ذي قار / حسين العامل
احتفت الأوساط البيئية والثقافية باليوم العالمي للأراضي الرطبة، وفيما حذرت من مخاطر الجفاف على البيئة والحياة الطبيعية وسكان الاهوار، إشارات الى أثر الجفاف وتداعياته المتمثلة بالهجرة والنزوح على التركيبة السكانية.
وقال الناشط البيئي جاسم الاسدي خلال أمسية ثقافية اقامها فريق شارع الثقافة في الناصرية بمناسبة اليوم العالمي للأرض الرطبة انه "نحتفي اليوم مع بقية دول العالم باليوم العالمي للأراضي الرطبة الذي يصادف الثاني من شباط من كل سنة"، مبينا ان "تعزيز وحماية هذه النظم البيئية الغنية بالتنوع البيولوجي والمنتجة من خلال الإجراءات المتخذة لصالحها، يسمح لنا معًا بالحفاظ على مستقبلنا المشترك".
وشدد الاسدي خلال الأمسية التي قدمه فيها الباحث امير دوشي على "ضرورة تسليط الضوء على أهمية حماية الأراضي الرطبة وتعزيز سبل ديمومتها لضمان مستقبل مزدهر للبشرية جمعاء"، مؤكدا على اهمية، "اتخاذ التدابير المطلوبة للحفاظ على هذه البيئات الحيوية ووقف أي شكل من أشكال التدهور الذي يؤثر عليها بسبب التنمية غير المستدامة والنمو السكاني والعمران والاستهلاك غير العقلاني لمواردها".
وأشار الاسدي الذي يشغل منصب المدير الإقليمي لمنظمة طبيعة العراق الى ان "مساحة الاهوار العراقية تماثل مساحة دولة مثل لبنان غير انها للأسف تتعرض حاليا وطيلة الحقب الزمنية المنصرمة الى الاهمال وعدم الاكتراث ببيئتها ومستقبل سكانها"، منوها الى ان "العديد من الاتفاقيات المائية التي عقدها العراق مع دول المنبع لا تشير الى تعهدات بتامين الحصة المائية لمناطق الاهوار".
ويجد الاسدي ان "الجفاف وعمليات التجفيف كان لها اثر مدمر اسهم بتراجع اعداد سكان الاهوار"، واردف "فبعد ان كان عدد سكان الاهوار قبل عام 1991 يشكل نحو 55 الف نسمة تقلص واصبح نحو 5 الاف نسمة عند عام 2003". وأشار بذلك الى "أثر هجرة السكان المحليين عقب عمليات التجفيف التي انتهجها النظام السابق"، مبينا ان "النزوح السكاني أدى الى إحداث تغييرات في التركيبة السكانية والاقتصادية والمشهد الطبيعي للمنطقة". ومن جانبه يرى الباحث امير دوشي ان "أهمية الاهوار لا تكمن بجغرافيتها فحسب وانما في كونها بيئة ثقافية وطبيعية لها دور كبير في خلق المخيال العراقي بدءا من السومريين الى وقتنا الحاضر"، مشيرا الى ان "الاهوار كانت البارومتر لوضع السلطة في مركز القرار فاذا كانت السلطة عادلة تكون الاهوار مستقرة وساكنة وعندما تكون السلطة بخلاف ذلك تشكل الاهوار بقعة المنطلقات الأولى للثورة وملاذات للمقهورين".
واشار ان "الاشوريين حين غزوا الاكديين لجأ الاكديون الى الاهوار لتنظيم مقاومتهم للغزو الاشوري، كما لجأ ثوار حركة الزنج بقيادة علي بن محمد الى الاهوار ابان العهد العباسي بعد قمع ثورتهم التي تواصلت على مدى 20 عاماً"، مشيرا الى ان "العصر الراهن شهد أيضا منطلقات ثورية من الاهوار ابان العهدين الملكي والجمهوري اذ انطلقت انتفاضات وحركات ثورية كانتفاضة ال ازيرج في اهوار العمارة في حقبة الخمسينات وحركة المعارضة العراقية في تسعينات القرن العشرين وغيرها".
وعلى هامش الأمسية جرى تكريم جاسم الاسدي من قبل فريق شارع الثقافة وذلك لدوره في الدفاع عن الاهوار والبيئة العراقية، كما جرى حفل توقيع كتاب (حدائق الاهوار والفراشة الامازيغية) للروائي نعيم عبد مهلهل.
ويحتفل العالم باليوم العالمي للأراضي الرطبة الذي تم إرساؤه بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 75/317 في 2 فبراير/شباط من كل سنة بهدف التوعية على نطاق العالم بأهمية الأراضي الرطبة من أجل ازدهار الإنسان والحفاظ على سلامة كوكب الأرض.
والأراضي الرطبة بحسب تعريف موقع الأمم المتحدة هي أنظمة بيئية حيث الماء هو العامل الأساس الذي يتحكم في البيئة والحياة النباتية والحيوانية المرتبطة بها. ويشمل التعريف الواسع للأراضي الرطبة كلاً من المياه العذبة والنظم الإيكولوجية البحرية والساحلية مثل البحيرات والأنهار ومستودعات المياه الجوفية والمستنقعات والأراضي العشبية الرطبة والأراضي الخثية والواحات ومصاب الأنهار ودلتا ومسطحات المد والجزر وأشجار المانغروف والمناطق الساحلية الأخرى والشعاب المرجانية، ومواقع الأنشطة البشرية من مثل أحواض السمك وحقول الأرز والخزانات وأحواض الملح.
وللأراضي الرطبة أهمية حيوية للناس وللطبيعة نظراً للقيمة الأصيلة لهذه النظُم الإيكولوجية والفوائد والخدمات المنبثقة منها، بما في ذلك مساهماتها على الصعد البيئي والمناخي والإيكولوجي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي والتعليمي والثقافي والترفيهي والجمالي في تحقيق التنمية المستدامة ورفاه الإنسان.
ومع أن الأراضي الرطبة تغطي 6 في المئة فقط من سطح الأرض، فإن 40 في المئة من جميع أنواع النباتات والحيوانات تعيش أو تتكاثر في الأراضي الرطبة. ولأن التنوع البيولوجي للأراضي الرطبة مهم لصحتنا وإمداداتنا الغذائية والسياحة والوظائف، فإن الأراضي الرطبة حيوية للبشر وللأنظمة البيئية الأخرى ولمناخنا، حيث تتيح خدمات النظم البيئية الأساسية مثل تنظيم المياه، بما في ذلك التحكم في الفيضانات وتنقية المياه. ويعتمد أكثر من مليار إنسان في جميع أنحاء العالم - أي حوالي واحد من كل ثمانية أشخاص - على الأراضي الرطبة لكسب عيشهم.