ودمَّى
…الفحيحُ طلى الجدرانَ.