عرف المرحوم عبدالرحمن النقيب (ت 1927) بمزايا كثيرة، جعلته شخصية بغدادية متميزة عن الاخرين على ان شهرته عند الاجيال المتأخرة اقترنت بمنصبه السياسي – رئيس الوزراء في سنواته الاخيرة فضلا عن كونه (نقيب بغداد).
ولعل الاجيال الطالعة، التي شغفت بالتفاصيل الشخصية، سيسرها لو علمت ان النقيب كان يحرص على شراء الكتب وتجليدها بشكل جذاب، وكان له مجلد خاص به يدعى (حياوي) وتزخر المكتبة القادرية ببغداد بهذه التركة الخطية الثمينة كما كان يحب المصارعة الشعبية (الزورخانة) وتربية الخيول العربية والعناية الفائقة بالزراعة اما اهتمامه بالمقام العراق فلا مزيد عليه، ويقال انه كان جالسا في شرفة داره المطلة على دجلة وصادف ان مر زورق كان صاحبه يقرأ المقام بصوت مرتفع ويتخبط بضبط اصوله فصاح النقيب عليه ان يسكت ويسمع فقرأ له المقام بشكل اصولي (!).وكان يختلف الى مجلسه الذي كان يعقده في ديوان الحضرة الكيلانية بمختلف طبقات الناس من علماء وادباء وامراء واعيان وتجار وساسة ورؤساء الطوائف وزعماء القبائل اضافة الى عامة الناس وكان رحمه الله يتمتع بالمعية ادبية وعلم غزير مما جعله من انداد العلماء والادباء، وقد ذكر ان له مؤلفا باسم (الايام الشداد من تاريخ بغداد) ولايعرف عنه سوى اسمه ولعل احدا يعرف مصيره فينورنا بأمره!.ومن عاداته الطريفة التي اشتهرت على الالسنة، هوسه الكبير بالنظافة وقد دفعه هذا الهوس الى التوجس من مسك اي شيء قبل معرفة درجة نظافته، ومن ذلك تجنب ملامسة اليد او المصافحة وقد ذكر انه عندما يضطر الى مصافحة احد يبقى يده بعيدة عن جسمه الى حين مغادرة الشخص فيسرع الى غسلها، وقد اوكل الى احد خدمه بفتح الرسائل التي ترده ولايشرب من الماء الا اذا تأكد من كونه قد جلب من منتصف النهر، ومن الطرائف ان صديقه الحميم السيد محمد سعيد ال مصطفى الخليل داعبه عندما وجده حائرا امام مخطوطة جديدة عرضت امامه فقال له: بسيطة.. اغسلها بالماء (!).وقد اطلعت في احدى المجموعات الادبية المخطوطة ان الشاعر عبدالحسين الحويزي كان قد زار بغداد في اوائل العشرينيات فصحبه صديقه الشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي الى بيت السيد عبدالرحمن النقيب، وعند دخولهما الى مجلس النقيب بادر الزهاوي قائلا:-يا ايها النقيب الجليل جئتك بدرة يتيمة من درر النجف.فتقدم الحويزي وقدم يده لاجل مصافحة النقيب غير ان النقيب لم يعطه يده واكتفى بقوله: اهلا وسهلا..ويبدو ان الحويزي امتعض من ذلك ولم يكن يعرف طبائع النقيب فخاطبه مرتجلا:لم تخش سطوتك العليا وان عظمت لايرهب الباز شخص جاره الاسدوالليث والد ذاك الباز اكرمنامن طيب جدواه حاشا يبخل الولدفابتسم النقيب وصارحه نجله محمود حسام الدين بأن والده يعتريه الوسواس ولايصافح احدا!..
من طرائفهم...
نشر في: 4 أكتوبر, 2009: 05:30 م