اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن :محاصصة على الهواء مباشرة

العمود الثـامـن :محاصصة على الهواء مباشرة

نشر في: 21 أغسطس, 2011: 10:30 م

علــــي حســين منذ أن أصدر المفكر الكبير الأستاذ علي الشلاه توجيهاته بالتحرك الفوري لإجبار وزارة التربية باعتماد دراسة النظريتين الإسلاميتين السنية والشيعية، في المدارس، والشارع الثقافي يعيش حالة من الحراك والتفاعل مع الدعوة التي انطلقت من قبة البرلمان وسمع دويها في قارات الدنيا السبع.بداية أرجو ألا يتصور البعض أنني اسخر من السيد الشلاه، فالرجل بالفعل مفكر حيث يسعى دوما إلى رفدنا بالمشاريع العظيمة
والتي تهدف إلى خدمة المسيرة الثقافية لهذا البلد، وبصرف النظر عن أن أفكار الشلاه من النوع المحمل برؤوس فكاهية تصيب متلقيها بنوبات لا تتوقف من الضحك الهستيري إلا أنها تبقى أفكارا يمكن أن تغير وجه العالم يوما ما، وبعيدا عن التصريح الذي أطلقه حول نظريته التعليمية، فان حديثه عن المكونات داخل تلفزيون العراقية يعد سابقة أولى في مجال تطوير الإعلام المرئي، وفي حدود معلوماتي المتواضعة هذا المرة الأولى في التاريخ تقدم مثل هذه الأفكار في مجال التلفزيون، ففي رده على اعتراض الزميل سالم مشكور على سوء اختيار الوجوه التي لا تجيد قراءة النشرة داعيا لاستبدالها بمذيعين متمكنين، قال الشلاه إن النجومية لاتهمنا، ما يهمنا هو تمثيل كل المكونات في شبكة الإعلام العراقي، وانا استمع لهذه النكتة الكسيحة تخيلت الشلاه واقفا على باب تلفزيون العراقية تحت "لافتة" ذات ألوان براقة مكتوب عليها "ادخلوها محاصصة"، بعد هذا المشهد سأضمن للسيد الشلاه بان يفوز بمنصب رئيس محطة الـ(CNN) إذ لم تدخل الـ(BBC) على خط المنافسة.من أسوأ الأقوال المأثورة عن الحكومة بدءاً من رئيس الوزراء ومرورا بمعظم المقربين هو ربط الوظيفة بسوق الطائفية، وأزعم أن هذا الربط يشكل إهانة بالغة لقيمة المواطنة، بحيث يتحول معها العمل الوظيفي من غاية نبيلة وهدف لخدمة الناس، إلى مجرد وسيلة لتكريس مبدأ المحاصصة سيئ "الصيت". بالأمس خرج علينا السيد رئيس الوزراء، وعلى الهواء أيضا، ليقول كلاما جميلا نبه فيه إلى أن "هناك إرادات داخلية وخارجية تعمل على تعطيل أداء الحكومة، لأن البعض لا يريد أن يرى العراق قويا وثريا قادرا على بناء نفسه في وقت قصير"، لافتا إلى أن "مفهوم الشراكة مفهوم جميل، لكن يجب أن تعرف هذه الشراكة وفق آليات محددة".ولم تكتمل فرحتي لان السيد المالكي ختم حديثه بجملة بقيت عالقة في ذهني حيث قال "تم الاتفاق على إحداث التوازن في مؤسسات الدولة"، طبعا التوازن الذي تحدث عنه السيد المالكي لا يختلف عن مصطلح تمثيل المكونات الذي تحدث به السيد الشلاه. ليس أقبح من أن يقال إن الكفاءة لم تعد معيارا للتميز والصعود الاجتماعي والإنساني، لأننا بذلك ننسف أرقى ما يجعل الإنسان إنسانا بحق، ونقتل أي فرصة لكي يفرز هذا الوطن مبدعين وأكفاءً. وإذا كان السيد المالكي ومعه الشلاه يفتون بان المهنية ليست مقياسا للعمل، فما هو المطلوب من أي شاب أو شابة لكي يصل إلى المكان الذي يحلم به في المجتمع؟ هل نسوق الناس كالقطيع للعب في بورصة الطائفية والمحاصصة. وإذا كانت هذه هي نظرة كبار المسؤولين في الحكومة للوظائف الحكومية، فمن الطبيعي للغاية أن يصبح منتهى أحلام أي شاب أن يصبح عضوا في كتلة سياسية تمهد له طريق الوصول إلى الوظيفة ومن لم يستطع فليس أمامه سوى الحلم بأن يصبح نائبا، ومن لم يستطع فلتبتلعه البطالة أو الغربة في رحلة هجرة إلى المجهول، وإذا ترسخ لدى العراقيين أن الكفاءة والمهنية لا تعنى شيئا للحصول على مكانة لائقة في المجتمع، فطبيعي أن تتحول الشوارع إلى ساحات لممارسة جميع أنواع رياضات الخروج على القانون والسخرية من أية قيمة أخلاقية أو اجتماعية، لينسحب معنى "المواطنة" وتسود قيم عصور العتمة. غير أن قائمة الأقوال المأثورة للحكومة لم تخل من نظريات أخرى عبثية وتهريجية منها مثلا ما يخرج به "المقربون" من تصريحات متناقضة، فالبعض يؤكد موافقة الحكومة على التمديد للقوات الأمريكية، فيما آخر يظهر بعد ساعة يقسم بأغلظ الأيمان أن الحكومة ترفض وبالثلاثة بقاء أي جندي أمريكي، ورغم ذلك المواطن لا يعرف هل سيخرج الأمريكان أم هم ضيوف دائمين علينا. لا أدري لماذا لا يتحلى منظمو حملة التسبيح للحكومة بقليل من الرحمة والشفقة إزاء هذا الشعب المسكين الذي يطلب منه دوما أن يشارك في أفراح الحكومة وأحزانها بينما لا يشاركه أحد من السادة المسؤولين والأخوة "المقربين" لا في فرح ولا في حزن. واقع الحال أننا نعيش زمن الشعارات التي تطلق وتترك تسبح في الفضاء..  زمن السياسيين الذين يمثلون على أنفسهم وعلى العالم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طلب 25 مليونا لغلق قضية متهم بالمخدرات.. النزاهة تضبط منتحل صفة بـ"موقع حساس"

أسعار صرف الدولار في العراق

محاولات حكومية لانتشال الصناعة العراقية من الاستيراد.. هل ينجح الدعم المحلي؟

اكتشاف مقابر جماعية جديدة في الأنبار تفضح فظائع داعش بحق الأبرياء

فوائد "مذهلة" لممارسة اليوغا خلال الحمل

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram