TOP

جريدة المدى > عام > الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون

الأجمل أن يكون المبدع دائما على شيء منها

نشر في: 11 فبراير, 2025: 12:01 ص

استطلاع/ علاء المفرجي
تتواصل المدى في الوقوف عند محطات الطفولة والنشأة الأولى عند عدد من مثقفينا ورموزنا الفكرية، ومن خلال حواراتهم مع المدى، وتكمنُ أهمّيّة المكان والطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون، فالمكانَ بفضاءاتِهِ الممتدّةِ ذا عمقٍ ارتباطيٍّ بالنّصِّ الأدبيِّ والفني، فلا حدودَ تحدّهُ ولا نقاطَ نهاياتٍ ينتهيْ عندَها فيضطرُّ الأديبُ أو الفنان إلى الاكتفاءِ بالبحثِ والوقوفِ، فتتجلى في نصوصهم الأدبية والفنية نفاصيل المكان واحداث الطفولة.
ولا شك أن طفولة المبدع ترتبط بشكل لا انفصام فيه مع المكان وهي التي تحرك الرغبة لما يكون اليه فيما بعد. الأدباء والفنانين الذين حاورناهم تحدثوا عن أثر المكان والطفولة في بناء شخصياتهم.
إجابات عدد من من أدبائنا وفنانانينا عن الطفولة والمكان لخصتها هذه الأسطر:
الشاعر هاتف جنابي
كنت الابن البكر لوالدين لا يعرفان القراءة والكتابة: أم حفظت كثيرا من الشعر الشعبي ورددت معظمه على مسمعي، وأب امتهن التجارة وكان سمحا وذا مهارات في الكلام وتكوين العلاقات الاجتماعية وتسهيل القضايا المعقدة، مع حس قوي في الانتماء إلى الأرض والأصول. لم يكن في منزلنا أي كتاب باستثناء كتبي المدرسية. باقي الأخوات والإخوة (ما عدا اثنين) ولدوا ونشأوا في النجف والقسم الآخر في بغداد. ارتبط مكان الولادة أيضا بأول منفى عشته في حياتي. اضطررنا لترك تلك الأرض بسبب صراع لا علاقة لنا به، وانتقلنا إلى أقرب مدينة فكانت النجف حيث كان لأبي منزل فيها يزوره أثناء رحلاته التجارية.
حينئذ تشكلت بداياتي الشعرية بممارسة القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة والخواطر وكتابة القصص القصيرة. لم أسع إلى الشعر، لكنه هو من هبّ لنصرتي في الأوقات الحرجة. كانت قصيدة "شرهان" من أوائل نصوصي الشعرية التي كتبت في المدرسة المتوسطة. تبرز فيها شخصية معارض اختلقت اسمه وتخيلته معلقا بإحدى المراوح الآنفة الذكر، وكيف كانت روحه تسيل على صبة المسجد، ورغم ما تعرض له من تعذيب وتهشيم وحرق لإحدى ساقيه، إلا أنه لم يستسلم، والغريب أنني سمعت حكاية فلاح فيما بعد له نفس الصفات والمعاناة وقد مات تحت التعذيب بسبب انتمائه للحزب الشيوعي العراقي!
أصبحت تلك المكتبات فاعلا في تلطيف غربتي، ملاذا روحيا ونفسيا لي ومعينا في التعويض عما فاتني من معرفة لغوية، شعرية، أدبية وفكرية. كنت أقرأ بمعدل عشر ساعات يوميا. تشكلت مراهقتي في هذا المكان وتكونت بدايات الرصانة اللغوية، ومعرفة قسط من الإيقاعات والأوزان الشعرية، والاطلاع على التراث الصوفي. مكثت ست سنوات في النجف وبعد البكلوريا- فرع الأدبي انتقلت إلى بغداد للدراسة بعد قبولي في جامعة بغداد. كان والدي يلح عليّ لدخول الكلية العسكرية، أو كلية الشرطة، أو الحقوق في أسوأ الأحوال، لكنني اتبعت طرقا عجيبة للتملص. كانت أكاديمية الفنون الجميلة هدفي الذي لم يتحقق، كما لم تتحقق غايتي الأخرى في القبول بقسم اللغة الإنكليزية، ولم يكن أمامي سوى دكتور كان اسمه علي عباس علوان كان جالسا خلف كشك من أكشاك التقديم آنذاك، شجعني على قسم اللغة العربية الذي قبلته على مضض. لم أكن أعرف أن هذا الأستاذ سيدرسني مادة العروض في السنة الأولى، وأن نازك الملائكة الشاعرة الرائدة التي قرأت لها سابقا ستكون أستاذتي في مادة الأدب الحديث، وأن د. فاضل السامرائي (وهو شقيق الشاعر عبد الرحمن طهمازي) سيكون أستاذي في النحو، وأن الشاعرة عاتكة الخزرجي أستاذتي في مادة البلاغة، ود. إبراهيم السامرائي أستاذنا ورئيسا للقسم، وأن د. عبد علي الجسماني أستاذي في علم النفس، وأن أساتذة كالدكتور مهدي المخزومي ود. علي جواد الطاهر ود. عناد غزوان، كانوا جزءا منا!
غادرت العراق للدراسة، وآثرت عدم الرجوع أليه، وطأة الاضطهاد والقمع الذي بدأ يسوده.. وبدأت رحلتك مع المنفى لأكثر لما يقارب الخمسين عاما، ألا ترى أن المنفى يشكل شرطا في كتابة الشعر، خاصة بركون الانسان في العزلة والغربة الى ذكرياته، وليس هناك أروع من الشعر في تجسيد الذكريات؟
واجهت المنفى وأنا في الحادية عشرة من عمري، اقتلعت عنوة من مكان مولدي، فعشت تجربة الغربة والمكان الجديد، ثم العيش بعيدا عن حنو الوالدين في كركوك، وكان عليّ الهرب ليلا عبر زاخو بحجة رحلة صيفية إلى أوروبا. بعد اجتياز الحدود ودخول الأراضي التركية، سألني الجالس جنبي في الحافلة عن اسمي فقلت له "غريب"! طمأنني وقدم نفسه، اسمي "رؤوف مسعد" أنا من مصر! كان يعمل في مؤسسة المسرح، حاول مساعدتي وتقديم المشورة لي، وعرفت بعد سنوات بأنه هرب إلى أوروبا ولم يعد! أصبح المنفى الذي لا تحده حدود مكان إقامتي. صاغ المنفى مخيلتي وحياتي ووجودي باعتباره مصيرا محتوما. حتى أيقنت أن تكرار كلمة "المنفى" في شعري لا يفي بالغرض ولا يعكس حجم وطبيعة هذا المنفى الذي تملكني، حتى نسيت ذكره مكتفيا بأفعاله وآثاره! اشتغل المنفى عليّ يوميا كما لو أنني "فأر" بافلوف المختبري، حتى تحققت مقولة الشاعر تشيسواف ميووش: "المنفى يحطم وإن لم يحطمك فستكون بفضله أقوى"! وإذا حصل هذا التهشيم فإنه لا يمس الإنسان جسديا فحسب، بل سيشل قدرته على التفكير والإبداع. كلما كبر الإنسان أكثر استبسل في داخله إحساس بالعودة إلى المنابع الأولى. عادة ما يتشبث كل من المنفى والغربة والعزلة بالذاكرة وهي محطات لو اجتمعت لأصبحت بمثابة "بحر سارغاسو" في المحيط الأطلسي، أما أن تبتلعك دوائره وتياراته الهائلة إلى الأبد أو أن تعينك على مواصلة الإبحار في بحار ومحيطات العالم. معظم الأسماء المعروفة في عالم الإبداع التي نعرفها اليوم هي من خميرة هذه التوليفة، بعضهم بلعته التيارات والآخر ما زال طافيا.
الفنان التشكيلي صبيح كلش
في بواكير طفولتي، حين كانت الأيام ما تزال غضّة والرؤية تتشكل على مهل، انبثقت في ذهني صور حيوية لمناظر ومشاهد وأوجه تترقرق في الخيال كينابيع نورانية، دون أن أمتلك آنذاك أداةً للإمساك بها، كنت أتابع بفضول فطري طيور الحقول، وبيوت القصب والطين، وأرسمها بين طيّات الذاكرة، بيد أنّ الألوان لم تكن قد استقرت بعد في يدي، ثم جاءتني هدية صغيرة، علبة أقلام ملونة، أزالت عنّي حيرة التعبير وأخذت بيدي نحو العالم البصري، أمسكُ بالأقلام فأحيلُ البيوت والأزهار والأشجار والطيور التي تجول في خاطري إلى خطوط وألوان فوق الورق، حتى بدت لي هذه المناظر واقعاً حياً نابضاً.
عندها، عملت بنصيحة مُحبٍّ: أن أرسم الأشجار والطيور في الحديقة المجاورة لمنزلنا، لأتوثّق أكثر من جمال الطبيعة وبلاغة تكوينها. ثم اندفعت أرسم وجوه الناس وملامحهم، متأثراً بأفلام كنت أراها وتترك في نفسي صدى، ولم يفتني التشجيع الذي تلقيته من الأهل والجيران والمحيطين بي، فازداد حماسي ورغبتي في تنمية موهبتي.
وفي المرحلة المتوسطة، وجدتُ في معلم التربية الفنية الراحل، الفنان شاكر حسن السعيد أباً روحياً ومرشداً حكيماً، إذ شجّعني على المضي قدماً، ومهّد لي الطريق نحو معهد الفنون الجميلة في بغداد، مؤسساً لبذور إبداعي التشكيلي.
وبعد التحاقي بمعهد الفنون الجميلة، توسع أفق معرفتي وعمق إحساسي بالتشكيل، فصرتُ عضواً فاعلاً في جمعية الفنانين التشكيليين ونقابة الفنانين العراقيين، وبدأتُ منذ عام 1970 أشارك في المعارض المحلية التي تقيمها الجمعية ووزارة الثقافة والمؤسسات الفنية، وقد صقلت هذه المشاركات خبرتي وصقلت رؤيتي، فلم أنقطع عن حمل ريشتي ولا عن التجريب، حتى خلال فترة دراستي في كلية الفنون الجميلة ببغداد، حيث حازت أعمالي على استحسان النقاد والمهتمين بالشأن الفني والثقافي، هذا التواصل المستمر مع المشهد الفني والبيئة الثقافية أثرى تجربتي وصقل موهبتي، حتى غدوت مؤهلاً لخوض تجارب أوسع، فسافرت لإكمال دراساتي العليا في مجال الفنون.
لم تكن دراسة الفنون في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة (البوزار) في باريس حلماً رسمته بوضوح في مخيّلتي منذ البداية، ولا كان الالتحاق بجامعة السوربون غايةً سعيت إليها في بادئ الأمر، لقد كان خروجي من العراق أشبه بهروب من واقعٍ مريرٍ أثقل كاهلي، ولم أكن حينها قد قرّرت بعدُ أيّ وجهة ستحتضن خطاي.
حصلت على تأشيرات متعدّدة لدولٍ أوروبية مختلفة، ومنها ألمانيا والدنمارك والسويد وفرنسا وإيطاليا، استهللت رحلتي بمدينة ميونخ الألمانية، ثم انتقلت إلى كوبنهاغن في الدنمارك، دون أن أجد هناك استقراراً يضفي الطمأنينة على روحي التوّاقة إلى فضاء إبداعي أرحب.
وعندما وصلت إلى باريس، شعرت للمرة الأولى بأنّني أبصرت النور والثقافة في آنٍ معاً، كانت المدينة بمثابة "مرسى" أرخيت عند شواطئه "حبال سفينتي"، فوجدت فيها بعض الأصدقاء العراقيين الذين سبقوني للدراسة: الفنان فيصل العيبي، والراحل الفنان صلاح جياد، والفنان نعمان هادي، والفنان غسّان فيضي.
الفوتوغرافي أنور درويش
ولادتي في مدينة الموصل القديمة الساحل الايمن منطقة باب الجديد محلة القنطرة، ومنطقة باب الجديد قديمة عريقة انجبت العديد من الفنانين والمبدعين منهم الشاعر الكبير معد الجبوري والشاعر حيدر محمود عبد الرزاق والشاعر وليد الصراف والمسرحي الكبير بيات محمد حسين مرعي والموسيقار البارع خالد محمد علي والمطرب عامر يونس وآخرون لا يسعني الوقت لذكر اسمائهم ولقد كان لمحلة القنطرة التي تؤطر ازقتها وتحكي قصص جداتنا عن الزمان وعبق المكان بحياتها العفوية وبساطة العيش فيها الاثر الكبير في بناء شخصيتي الموصلية فالبيئة الموصلية عموما غزيرة بالموضوعات المختلفة والمشاهدات اليومية التي تساهم في خلق مناخ مناسب لتنمية المواهب – ولكوني نشأت ايضا من عائلة امتهنت الفوتوغراف
فعمي ابراهيم الدرويش فنان فوتوغرافي وثق اهم معالم مدينة الموصل في الخمسينات والستينات حتى مطلع السبعينان ومازالت صوره خالدة على مواقع التواصل الاجتماعي
ووالدي علي الدرويش، صاحب ستوديو فينوس ومصور مجلة الجامعة منذ العدد صفر حتى توقفت بسبب الحصار … بالتاكيد كان لوالدي الفضل الكبير لميلي الى هذا الفن وبناء شخصيتي الفوتوغرافية فمنذ طفولتي وانا في المرحلة الابتدائية كنت ارافقه الى الاستوديو في العطل الصيفية واتعلم منه ابجديات العمل في مهنة التصوير مثل غسل الافلام الاسود والابيض وتحميضها وطباعة الصور بالمحاليل اليدوية
الروائي والناقد جاسم عاصي
المحفز الأول هو معلم اللغة العربية في الصف الرابع الابتدائي الأُستاذ (فاضل عباس الكاتب) وبطريقته في تدريس مادة الإنشاء (التعبير) كيف كان يوزع علينا قصص الأطفال. وأتذكر أن حصتي كانت قصة (الراعي الطماع) على شكل كتيب. وفي الدرس الذي تلا طلب منا فتح دفتر الإنشاء بعد أن سحب القصص. وطلب تلخيصها في الدفتر. فكانت درساً بليغاً تحقق من خلال قراءة كل تلميذ لموضوعه، والمعلم يصحح مفردات اللغة على السبورة. تلاه مدرس مادة اللغة العربية في الأول متوسط الأستاذ (حسين الجبوري) الذي درّب نظراتنا على قراءة الكتب ومنها (مسخ كافكا)، وكانت موضوعات الإنشاء غريبة علينا. أتذكر منها (استيقظت فجراً فوجدت نفسك حشرة/ حذائي القديم/ أوراق الخريف) ويتابعنا بمثل ما كان يتابعنا المعلم في الصف الرابع. كذلك لعبت البيئة التي نشأة فيها محفزاً ودوراً كان أساسياً ومركزياً في نشأتي الأدبية بما فيها الصحف التي انتشرت في حقبة الستينيات من القرن الماضي وكنت أقتنيها وأرٌها. ولعل التعدد في خصائص تلك البيئة ساعدت على استنهاض الحس الطبقي وشعوري المفارق في الوسط الذي كنت أعيش داخله، فبدأت منذ تلك الفترة منتمياً سياسياً. نشأت على الجدية في العمل وتنفيذ الواجب والالتزام بما يتوجب أداؤه في الحياة.مما صقل شخصيتي الاجتماعية. كذلك انغماسي في العمل الذي كنت أُمارسه في ورشة صناعة الحلويات، المجاورة لسكننا. كانت علاقات العمل خير تمرين لكشف خصائص المحيط وتنمية الشعور بانتمائي للوجود، وتوسع نظرتي للحياة والعلاقات الاجتماعية. لقد كنت رجلاً في هيئة شاب يستقبل الحياة برغبة رغم منغصاتها. وقبلها نشأتي في الكتاتيب (الملالي) لحفظ أجزاء القرآن الكريم. حيث كان مكتب الملة في خان كبير تدور داخله فعاليات العمل وحركة العمال خاملي البضاعة للتخزين. فقد درست في ثلاث تكيات للصبيان يُدريها (ملّة) وهم (الملا جاسم، الملة أحمد، الملة حلبوص) و(ملاتين) هنَّ (الملاية أُم عبد الرضا، والملاية آسيا). ولا أنسى مشهد راسخ في ذاكرتي يوم اختطف الملة (عبد الرضا) ابن الملاية (أم عبد الرضا) من قبل رجال النظام وضاعت أخباره، وسمعنا أنه اُبعد إلى سجن (نقرة السلمان) وقيل مات في ظروف التعذيب القاسية. وكم كانت مفاجئة عودة (عبد الرضا) بعد ثورة تموز عام 1958 وهو مهدم الجسد، بلغ من الشيخوخة مبلغا لكنه عاد إلى دكانه في قيصرية البزازين يعلم الصبية حفظ أجزاء القرآن كوالدته في البيت. هذه الحادثة وحوادث أُخرى متنت انتمائي إلى الطبقة العاملة والفقراء، وغذت ملكتي العقلية بالوعي المبكر والانشغال بأُمور الحياة. كذلك ادماني على ارتياد دور السينما في مدينة الناصرية كالبطحاء والأندلس والفرات، وأثارتني أفلام حقبة الخمسينيات والستينيات آنذاك بما زخرت فيه مشاهدها بالبيئات المائية والجبلية والصحراوية، خاصة أفلام الكابوي والتيه في صحراء الرمال والمياه كالبحار ومشاهد القراصنة خاصة الرجال ذوي العين الواحدة والأُخرى المنطفئة والمغطاة بقطعة جلد سوداء وأفلام(طرزان).
وكم كانت تُثيرني تلك الشخصية وتؤرقني أثناء النوم. كانت القراءة المنظمة وتحت رعاية أمين المكتبة في مدينة الناصرية القاص (صبري حامد) خير من نما عندي حب القراءة بما كان يقدمه لي من تسهيلا الاستعارة الخارجية دون تأمينات مادية، التي كانت محددة بـ (دينار واحد) للكتاب. كما وركزت في ذاتي ملكة القراءة سفري إلى مدينة البصرة والاتصال بأقران خالي الذين نظموا لي قوائم بأسماء الكتب التي يتوجب قراءتها.ثم اطلاعي على الحياة في المدينة التي أجدها مغايرة عما اعتدت عليه في مدينتي خاصة كدور العرض السينمائي وشخصية(تومان) الجاذبة والتي كتب عنها القاص الأب (محمد خضير) تحت اسم(جيجان).
الفوتوغرافي هادي النجار
ولدت في مدينة كربلاء المقدسة وفي وسط محلات كربلاء العتيقة وبوسط عائلة كادحة يعمل والدي نجارا وسط سوق منطقة باب السلالمة … لم يكن أي من افراد عائلتي او اقاربي يعمل في مجال التصوير الفوتوغرافي وكانت الشرارة عندما اهدت لي والدتي كاميرا صغيرة عند عودتها من رحلة الحج ولا ادري ما الذي دعا والدتي لاختيار هذه الهدية ربما كانت الكاميرا ذات قيمة كبيرة في حينها وكانت هي البداية وعلى ما اتذكر كان ذلك عام 1972 لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تعاملت مع الة التصوير حيث كانت العوائل تستأجر الة تصوير من محلات التصوير للقيام بتسجيل ذكرياتهم ولكن تلك الالة المهداة لي دفعتني الى المزيد من التعرف على اسرار الفوتوغراف واستهوتني كثيرا النتائج التي حصلت عليها ولم يكن من السهل الحصول على نتائج التصوير حيث عليك الانتظار لفترة طويلة والتردد على محل التصوير كثيرا ولعدة مرات لغرض الحصول على النتائج لذلك رغبت كثيرا بالقيام بعمليات الاظهار والتحميض للأفلام والطباعة بنفسي ولم يكن ذلك سهلا حيث كان يعتبر سرا من الاسرار التي لاتحصل عليها بسهولة ومع ذلك قمت بعمل غرفة مظلمة في سرداب البيت وهو افضل مكان للقيام بعمليات التحميض والطبع حيث سهولة الحصول على الظلام وكذلك العزلة عن بقية غرف البيت وبذلك تمكنت من القيام بكل عمليات الحصول على صورة وطبعا كانت كل الصور بالاسود والأبيض ولم يكن التصوير الملون متاحا في ذلك الوقت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الحصيري في ثلاثة أزمنة

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

الهوية والتعبير الاسلوبي.. مشتركات تجمع شاكر حسن واللبناني جبران طرزي

موسيقى الاحد: احتفاليات 2025

تنويعات في الوضوح

مقالات ذات صلة

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون
عام

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون

استطلاع/ علاء المفرجي تتواصل المدى في الوقوف عند محطات الطفولة والنشأة الأولى عند عدد من مثقفينا ورموزنا الفكرية، ومن خلال حواراتهم مع المدى، وتكمنُ أهمّيّة المكان والطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram