TOP

جريدة المدى > محليات > بعد مغادرة العراق عهد الوفرة المائية: المصب العام يفقد هويته ووظائفه

بعد مغادرة العراق عهد الوفرة المائية: المصب العام يفقد هويته ووظائفه

نشر في: 26 نوفمبر, 2024: 12:02 ص

 واسط / جبار بچاي

يعد المصب العام، أو ما يُعرف بـ«النهر الثالث»، أحد أهم المشاريع الكبرى التي نفذها العراق في قطاع الزراعة والموارد المائية. خطط له مجلس إعمار العراق في خمسينيات القرن الماضي ليكون مشروعًا ستراتيجيًا يستهدف تصريف مياه بزل أراضي السهل الرسوبي، التي تبلغ مساحتها نحو 12 مليون دونم، إلى البحر، إلى جانب مهام أخرى مثل النقل النهري وتنمية الثـروة السمكية.

إلا أن المشروع اليوم، الذي أنجز بمشاركة شركات هولندية وروسية وبرازيلية وعراقية، يواجه أزمة فقدان هويته ووظائفه الرئيسية بسبب دخول البلاد مرحلة العوز المائي وزحف الجفاف على أراضيها.

ماهية المشروع وأهميته
أوضح الخبير في الموارد المائية علي حسين أن فكرة المصب العام بُنيت على استيعاب مياه بزل الأراضي المخطط استصلاحها وفق نظام ري الغمر، إذ صُمم لاستيعاب تصريف أقصى يبلغ 200 متر مكعب/ثانية. يبلغ طول المصب 550 كم، ويمتد من الصقلاوية إلى ناظم شط البصرة، مرورًا ببحيرة الدلمج التي تتسع لـ350 مليون متر مكعب، ومحطة ضخ الناصرية. وأشار حسين في حديثه لـ(المدى) إلى أن المصب العام يحتوي على منشآت حيوية، منها محطة ضخ الناصرية، وناظم شط البصرة، وأحواض التهدئة «الأنكرلي»، التي تخزن واردات المصب خلال فترة المد البحري لتصريفها لاحقًا إلى البحر أثناء الجزر. وأضاف أن المصب لم يقتصر على تصريف مياه البزل، بل شمل استثمارات أخرى مثل استقطاب أنواع من الثروة السمكية البحرية إلى بحيرة الدلمج، التي أصبحت مصدر رزق لمئات العوائل. كما تتمتع البحيرة بجانب سياحي مهم، إذ تقع أجزاؤها ضمن حدود محافظتي واسط والديوانية.

فقدان الوظائف وتدهور الإدارة
حاجم علي، أحد المختصين في الموارد المائية، أوضح أن المصب العام كان يُعتبر أساسًا لبيئة حضرية جديدة، تستقطب فائض سكان حوضي دجلة والفرات لإنشاء مجتمعات زراعية ونهرية تمتهن صيد الأسماك وإصلاح الزوارق وزراعة المحاصيل العلفية. إلا أن المشروع فقد أهميته بعدما تحولت إدارته إلى ملحق إداري محدود ضمن مؤسسات الري، ما أفقده وظائفه الأساسية، وعلى رأسها تصريف مياه بزل الأراضي الزراعية المحيطة. وأصبح تركيز الملوحة في المياه واردة المصب معيارًا ثانويًا بعدما كان أساسًا في تقييم أداء مشاريع الري.

أزمة الموارد المائية والتحديات
بحسب حاجم، فإن التغيرات المناخية، واستحواذ دول الجوار على 65% من واردات العراق المائية، وتدني كفاءة مشاريع الري إلى 25%، فاقمت أزمة العوز المائي. وأضاف أن تزايد عدد السكان وضعف الإدارة المائية يتطلب إعادة النظر في فلسفة إدارة المياه، من خلال تبني نظم إدارة متكاملة والانتقال إلى تقنيات الري الممكنن لتحقيق استثمار أفضل للمياه. وأشار إلى أن الفجوة الحالية بين الموارد المائية والاحتياجات تقدر بـ75%، ما يجعل من الضروري إعادة تقييم مكونات المصب العام ووظائفه وطريقة تشغيله، بما يتماشى مع خطط الانتقال إلى نظم ري مستدامة.

إمكانات التعافي والحلول
أكد حاجم أن الكوادر الفنية العراقية تمتلك الخبرات اللازمة لإعادة النظر في تشغيل المصب العام بما يتوافق مع المتغيرات الحالية. ودعا إلى إجراء دراسات معمقة لتحديث المشروع، بحيث يلبي متطلبات الستراتيجية الوطنية لإدارة المياه ويعزز من إمكانات العراق الزراعية والبيئية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

محمية الغزلان في ديالى تسعى للتعافي وطي صفحة الظروف القاسية
محليات

محمية الغزلان في ديالى تسعى للتعافي وطي صفحة الظروف القاسية

 ديالى / محمود الجبوري تسعى محمية الغزلان البرية في قضاء مندلي (93 كم شرق بعقوبة) إلى التعافي من جديد، بعد تعرضها لأزمة أدت إلى هلاك أكثر من 80% من قطيعها خلال السنوات الأخيرة،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram