TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خلاف الجمهوريين والديمقراطيين حول "الفاتورة الكبيرة الجميلة": صراع رؤى حول دور الدولة وأولوياتها الاقتصادية والاجتماعية

خلاف الجمهوريين والديمقراطيين حول "الفاتورة الكبيرة الجميلة": صراع رؤى حول دور الدولة وأولوياتها الاقتصادية والاجتماعية

نشر في: 3 يوليو, 2025: 12:03 ص

محمد علي الحيدري

يمثل "قانون الفاتورة الكبيرة الجميلة" (Big Beautiful Bill Act) محطة جديدة في المواجهة السياسية المتصاعدة بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، ويكشف عن تباين جوهري في رؤيتهما لطبيعة الدولة الأميركية، وحدود تدخلها، وأولوياتها في العقد المقبل. فبينما يرى الجمهوريون في القانون فرصة لإعادة ضبط مسار الاقتصاد الأميركي عبر تخفيضات ضريبية كبيرة وإنفاق أمني متزايد، يحذّر الديمقراطيون من أن نصوصه تهدد بنسف ركائز الحماية الاجتماعية، ولا سيما من خلال تقليص مخصصات برنامج "ميديكيد" الصحي.
يتضمن مشروع القانون حزمة شاملة من السياسات التي تعكس أولويات الجمهوريين في عهد ترامب الثاني: تخفيض الضرائب على الأفراد والشركات، تقليص الإنفاق العام، وتوجيه الموارد إلى الأمن القومي ومراقبة الحدود. ويأمل الجمهوريون أن تمثل هذه الخطوة انطلاقة جديدة للاقتصاد الوطني تقوم على تحفيز الاستثمار والحد من الاعتماد على الدولة. لكن الديمقراطيين يرون في هذه الرؤية اختزالًا ضارًا لوظيفة الدولة، وتحميلًا غير عادل لتبعات السياسات الاقتصادية على الفئات الأضعف.
أبرز مظاهر الخلاف تكمن في مسألة "ميديكيد"، إذ تشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO) إلى أن تمرير القانون بصيغته الحالية سيؤدي إلى فقدان نحو 11.8 مليون أميركي لتأمينهم الصحي بحلول عام 2034، فضلًا عن إضافة قرابة 3.3 تريليون دولار إلى الدين العام خلال الفترة من 2025 إلى 2034، أي بزيادة تقارب تريليون دولار مقارنة بالنسخة التي مررها مجلس النواب. هذه الأرقام تعزز موقف الديمقراطيين الذين يعتبرون أن القانون يفتقر إلى التوازن المالي والاجتماعي.
على الصعيد التشريعي، يواجه القانون تحديات مؤسسية معقدة. فبعد إقراره في مجلس النواب ذي الأغلبية الجمهورية، أدخل مجلس الشيوخ تعديلات جوهرية عليه، لا سيما فيما يتعلق بالرعاية الصحية. وقد حذّر رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، من الابتعاد عن الصيغة الأصلية، ما ينبئ بصراع جديد داخل الكونغرس قد يعرقل تمرير المشروع ضمن المهلة الزمنية التي حددها ترامب لتتزامن مع احتفالات الرابع من يوليو.
يتجاوز هذا الخلاف البعد التشريعي إلى ما هو أعمق، إذ يعكس رؤيتين متناقضتين لدور الدولة: الأولى جمهورية تنزع إلى تقليص تدخل الحكومة وتعزيز الحريات الاقتصادية، والثانية ديمقراطية تؤمن بضرورة استمرار الدولة في لعب دور مركزي في ضمان العدالة الاجتماعية وتوفير الخدمات الأساسية. وفي ظل التحضيرات المبكرة للانتخابات المقبلة، من المرجح أن يتحول النقاش حول هذا القانون إلى محور أساسي في الحملات الانتخابية القادمة، ما يجعل من تمريره أو تعطيله نقطة فاصلة في إعادة رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية للولايات المتحدة في السنوات المقبلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram