بغداد/ تميم الحسن
تصاعدت منذ مطلع العام الحالي موجة نادرة من "النزاعات القانونية"، بدأت من المحافظات وانتقلت إلى الرئاسات.
وتظهر هذه الموجة انقسامات سياسية حادة، فيما تتحرك تحت تأثيرات "الدعاية الانتخابية".
وحتى اللحظة، لم تعلّق الحكومة على الدعاوى القضائية النادرة التي رفعها رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزيرة المالية طيف سامي، بشأن امتناع الوزارة عن صرف رواتب الموظفين في إقليم كردستان.
وأثارت الدعاوى جدلاً في الإعلام العراقي، في وقت حاولت فيه الرئاسة التخفيف من الأزمة، وأعلنت أن الأخيرة ما زالت داعمة للحكومة والسلطات العراقية.
وأفاد هاوري توفيق، المدير العام في رئاسة الجمهورية، بأن "رئيس الجمهورية ليس خصماً لأي سلطة دستورية في البلاد، وأن الدعوى التي تقدمت بها رئاسة الجمهورية أمام المحكمة الاتحادية تهدف إلى حل أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان".
وقالت الرئاسة يوم الأحد، في مؤتمر صحفي: "يسرّنا أن نعلن لشعب كردستان أن رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد سجل دعوى قانونية أمام المحكمة الاتحادية".
وهذه هي المرة الأولى منذ 2003 التي يرفع فيها رئيس الجمهورية دعاوى قضائية ضد رئيس الحكومة.
وأضاف توفيق في بيان أن رئاسة الجمهورية هي الداعم الأول للحكومة الاتحادية ولحكومة الإقليم في إيجاد الحلول المناسبة بموجب القوانين النافذة وتحت مظلة الدستور، مبينًا أن الدعوى قد تم تسجيلها في 20 كانون الثاني الماضي، لكن الإعلان عنها تأخر بسبب الإضراب الذي ينفذه المعلمون في الخيام.
واتهمت بعض الأطراف رئاسة الجمهورية بأنها تستثمر اعتصامات المعلمين في السليمانية للتأثير على مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان.
وتطالب الدعوى المحكمة بـ"إصدار أمر ولائي عاجل لصرف رواتب موظفي إقليم كردستان بشكل مستمر ومن دون انقطاع"، وفقًا لما ذكرته رئاسة الجمهورية.
كما أوضحت الرئاسة أن "الدعوى تطالب بعدم اعتبار الإجراءات الفنية، مثل ميزان المراجعة والتدقيق والرقابة، عاملًا في تأخير صرف الرواتب".
وتسرّبت معلومات تفيد بأن أساس المشكلة لا يتعلق برواتب كردستان، وإنما بـ"حجب" وزارة المالية "نثريات ورواتب المستشارين في الرئاسة" وإرسالها ضمن رواتب الإقليم.
وقد تسلم الموظفون في الإقليم رواتبهم لشهر كانون الثاني، إلا أنهم ما زالوا ينتظرون أجر كانون الأول.
وفي المقابل، هاجمت رئيس حركة إرادة حنان الفتلاوي، رئيس الجمهورية، ودعته إلى الكف عن "المزايدات الانتخابية".
وقالت الفتلاوي في تدوينة على منصة "إكس": "رئيس جمهورية العراق يرفع دعوى بالمحكمة الاتحادية ضد رئيس الوزراء على موضوع رواتب موظفي الإقليم؟!".
وأضافت: "فخامة الرئيس، غرامات شركة IQ التابعة لولدك، والبالغة 991 مليارًا، تكفي لرواتب الإقليم... سددها حتى ندفع الرواتب بدلًا من أن تطالبنا بقطع رواتب الوسط والجنوب لتسديد رواتب الإقليم".
واختتمت التدوينة بالقول: "كفى مزايدات انتخابية".
وفي كانون الثاني الماضي، أمر السوداني هيئة النزاهة الاتحادية بإجراء تدقيق بشأن عقد تمرير سعات الترانزيت الخاص بشركة "آي كيو" (IQ) لخدمات الإنترنت.
كذلك، انتقد النائب حسين عرب رئيس الجمهورية، وذكره في تدوينة على "إكس" بأحد أفراد طاقم مكتبه.
وتساءل عرب مستغربًا في تدوينته: "لا أعرف من أشار على رئيس الجمهورية برفع دعوى قضائية على رئيس الوزراء؟".
وأضاف: "هل كان يعلم بسكرتيره الخاص حينما أُلقي القبض عليه متلبسًا بالجرم المشهود؟ عليك أن تتحمل المسؤولية بلا تحايل".
وفي كانون الثاني الماضي، اعتقلت القوات الأمنية أحد الأشخاص، الذي قيل إنه سكرتير رئيس الجمهورية، بتهمة تلقي رشوة، فيما وصفته الرئاسة بأنه "فرد حماية"، بحسب بيان رسمي.
الشرارة من المحافظات
قبل ذلك، كانت النزاعات القانونية قد تزايدت في المحافظات، وهي ليست بعيدة عن "المزايدات الانتخابية".
وتشير مصادر سياسية لـ(المدى) إلى أن "الخلافات داخل الإطار التنسيقي رمت بظلالها على الحلفاء".
وتؤكد المصادر أن "هناك إعادة رسم للخرائط السياسية في المحافظات استعدادًا للانتخابات المقبلة المتوقعة نهاية العام الحالي".
ويلعب نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، وفق المعلومات، دورًا مهمًا في تغيير التحالفات السياسية بالمحافظات.
وتشير المعلومات إلى أن المالكي أوقف صفقة بين صهره ياسر صخيل ومحمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق وزعيم تحالف تقدم.
وكانت الصفقة تتضمن تغييرًا شاملًا لمحافظ ورئيس مجلس بغداد، لكن القضاء أوقف تغيير المسؤولين.
وأصدر القضاء الإداري "أمرًا ولائيًا" بإيقاف إقالة عبد المطلب العلوي، محافظ بغداد وأحد قيادات حزب الدعوة، كما أوقف قرار إبعاد عمار القيسي، رئيس مجلس محافظة بغداد، واستبداله بالقيادي في "تقدم" عمار الحمداني.
حدثت صفقة مشابهة في ذي قار، لكن مع أطراف آخرين، حيث يُعتقد أن المالكي تحرك في المحافظة لسحب منصب المحافظ من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم.
وبعد إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، تشكل تحالف سياسي من 12 عضوًا في مجلس المحافظة وذهبوا للقاء المالكي في بغداد.
ولحقت هذه التطورات تحريك دعاوى قضائية ضد أعضاء في مجلس المحافظة متورطين في "ابتزاز" الإبراهيمي.
إضافة إلى ذلك، هناك دعاوى قضائية مستمرة ضد حكومة كركوك، كما لاحقت الدعاوى محافظ نينوى عبد القادر دخيل، ورئيس المجلس أحمد الحاصود.