في زمن الاصرار على التخلف ورفض مغادرة الجهل يجد النصابون الاجواء مناسبة وملائمة لتحقيق مآربهم، وهذه الظاهرة غادرتها المجتمعات المتمدنة منذ قرون ، لكنها في المنطقة العربية مازالت سائدة ، وخطورتها تكمن في سعي قوى تعتقد بانها تمتلك النفوذ والتاثير في شرائح واسعة من المجتمع لتحقيق مكاسب آنية أو بعيدة المدى ، تندرج ضمن الاستعداد لخوض الانتخابات. والشواهد في الساحة العراقية في اطار هذه المسعى كثيرة ، وما يؤشر عليها انها في كثير من الاحيان تتجه الى مخاطبة العواطف والانتماءات مذهبية كانت او قومية لضمان اصوات الناخبين. وخلال حملات التنافس الانتخابي طالما اعترض كيان او قائمة على هذا التوجه باصدار بيان يتضمن التمسك بضوابط السلوك الانتخابي .
في زمن بعيد غامر احدهم بخوض تجربة يهدف من ورائها الحصول على مكاسب شخصية لا تتعدى ضمان توفير الطعام والاقامة ، ولكنه احتفظ بتطلعاته الاخرى في الحصول على زوجة بعد نجاح مشروعه في اقناع المعجبين باحاديثه ومشروعه المستقبلي في زرع البعرور ثم حصد الغنم . مضت الايام والرجل يعيش في بحبوحة في ظل نشاط واضح شارك فيه الرجال والنساء والاطفال لتنفيذ فكرته ، وحينذاك شعر ان الصفحة الاولى من مشروعه المستقلبي تمت بنجاح ساحق ، فبدأ يخطط لصفحات اخرى باعتماد حيل جديدة تنطلي على عقول صغيرة تركت اعمالها ونشاطاتها وتوجهت لجمع البعرور .
قبل حلول موسم حصد الاغنام بحسب ادعاءات صاحب فكرة زرع البعرور ، وفي لحظة الرجوع الى العقل والنظر الى الامر من زاوية الشك ، توجهت شابة الى رجال قومها وخاطبت عقولهم بالسؤال: هل زرع اجدادكم او غيركم البعرور وحصدوا الغنم ؟ وهل فيكم من سمع بهكذا معجزة حصلت في مكان اخر؟ خلّف كلام الشابة تساؤلات ، وحفز العقول على مراجعة قناعاتها ، وعندما ادرك صاحب الفكرة ان احباط مخططه بات وشيكا لان اصحابه قرروا اخيرا العودة الى عقولهم ، دعاهم الى استخدام الصوف سمادا لزرعهم ، وبين رفض وقبول للدعوة الجديدة جمعت الشابة الاطفال وقادت "تظاهرة احتجاجية تطالب برحيل زارع البعرور. في الايام المقبلة ومع بدء العد التنازلي لاجراء انتخابات مجالس المحافظات والاقضية، وفي حمى التنافس سيتجه بعض المرشحين لاستنساخ زارع البعرور ليبدأ نشاطه في اماكن معينة تستجيب لدعواته والاعيبه برفع شعارات تحمل الوعود في الحصول على وظيفة حكومية ، والقضاء على البطالة وتحسين الخدمات ، ونصرة المظلومين ، ورعاية الايتام والارامل بمنحهم رواتب الرعاية الاجتماعية ، وربما تنطلي هذه اللعبة على البعض ، فيما يراها اخرون انها اكذوبة قديمة غير صالحة للاستخدام في الوقت الحاضر. في الدورة التشريعية السابقة اقر مجلس النواب نظام السلوك الانتخابي ، لكن معظم القوائم لم تلتزم بنصوصه، فمفوضية الانتخابات ليست لديها الاليات ووسائل المراقبة الكافية لرصد مخالفات التنافس، وانما تعتمد على شكاوى الاخرين ، وليس من صلاحياتها ان تمنع نشاط زارع البعرور بالدعاية لقائمة محددة قد وفرت في وقت مبكر اعدادا كبيرة من الطليان لاعداد ولائم في مؤتمراتها الانتخابية.
يا زارع البعرور
[post-views]
نشر في: 17 ديسمبر, 2012: 08:00 م