TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > حدث في مثل هذا اليوم: انبثاق النفط في كركوك

حدث في مثل هذا اليوم: انبثاق النفط في كركوك

نشر في: 12 أكتوبر, 2012: 06:07 م

في مثل هذا اليوم من عام 1927 شهدت مدينة كركوك حادثا مثيرا ، كان له التأثير الكبير على تاربخ العراق الحديث ، وهو انبثاق النفط بكميات تجارية هائلة في حقل نفط منطقة بابا كركر ، التي كانت تعمل على التنقيب فيه شركة نفط العراق البريطانية التي نالت حق الامتياز عام 1925 . كُتب عن الحادث :
 وكان المكان يبعد ميلاً ونصف ميل عن كركوك ..الهدوء يعم المنطقة ، لا يقطعه سوى صوت رتيب ،غالباً ما سمعناه عندما تدك مطرقة عملاقة رأس اسطوانة حديدية تكون أساسات لعمارة شاهقة :بوف بوف ..بوف ..وهنا صوت حفارة البترول البريطانية التي وصلت إلى عمق 1521 قدماً ،والدلائل تشير إلى وجود آثار (حياة)بترولية تحت هذه البقعة
واستمر صوت الحفارة يصارع يأس العاملين عليها في ليلة حالكة الظلام ،حتى اقترب عقرب الساعة ليسجل الثانية صباحاً ،ولكن أحداً لم يسمع الدقتين التقليديتين، إذ طغى عليهما فحيح هائل ، أعقبته ضجة من فوهة البئر طارت على إثرها الآلات والمكائن في الهواء!
كان ذلك تدفق أول بئر بترول في العراق ؛ كان الظلام دامساً ،بعد أن قطع التيار الكهربائي ، فلم يستطع احد أن يتبين مقدار تدفق هذا الذهب الأسود ..ومع خيوط الفجر ، ومن بين الخيط الأبيض الممتزج بالخيط الأسود ، اتضحت معالم النافورة التي كانت تدفع النفط إلى علو 140 قدماً في الجو.
وطيرت البرقيات المستعجلة غالى كل مكان .. وشمر الخبراء عن سواعدهم للسيطرة على هذا المارد الذي جن من الطرق على رأسه ،ولكن عاصفة رملية تحالفت معه وانضمت إليه فرجحت كفته على الخبراء.
وجاء الليل فتوقف الجميع عن العمل بعد يوم شاق ،ماعدا البترول ، فقد كان يندفع بمعدل 80 ألف برميل في اليوم الواحد وكوّن حوله بحيرة قطرها 100 قدم أقاموا عند طرفها سداً لحماية الوادي من هذا الطوفان الجديد.
وخلد الطاقم إلى النوم بعد كد وعمل مضن ،ومع الغبش عاودوا الحركة ..ومر اليوم الثاني.. والثالث.. والرابع ..والخامس ..أيام فشلت فيها جميع الجهود التي بذلها الخبراء للسيطرة على (بابا كركر رقم واحد ).
..وحيال عناد البئر المتدفقة ، وكإجراء احتياطي جلبت الشركة 800 عامل من أنحاء القرى المحيطة بالمدينة ،وبعضها تبعد مسافة 40 ميلاً ،جاء منها عمالة قطعوا المسافة في اثنتي عشرة ساعة سيراً على الأقدام ليعملوا في إقامة حواجز وسدود جديدة ووقف الجمع الغفير مندهشاً أمام المنظر العجيب :ألسنة من النار وكأنها مياه متدفقة حمر تتراقص أمام الليل الذي بدأت خيوط ظلامه تتجمع والعمال قد أنهكهم العمل الشاق وكاد يخنقهم الغاز المزعج وحيال مشكلة الغاز المتسرب اضطرت الشركة لإرسال موظفيها إلى المنازل المحيطة بالمنطقة ومعهم وجبات طعام مطبوخة جاهزة لتقديمها للأهالي حتى لا يحتاجوا إلى إشعال النيران لطهو أي طعام.إن شرارة في هذا الوقت معناها حريق هائل لا يعلم مداه الا الله!
وبعد تسعة أيام بنهاراتها ولياليها وظهر 23 تشرين الأول من عام 1927 استطاع الأهالي أول مرة أن يسمعوا دقات الساعة تعلن الثالثة بعد الظهر: لقد تمكن الإنسان بعد صراع الجبابرة أن يسيطر على أول بئر لبترول في العراق
 رفعة  عبد الرزاق محمد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

خطوة جريئة: ممثلون موصليون شباب ينتجون فيلم أكشن

(حوار مع بغداد) أعمال من الغرانيت في المعرض التاسع للنحات علي نوري

مواقع أثرية عراقية ستدخل لائحة التراث العالمي: خطوة للحفاظ على التاريخ

«صابوان كران»: حي تراثي يعكس روح السليمانية

اقــــرأ: مدينة القديس أوغسطين

مقالات ذات صلة

في معرضه الجديد فائق العبودي يستحضر الحضارات القديمة

في معرضه الجديد فائق العبودي يستحضر الحضارات القديمة

متابعة المدى افتُتح معرض الفنان التشكيلي العراقي السويسري “فائق العبودي” بعنوان “أبجدية الأسلاف” في غاليري الأرض بمدينة زيورخ، حيث عرض العبودي 15 عملًا فنيًا أثارت تساؤلات عميقة لدى الجمهور الذي توافد لحضور الافتتاح، والذي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram