TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > من البصرة إلى السليمانية . . رحلة آلام وآمال وطن

من البصرة إلى السليمانية . . رحلة آلام وآمال وطن

نشر في: 14 أكتوبر, 2012: 05:07 م

 شيرزاد عادل اليزيدي
راوحت جهود تسوية الأزمة السياسية العاصفة بالعراق مكانها على اثر رحلة رئيس الجمهورية جلال طالباني العلاجية إلى الخارج وكان لسان حال الوسطين السياسي والشعبي أن عودة الرئيس ستكون بداية لحلحلة الأزمة ،وهذا ما تجلى واقعا فور عودته مؤخرا ،إذ أخذت تنقشع شيئا فشيئا غيوم التوتر والتأزم لصالح التعويل على أحداث انفراجة حقيقية في الأزمة ،فبعد أن تحولت السليمانية إثر عودة مام جلال إلى عراق مصغر كملتقى لمختلف أطياف اللون السياسي والقومي والمذهبي في العراق حيث توالت الوفود الزائرة للرئيس مهنئة إياه بالعودة وبنجاح العملية الجراحية وتلك الزيارات وإن كانت غير مخصصة بالدرجة الأولى للبحث في الأزمة وسبل تذليلها بقدر كونها للترحيب والاطمئنان على صحته لكنها ولا شك شكلت توطئة لتلمس رئيس الجمهورية عن قرب مواقف ورؤى مختلف الفرقاء بما يساعده في بلورة تصوراته لسبل الحل وآلياته وكذا الحال كان في بغداد من بعد السليمانية حيث استمر الرجل في استقبال جموع المهنئين الذين شددوا على اختلاف توجهاتهم بل وتعارضها حتى على أن رئيس الجمهورية يبقى هو الخيمة الجامعة لمختلف العراقيين بمقارباته ومواقفه العقلانية الوطنية العابرة للاعتبارات الفئوية الضيقة التي تشكل خشبة خلاص من هذه الأزمة ليس السياسية فقط بل الوطنية التي يتخبط البلد فيها منذ أشهر وأشهر .

وهكذا وبعد سلسلة من اللقاءات المكثفة في بغداد عاد الرئيس طالباني إلى عاصمة إقليم كردستان هولير ( أربيل ) ليواصل مباحثاته تمهيدا لعقد لقاء وطني جامع لحل الأزمة على قاعدة التوافق والركون إلى الدستور بما يخرج البلد من أزمته التي للأسف باتت تتغذى على الأزمة الحادة العاصفة بالمنطقة ككل على خلفية الاستقطاب السني - الشيعي وتتشابك معها ولعل مواقف تركيا مثلا وتدخلاتها السافرة في الشأن الداخلي العراقي خير دليل على أن المضي في ترك الأزمة تعتمل دون معالجات وحلول جذرية عاجلة يشرع الأبواب أمام تدخلات إقليمية خطرة من شأنها العودة بالبلد إلى المربع الأول ما يهدد مجمل عملية التحول الديموقراطي في بلاد الرافدين التي كانت باكورة التحولات الكبرى التي تشهدها منطقتنا الآن ،الأمر الذي لا يصب في مصلحة أحد من العراقيين عربا وكردا شيعة وسنة ...

ولعل أصدق ما يجسد هذه الحقيقة هو جليل عبد الرضا المواطن العراقي البسيط لكن القوي الإيمان والارتباط بوطنه وبقيم التعايش والتسامح وقبول الآخر سبيلا لغد عراقي واعد ومزدهر، فقد قطع الطريق من البصرة في أقصى الجنوب العراقي إلى السليمانية المتربعة على جبال كردستان سيرا على الأقدام على مدى عشرين يوما حاملا علم إقليم كردستان كي يلتقي الرئيس مام جلال ليشكره بوصفه رجل السلام والحوار الأول على دوره التوفيقي لرأب الصدع وإنقاذ البلد من السقوط في هاوية التنابذ والاحتراب إن الطائفي أو القومي ،فعبد الرضا الذي قطع مئات الكيلومترات ( قرابة الألف كيلومتر ) مشيا بزيه العربي التقليدي وبيده العلم الكردي في رمزية بليغة يجسد والحال هذه ضمير العراق الاتحادي العربي – الكردي من خلال رحلته عميقة الدلالات من البصرة إلى السليمانية حاملا آلام وآمال وطن وشعب بأسرهما ،فالحري بالقوى السياسية العراقية وبالزعماء السياسيين على اختلاف  توجهاتهم وانتماءاتهم الاقتداء به والارتقاء إلى سوية وعيه الوطني الصادق حينها وحينها فقط سيمكن الخروج من دوامات التأزم المتوالية والدائرة في حلقة مفرغة غالى فضاءات البناء والتنمية والدمقرطة في إطار التنوع والتعدد وخدمة الإنسان العراقي بوصفه القيمة الوطنية العليا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الحرس الثوري يستهدف مقر البث الميداني للقناة 14 في حيفا بصواريخ "سجيل 3"

خامنئي: العدو الصهيوني يلاقي جزاءه الآن

إسرائيل تغتال عالماً نووياً إيرانياً في طهران

غالانت: تدمير "فوردو" مستحيل لإسرائيل.. وأميركا وحدها تملك القدرة

ماكرون: عرض تفاوضي شامل لإيران يشمل دعمها لحلفائها في الشرق الأوسط

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: الحرب التي تعنينا ولا تعنينا

العمود الثامن: انتخبوا ائتلاف "لولانا" !!

العمود الثامن: البرلمان حين ينام !!

العلاقات التجارية العراقية–التركية: بين توسّع التبادل وغياب التوازن

العمود الثامن: تحالفات .. وتحالفات

العمود الثامن: الإلياذة العراقية

 علي حسين كان الرئيس الفرنسي الرحل فرنسوا ميتران يعشق قراءة الملحمة الإغريقية "الإلياذة" وقد أخبر ذات يوم رئيس الوزراء دبيير مورواو أن العالم لا يزال يعيش مفاجأة حصان طروادة. تروي لنا إلياذة هوميروس...
علي حسين

كلاكيت: تحولات السينما العراقية

 علاء المفرجي تاريخ السينما العراقية طويلٌ قياساً إلى مثيلاتها في باقي دول المنطقة، إذ إنّها لم تبدأ بالإنتاج إلاّ في منتصف أربعينيات القرن العشرين، والإنتاج الأول مُشتركٌ مع مصر. كما لم تستطع، منذ...
علاء المفرجي

تكريم ضروري، تكريم متأخر

علي بدر يقف فخري كريم، في تلك اللحظة، وهو يلقي نظرة على نصف قرن من المجازفة بالكلمة، فهو الآن شاب في الثمانين من عمره، يقف في القاعة التي احتضنت قمة الإعلام العربي في دورتها...
علي بدر

المحكمة الاتحادية العليا وموازنة 2025 -استقراء قانوني-

د. اسامة شهاب حمد الجعفري الموازنة العامة الاتحادية مسألة اجتماعية, مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمعيشة الجماهير, والتأخير في تشريعها يعني ازمة اجتماعية, ولطالما عانى المواطن العراقي من تلك الازمة دون وضع حد لتلك العادة السياسية....
د. اسامة شهاب حمد الجعفري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram