د. فالح الحمـراني
على خلفية التطورات الإقليمية الخطيرة ظل مجمل الوضع في العراق بعيدا عن الاستقرار. وفي الوقت نفسه، تستمر التناقضات والتنافس بين القوى السياسية العراقية الرائدة في البلاد. وتجري على الساحة السياسية للبلد مناقشة القضايا المتعلقة بحل مشكلة الجماعات المسلحة غير النظامية العاملة في البلاد. فيما زادت الولايات المتحدة ضغوطها على قيادة البلد أجل التوصل لنزع سلاحها. ولا يزال هناك عدد من التناقضات السياسية والاقتصادية والإقليمية والعسكرية دون حل بما في ذلك في العلاقات بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات إقليم كردستان العراق. ولا تزال هناك صعوبات خطيرة في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية العراقية. وفي مجال السياسة الخارجية، بذلت القيادة العراقية الشهر الماضي جهودا لتعزيز مكانة البلاد في منطقة الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية ككل. في الوقت نفسه، تم إيلاء اهتمام متزايد للوضع في سوريا المجاورة.ووصف المرصد الشهري لمعهد الشرق الأوسط في موسكو بان الحالة الأمنية في بعض مناطق العراق صعبة. بادئ ذي بدء، ينطبق هذا على المناطق الشمالية من الجمهورية المتاخمة لتركيا. ولا تزال الإجراءات الأمنية المعززة سارية في المناطق المتاخمة للحدود مع سوريا.
ومن التحديات الأمنية التي تواجه البلاد رصد التقرير أن القوات المسلحة التركية لم توقف عملياتها العسكرية ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني التركي ومقره هناك.
ولاحظ جود مؤشرات على تنشيط داعش تحركاته في الآونة الأخيرة. فعلى الرغم من أن التنظيم الإرهابي لم يعد القوة النافذة التي كان عليها في منتصف عام 2010، إلا أن قدرته على البقاء وقدرته على التخريب والنشاط الإرهابي لا تزال تشكل تهديداً طويل الأمد لاستقرار العراق. ولا يزال "الجهاديون!" قادرين على التخريب المستدام ويستخدمون أيديولوجيتهم الظلامية لتجنيد شرائح مظللة في العراق، ويحتفظون بالقدرة على القيام بأنشطة إرهابية في عدة مناطق من البلاد. ولهذا الغرض، يستخدم التنظيم "خلاياه النائمة". ولا يزال التنظيم ينشط في الدعاية واجتذاب ويا للأسف مؤيدين جدد، لا سيما في أوساط الشباب المُظلل.
ويدعو التقرير الى البحث عن وسائل مناسبة للتصدي للتنظيم الإرهابي: ففي الوضع الحالي، تتطلب مواجهة تشكيلات داعش بأسلوب جديد مناسب مع تغير أساليب الإرهابيين إذ باتت فلول التنظيم الإرهابي تعتمد بصورة رئيسية على تكتيكات حرب العصابات والاختباء في المناطق النائية، "مما يجعل من الأولوية تحسين الخدمات الاستخباراتية والأمنية". واستناداً إلى المعلومات الواردة، يعتقد المراقبون السياسيون والعسكريون أن تنظيم داعش عزز قدراته وموقعه منذ سقوط نظام الأسد في سوريا.
وحسب تقديرات الرصد فان العراق غير قادر بمفرده ملاحقة واجتثاث فلول داعش المهددة: فلا يزال الجيش العراقي يعتمد بشكل كبير على مساعدة الولايات المتحدة في عمليات مكافحة الإرهاب. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، أجرى الجيش العراقي خمس عمليات مستقلة فقط لمكافحة الإرهاب ضد مسلحي التنظيم الإرهابي دون مساعدة قوات التحالف. ووفقاً للخبراء العسكريين، " نظراً لتنامي نشاط تنظيم داعش في العراق، لا يزال أمام الجيش طريق طويل قبل أن يتمكن من تولي مهمة مكافحة الإرهاب بشكل كامل". وهكذا، ووفقا للتقرير فحتى اليوم، لا تزال القدرة القتالية للقوات المسلحة العراقية والميليشيات وقوات البشمركة غير كافية رغم التقدم الملحوظ الذي أحرزته.
وفي تناوله لسمات الوضع الداخلي خلال الشهر الماضي، رصد إن الوضع السياسي الداخلي في العراق ما زال معقداً. وان التناقضات والتنافسات بين القوى السياسية العراقية الرئيسية القائمة في البلاد، مما يؤثر سلباً على حل العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المشاكل الملحة في البلاد. ولا تزال المشاكل العالقة ذات الطابع السياسي والاقتصادي والإقليمي والعسكري تعقّد العلاقات بين الحكومة المركزية العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق. وتجري بغداد وأربيل مشاورات ومفاوضات منتظمة مع حكومة الإقليم.
وتشكل القضايا أعلاه خلفية لجدول أعمال زيارة رئيس الوزراء محمد السوداني المرتقبة لموسكو. وجاء في بيان للخارجية الروسي بصدد حصيلة زيارة الوفد الروسي برئاسة نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا ميخائيل بوغدانوف مؤخرا إلى بغداد إن "الجانب الروسي اعرب عن دعمه للجهود الفعالة للقيادة العراقية الرامية الى زيادة تعزيز الاستقرار السياسي المحلي، ومكافحة الإرهاب والتحديات الأخرى التي تواجه قضايا الأمن القومي لهذا البلد العربي الصديق، وحل المشاكل والمسائل ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي التي تواجهها جمهورية العراق، وتعزيز الدور المؤثر البناء لبغداد في الساحة العربية بشكل عام."
وأشارت قراءات في موسكو الى أن الزيادة المرتقبة لرئيس الوزراء السوداني ستكون ذات طابع اقتصادي أكثر. فقد حصلت الشركات الروسية على فرص واسعة للعمل في" البلوك 12"وحقول غرب القرنة -2، وإريدو، وبدرة والناصرية". - وفي هذا الصدد، قالت قراءة صحفية:" إن هذه الحقول هي حقول النفط والغاز في الشرق الأوسط التي لا تزال غير مستكشفة بشكل كافٍ في منطقة الشرق الأوسط. وأشارت إلى "أن هناك ميزة كبيرة تتمثل في أن روسيا يمكنها تشغيل مشاريع نفطية في العراق حيث يرفض اللاعبون الغربيون العمل بشكل دوري".
ووفقا لتك القراءات فان" العنصر العسكري في المفاوضات هو أكثر من مجرد إزعاج تكتيكي تم استخدامه لأغراض سياسية: على سبيل المثال، من المعروف أنه على عكس الشائعات العديدة حول اهتمام العراق بالحصول على معدات الدفاع الجوي الروسية السوفيتية يبدو أن العراقيين قد خطوا خطوة نحو تشيونغونغ - 2 (M-SAM II) لكوريا الجنوبية ". لكن "الجانب المناهض للإرهاب سيظل على جدول الأعمال". – علاوة على ذلك، عمل المتخصصون الروس سابقًا في بغداد في مركز التنسيق الرباعي (روسيا وسوريا والعراق وإيران).
وفي الوقت نفسه، يرى مراقبون مهتمون بقضايا الشرق الأوسط أن الاتصالات بين روسيا والعراق مهمة في حد ذاتها حالياً. وقال مصدر في تصريح لوكالة "نوفوستي" الروسية: "إن موسكو بحاجة إلى مواصلة نشاطها في المنطقة واتخاذ تدابير لمكافحة الأزمة على خلفية سقوط نظام الأسد، وبغداد، على خلفية إضعاف "محور المقاومة" بحاجة إلى تعميق العلاقات مع مختلف اللاعبين - ليس فقط مع إيران أو دول الخليج - من أجل إعادة التوازن".