قبل أن تحل السنة الجديدة 2013 صدرت كتب الفلكيين ووصلت إلى المكتبات العراقية في وقت مبكر، وسط رغبة واسعة في اقتنائها، من مختلف شرائح المجتمع، فهي تقرأ المستقبل وتلبي حاجة المؤمنين بالغيب في محاولة لكشف المجهول ومعرفة المصير، فحامل الشهادة الجامعية العاطل عن العمل يبحث عن فرصة تعيين ثم الارتباط ببنت الحلال، والشابة تبحث عن شريك مناسب للدخول في القفص الذهبي، وكل طالب حاجة يتطلع لتحقيق مبتغاه، بالبحث إشارة تمنحه بارقة أمل في كتب الفلكيين.
يعلم معظم مقتني تلك الكتب أنها تصدر لأغراض تجارية بحت، وما تحمل من قراءة للمستقبل ليست صحيحة لأنها تستند لافتراضات وتصورات، لكنها تخضع لصياغة تمتلك إمكانية التأثير، على الرغم من اعتراض الكثير عليها لما تتضمنه من " كلاوات " وأكاذيب، ظلت محافظة على رواجها، لوجود من يرغب في شراء بضاعة تخضع للعرض والطلب، وهذه التجارة سائدة في كل مكان وحتى في العالم المتمدن.
في تقرير بثته إذاعة دولية عن تمنيات العراقيين في السنة الجديدة، عبر المتحدثون عن قلقهم من وجود رقم 13 فضلا عن مخاوفهم من قضايا أخرى تتعلق باستمرار الأزمة السياسية، وتداعيات الاحداث في المنطقة، وظهور شبح اندلاع حرب إقليمية ستلقي بظلالها على الساحة العراقية، والمسألة لا تتعلق بالرقم المشؤوم، وإنما بمعطيات تحصل على الأرض تبدأ بما يجري في سوريا، والتلويح بغلق مضيق هرمز، وسرقة ثورات الربيع العربي من قبل جهات تريد فرض إرادتها بالقوة للسيطرة على السلطة، وتنتهي بمحاولات إعادة المجتمعات للقرون الوسطى بذرائع الحفاظ على قيم أخلاقية اندحرت أمام غزو أجنبي،هذه المظاهر وغيرها عوامل رئيسية في رواج تجارة إصدار كتب الفلكيين.
تحتفظ الذاكرة الشعبية العراقية بمخاوف من حلول" السنة أم ذويل " عندما يظهر مذنب في السماء، ومثل هذه الظاهرة الفلكية النادرة، تثير الرعب لأنها نذير حصول كوارث مثل الفيضانات، وغزو الجراد، واندلاع حروب، وما تبقى من الذاكرة انتقل إلى الجيل الحالي فأبدى هو الآخر قلقه من كوارث محتملة بغض النظر عن ظهور المذنب، وبحساب العرب كما يقول العراقيون، موازنة العام المقبل نحو 112 مليار دولار وفي البلد أكثر من ثلاثة ملايين يتيم، فقدوا الآباء بالحروب وبعمليات إرهابية، أما أعداد الأرامل والعوانس فهي الأخرى بانتظار إجراء الإحصاء العام للسكان للحصول على بيانات دقيقة، وفي ضوئها ستبحث الجهات صاحبة القرار الحلول المناسبة لمعالجة المشكلة، وبحساب العرب، وجود الملايين من دون دخل ثابت في بلد نفطي، يعني أن "نجمة أم ذويل " فضلت المكوث الطويل في السماء العراقية ورفضت الأفول. ولهذا أصبح من الضروري أن تكون المطالب الشعبية أمام القوائم المستعدة لخوض انتخابات مجالس المحافظات والأقضية في الشهر الرابع من العام المقبل تتلخص بوقفة جادة لإنقاذ العراقيين على رؤية نجوم الظهر وإثبات براءة المذنب من تهمة اندلاع الكوارث.