TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المسكوت عنه في اقتصاديات المحاصصة

المسكوت عنه في اقتصاديات المحاصصة

نشر في: 19 فبراير, 2025: 12:02 ص

ثامر الهيمص

(اللا مركزية بما يرتبط بها من تعدد مرجعيات التي تعود الى سلطات محلية تساعد على تقوية سلطة الاعيان المحليين , وتعزز روح الطائقية . ومن المعروف انه في فرنسا كذلك , اتجهت سلطات المناطق الجديدة , في اغلب الاحيان الى اليمين من تلك التي يعبر عنها على المستوى القومي , وذلك ليس من قبيل الصدفة) . سمير امين
من هنا ننطلق اي من اللامركزية وبعد 2003 ، ظهر وتبلور المسكوت عنه توافقيا ، كون اللامركزية , باتت مجرد قيادات لاعيان محليين , وهكذا كانت الارضية السياسية الاجتماعية , على حساب المواطنة , ليصبح المسكوت عنه امرا واقعا ومشروعا لامد مفتوح بلا سقف زمني .
ترتب اولا واخيرا , تجميد قوننة مواد وفقرات اساسية من الدستور , باتت محورا للالتفاف والحوار العقيم بين القيادات المحلية , لتواكب شرذمة المحلية ذاتها , لتصبح غير جاهزة للتوحد مع اخواتها في المواطنة . ولعل ابرز مظاهرها , تجميد وترحيل قانون النفط والغاز وشركة النفط الوطنية , لتصبح سومو بديلا , ليركد في انتظار غودو ، اي العبث .
مع العلم ان النفط والغاز يشكل ما يقارب 90% من مدخلات الموازنة عموما , ليغلق الباب امام الواردات غير النفطية , ليترتب في ضوئها نسب فقر متتالية ان لم تكن متفاقمة , وبتردي خدمات التربية والتعليم والصحة , لنتلقاها بخطوات مستعجلة لاغراض انتخابية محلية الطابع اما عشائريا او مناطقيا . كما ان تراكم المشاكل ناجم عن الاهمال بسب العر والجر بين القوى المحلية مما تراكم من الاف المشاريع المتلكئة التي تدفع ثمنها الحكومة الحالية.
ولعل هذا كان السبب الاساس في عدم تشكيل مجلس الاعيان او الشيوخ كرمز يحول دون سطوة النزعة المحلية , التي تتغذى من اللامركزية .
وكنتيجة طبيعية افرزت هذه الحالة من التوافق على حساب المواطنة الحقيقية ، اذ باتت التنافسات بين الكتل باسمائها البرلمانية انها مجرد ممثلين لطوائف واثنيات بحق الفيتو لقادة الكتل كما تجسدت مؤخرا بالسلة الثلاثية .
فأن الدولة النفطية تجنح في تطورها جنوحا يشوه مؤسساتها، ويضعف قدرة هذه المؤسسات ، وان التساوم الاولي بين شركات النفط الحريصة على ضمان مصادر نفط جديدة من النفط الخام , وبين الحكام المحلين التواقين الى ترسيخ القواعد المؤيدة لهم يخلف ورائه – مهما كانت الفوائد المتبادلة عند الطرفين – ارثا مريرا من المركزة الشديدة للسلطة السياسية , وشبكات التواطئ المستمدة من الضرائب المحلية , و على دعم الاسعار المصطنع بفضل ريوع النفط , واتواطئ موظفي القطاع العام واصحاب القطاع الخاص , واختلال التنمية باعتمادها واعتماد ا التنمية على دعم الاسعار المصطنع لفضل ريوع النفط بحيث تتولد عن ذلك حلقة مفرغة من نتائج التنمية السلبية . (تيري لي كارل/ مخاطر الدولة النقطية / تأملات في مفارقة الوفرة / ص11/ 2007) .
نجم عندنا كما جسده غياب شركة النفط الوطنية او تغييب دورها المتعمد من قبل الجهات الساكتة والمسكوتة , لنعاني لحد اليوم من مشكلة رواتب كردستان وما ورائها من مواقف ودعاوي على مستوى دولي .
وفي هذا السياق ,و ينبثق جرح الكمارك برسومها وضرائبها , والتي تعالج باستحياء , لننتظر صفقة نظام السلة الواحدة التي هي عبارة عن منطق الافلاس التوافقي , وفي ذات السياق ارتهن امننا الغذائي بوزارة التجارة التي هي حصة احد الاجنحة , ليمشي بذات النهج الذي رسمه الفايروس اللبرالي , بتعويم الدينار الى تعويم الرقي والكرفس وغالب عناصر المائدة العراقية , ليستقوي الاقتصاد الموازي نتيجة التهريب للمواد الغذائية والاستهلاكية , بشدة الطلب على البترودولار .
فالنظام الاستيرادي على حد ما قاله احد المستشارين , الى ضرورة السيطرة عليه , الذي يشهد توسعا عشوائيا , يستنزف الاحتيطات الاجنبية للبلاد . واكد ان الموارد الاجنبية يجب ان توجه نحو استيرادات منتجة تعزز الاقتصاد . بدلا من الاستهلاك المفرط الذي لا يسهم في في بناء قاعدة انتاجية قوية , كما شدد على اهمية تبني سياسات تجارية دقيقة تشجع توفير مستلزمات الانتاج بشكل مستدام . (جريدة الصباح / ليوم /12/شباط /2025) . هذا ايضا حصاد المسكوت عنه توافقيا ايضا .
وايضا كان الحرج واضحا بالحيلولة دون الاتمتة للاداء الحكومي لحسم ملفات الفساد نسبيا ولكنه يتعثر مادامت هناك مفاسد , على الاقل من خلال الناطق الرسمي بالكشف غير الدقيق لغرض عدم المساس باداء الحليف في الطائفة او الاثنية , وخوفا على شرف العشائر التي ينتمي اليها الفاعلون المباشرين وغير المباشرين من المتواطئين , الذين بات الامر لايشرف بعد الكشف اي لم يتم التوافق على اللفلفة , ولم يغطيها المسكوت عنه , كونها باتت تزكم الانوف او غير ذات جدوى سياسية او اقتصادية , اي ليست كفضيحة الامانات الضريبية كاملة الاركان . وهكذا دب دبيبها..
في ضوء هذا الاداء المسكوت عنه انعكس اقليميا من خلال ملف المياه , الذي بات كملف الغاز الذي يروي الكهرباء الوطنية , عموما يمكن القول : ان من يكن هذا اداءه الذي يعبر عن هشاشة على اية حال . فملف المياه بحججه الحالية , لا يغفر , ولكن المصالح هي الاغلب لتكتمل الحجة من انه ليس لدينا زراعة ااو صناعة تحمينا من الاستيراد العشوائي وليس لدينا صناعة نفطية تحمينا لغياب شركة النفط الوطنية , تكون المعادلة لصالح الطرف الاخر خصوصا بغياب ارادة صلبة لا ارادة توافقية هشة (ارادة اصحاب السلات) , كما ان الطبقة المسؤولة عن الصناعة والزراعة غيبتها شعارات الاشتراكية في الاصلاح الزراعي والتاميمات عام 1964 لتعززها عنتريات فارغة حتى 2003 ’ ولكن هل سعينا لاحياء هاتين من الفاعلين الزراعيين او الصناعيين , ام اكتفينا بمؤتمرات عشائرية ومن لجانها البرلمانية او مديرلتها في وزارة الداخلية , بدون اي علاقة تذكر في الزراعة او الصناعة ام لمجرد تكريس لصراعات محلية اخذت ابعاد غير امنية على الاقل على مستوى المشايخ او الجمعيات الفلاحية , وهكذا في النقابات التي تكرس تراجع الصناعة , لم نسمع لها صوتا مسموعا لا في الشارع ولا البرلمان ,
ان وهم السياسة مرتبط يشكل وثيق بنظرة فكرية معينة تعتبر بموجبها العلاقات الاقتصادية مستثناة في اقتصاد السوق . والحالة هذه فأن الاقتصاد هو مكان علاقات السلطة . وبشكل خاص , في الشركات , ويطرح كل اتخاذ قرار مهما كان مجال تطبيقه , مشكلة السلطة والاقتصاد هو مكان لاتخاذ القرار بامتياز . (مارك فلورباييه / ترجمة عاطف المولى /ص44/ الراسمالية ام الديمقراطية / خيار القرن الواحد والعشرين / 2006).
بترجمة عراقية شعبية يكون البكاء غالبا على الهريسة . وهكذا ترتبت الامتيازات غير الدستورية وبلا قوانين دستورية الاصل , بحيث بات رقما صعبا في الموازنة اصعب من الاستثمار واخواته الباقيات الصالحات . ولكن الامل في ما نرى من اضاأت وبصيص نسأل الباري ان يحميها من عجاج الداخل والخارج .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram