بغداد/ نورا خالد تصوير / أدهم يوسف لم تكن جريمة اغتيال هادي المهدي مفاجأة، على الأقل للذين يعرفونه، فالفقيد كان صوتا واضحا ضد الفساد والمفسدين وضد الطائفية وأنصارها ولهذا كان مفهوما للجميع أن القتلة الظلاميين لا يفهمون معنى إصرار شاب مفعم بالأمل والحياة على تقديم نفسه
فداء لقضية آمن بها، الذين يعرفون هادي المهدي جيدا يعرفون روح الإنسان المناضل فيه، يعرفون إخلاصه وحبه للوطن، يعرفون انفعاله وسرعة اتخاذه الموقف، ولكنهم يعرفون أيضا المحبة التي يحملها للجميع والجرأة التي تمكنه من الوقوف بوجه أصعب المواقف وروح الرفض التي في داخله. حاولوا ترويضه حينها وعذبوه بخسّة ودون رحمه،لكنه فضحهم في كل مكان وبشجاعة أربكت من كان وراء جريمة اعتقاله. ولم يكن متكسبا على أبواب حزب ما من أحزاب السلطة، ترك نعيم وهناء أوروبا وجاء ليخدم وطنه، مهموما بمستقبل قادم لبلاد عشقها وحلم بحريتها، سواء من خلال مواقفه الاحتجاجية او من خلال أعماله المسرحية او من خلال برنامجه الإذاعي الشهير يا سامعين الصوت. هادي المهدي شهيد ساحة الحرية، رمز من رموز حركة الاحتجاج العراقية من اجل الإصلاح، أقام بيت المدى في شارع المتنبي حفلا تأبينيا لمناسبة مرور أسبوع واحد على رحيله. ابتدأت الفعالية التي قدمها الإعلامي رفعت عبد الرزاق بالوقوف دقيقة صمت على روح الفقيد ليعرض بعدها الفيلم الوثائقي " شهيد ساحة التحرير " الذي أنتجته وحدة الإنتاج التلفزيوني في مؤسسة المدى وكتبت السيناريو له الإعلامية سعاد الجزائري، حيث تفاعل الحضور مع المشاهد المؤثرة التي قدمها الفيلم ومع كلمات هادي المهدي التي كانت أشبه بموسيقى حزينة بعدها تحدث الحاضرون وكان أولهم الروائي حميد المختار الذي ألقى قصيدة في رثاء الراحل. حميد المختار:وجهك يلمع كالشمس الذي ألقى قصيدة رثاء مهداة إلى الراحل شهيد ساحة التحرير هادي المهدي جاء فيها: أمام بوابة الأبدية الضيقة جسدك مسجى ووجهك يلمع كالشمسلكن نهارك كان أكثر عتمة ثمة عرق ينبض في جسدكالحفارون تواروا عنك بعيداً لم يهيلوا التراب عليك كانت السماء تهيل زهوراً في ساحة كهرمانة كان عليك أن تقف حاملاً جرارك المليئة بالزيت لتدلقها قرب رؤوس المحتلفين بنصرك. عزيز خيّون: حلم هادي المهديالفنان عزيز خيون كان ثاني المتحدثين إذ قال: في هذا الصباح البغدادي المشرق أبداً يجمعنا لنحتفي بصوت عراقي أصيل، هو امتداد شجاع لكل الأصوات الخيرة التي حلمت وتحلم ببناء عراق نتمناه ونرسمه يومياً، كلا بطريقته الخاصة أتحدث عن هادي المهدي كمسرحي من جيل كنا نعده لكي يكمل الحلقات الوسطية للحركة المسرحية العراقية نتوسم بهادي المهدي كاتباً، نتوسم به ناقداً، حيث أضاء أحد تجاربي المسرحية عام 1987، بالقاهرة التجريبي احتفظ له بين سجلاتي بمادة نقدية لهذه المسرحية، هادي المهدي كطاقة وكحلم هو من الأبناء البررة لم أفاجأ باستشهاده، هذا اليوم نحتفي باستشهاد المهدي من أجل ذلك الحلم حزنا عليه كحزننا على أي طاقة عراقية، نحن في هذا الزمن نحتاج إلى أي طاقة حقيقية وفي كل المجالات، في هذه اللحظة لا أجيد الكلام فقط سأقول لهادي: إن اللافتة التي حملتها باتت تكبر شيئاً فشيئاً وسنستمر بفعل الخيرين أمثالك. مهدي الحافظ: هادي المهدي ضحية الغدر والإرهاب والانتقام الأعمى السياسي والاقتصادي المعروف الدكتور مهدي الحافظ أكد في كلمته عن الراحل، أن هذه مبادرة فريدة، حيث يتلاقى الجميع لإحياء ذكرى الشهيد هادي المهدي ضحية الغدر والإرهاب والانتقام الأعمى ولعل الدرس الأهم هو جمع الكلمة على مواصلة روح الكفاح دون كلل من أجل عراق ديمقراطي راسخ، في ظله سائر القرى والفئات والمواطنون أجمع تتنعم بثمار الحرية والكرامة والعدالة والتسامح الديني، تحية لذكرى الفقيد ولجميع العاملين من أجل مواصلة الكفاح العتيد والثبات للشعب العراقي بجميع فئاته وطوائفه.عواطف نعيم: نداء إلى هادي المهديالفنانة عواطف نعيم بدأت كلمتها بنداء وجهته إلى هادي المهدي قائلة: ((كلمن يهز بخنجره / كلمن يهز بسلاحه كل الشوارع عزلت يمه/ كل المكاتب عزلت يمه يا الوكح أكعد راحة/ يا هادي دكعد راحة/ يايمه أكعد راحة)، لأنك تشعرنا بالخجل بصمتنا البائس.قاسم زيدان: وداعاً أيها العالم الغريبلقاؤنا الأول كان في مسرحية (وداعاً أيها العالم الغريب) التي أخرجها هادي المهدي في منتدى المسرح باتجاه نهر دجلة، تجربته التي كان ينشد بها حريته وشجاعته في فضح نظام قمعي استبدادي جثم على صدورنا عقودا من الزمن.. عالمك الغريب يا هادي ظل يتحرك معك طيلة تلك السنين نعم.. مسرحيتك الرافضة تلك أصبحت قانون حياتك ومنهج عملك المسرحي والإعلامي.. لا أدري كيف أعزي هذا العالم الذي يطرد وينفي قدسية.. لا أدري كيف أعبر لك عن أسفي لأني لم استطع حمايتك من الكاتم الشبح الذي ما زال يطاردنا جميعاً.لا أدري كيف ابعث لك نصوصاً مسرحية جديدة تقدمها مع الموتى والشهداء..لا أدري كيف أروي لأجيالنا القادمة حكاية الشهادة على خشبة الشجاعة.. الخشب
بيت المدى يؤبّن شهيد نصب الحرية
نشر في: 16 سبتمبر, 2011: 11:28 م