 ذي قار/ حسين العامل
أثار الكشف عن حجم الأموال المصروفة لإنشاء نصب الشهداء في مناطق أهوار الناصرية والبالغة أكثر من  23 مليار دينار حالة من الاستياء بين السكان المحليين في قضاء الجبايش وأهالي الناصرية إذ تفتقر المناطق السكنية المحيطة بالنصب المذكور لأبسط الخدمات الأساسية. وفي تصريح لـ "المدى" قال الإعلامي رعد سالم الذي حضر حفل افتتاح النصب الذي أقيم في قضاء الجبايش ( 90) كم شرق الناصرية "لقد لمسنا ومن خلال مقابلاتنا مع السكان والمسؤولين المحليين عدم رضا شعبي واسع على إنفاق 23 مليارا و 200 مليون دينار لإنشاء نصب في منطقة الجبايش التي ما زالت تفتقر لأبسط الخدمات" . مشيرا الى افتقار قضاء الجبايش الى الأبنية المدرسية والمؤسسات الصحية ومشاريع الكهرباء والماء الصالح للشرب حيث ما زال السكان المحليون يشترون ماء الشرب من الصهاريج الأهلية. ذاكرا أن كلفة المشروع تعادل ما تم تخصيصه من أموال خلال السنوات الأربع الماضية لقضاء الجبايش ضمن الخطة التنموية الخاصة بالمحافظة،  مؤكدا أن المشروع وبالرغم من إنشائه على حساب خطة إنعاش الأهوار الا انه لم يسهم في إنعاش الأهوار ولا يعوض سكانها عن الحرمان الذي عاشوه طيلة العهود الماضية والحالية.
  نصب يحوي مطاراً!
وكانت محافظة ذي قار شهدت السبت الماضي حفل افتتاح مشروع نصب الشهداء في قضاء الجبايش الذي بلغت كلفته أكثر من  23 مليار دينار ، حيث حضر وزير الدولة لشؤون الأهوار حسن الساري، ورئيس مؤسسة الشهداء عامر الخزاعي فضلا عن كبار المسؤولين المحليين.
ويتكون النصب الذي جرى تنفيذه من قبل إحدى الشركات التركية  من قبة بارتفاع 36 مترا ونصف ، وبقطر 40 مترا وهو عبارة عن هيكل حديدي مغلف بمواد عازلة، كما يشتمل موقع النصب على مهبط للطائرات المروحية إضافة إلى  98 قبرا رمزيا  ومسجد بمساحة 250 مترا مربعا.ومن جانبه عد رئيس اللجنة الدينية والثقافية في مجلس محافظة ذي قار إنفاق الأموال الضخمة على نصب رمزي وفي منطقة تفتقر للخدمات تفريطاً بالأموال وتجاهلا واضحا لمعاناة السكان المحليين . وأوضح الشيخ فاخر يوسف باقر : الشهداء يستحقون الكثير ،  لكن الشهداء الذين استشهدوا من اجل الإنسان والأهداف النبيلة لا يمكن ان تطيب نفوسهم بهكذا هدر للأموال وهو يتنافى مع أهداف الشهداء .
وأضاف " لو كنا صادقين معهم لكنا اهتممنا أكثر  بأبنائهم وأبناء مدنهم ومناطقهم عبر تامين ما يلزمهم من خدمات تبعد عنهم حالة البؤس والفاقة والعوز والحرمان التي يعانون منها، وان نحقق الرفاهية لعوائلهم والمناطق التي عاشوا فيها والمناطق التي احتضنت جهادهم".   وأكد رئيس اللجنة الدينية والثقافية في مجلس محافظة ذي قار "تأييده لاعتراض الأهالي على إنفاق الأموال قائلا "أنا اؤيد اعتراض المعترضين على إنفاق هذا المبلغ الكبير في ظل الحرمان الذي يعيشه سكان الأهوار" ، لافتا الى أهمية اخذ أولويات السكان المحليين ومتطلباتهم الحياتية بنظر الاعتبار عند توزيع أموال الموازنة .
استاء شعبي كبير
وكان العديد من متابعي المواقع الاجتماعية والإخبارية على شبكة الانترنت قد اعربوا عن استيائهم لتبديد موازنة إنعاش الأهوار في مشاريع لا تدخل ضمن تامين الخدمات الأساسية للسكان المحليين حيث قال الكاتب شاكر الناصري في معرض تعليقه على الخبر " لو أننا سألنا احداً من الذين عُذبوا وسجنوا في زمن النظام السابق ، هل نُشيد نصباً تذكارياً ضخماً يمجد تضحياتك لنحتفي بها ونذكر الناس بما قدمت ام نبني لك بيتاً لائقاً تسكن فيه او مدرسة حديثة لتعليم أطفالك او نبني بيوتاً لسكنة الأحياء العشوائية ، وما اكثرها في العراق وفي محافظة ذي قار تحديداً؟ فمن المؤكد إنه لن يختار سوى البيت والمدرسة والرعاية الصحية وملاعب للترفيه ومستشفيات تعامله بإنسانية وكرامة. سيختار بناء مصنع او معمل يحسن الحياة المعيشية لسكان الجبايش ويبعد عنهم مخاطر الفقر والعوز.
إن من حق سكان مدينة الجبايش أن يواجهوا صاحب القرار بسؤال عن مقدار وحجم الفائدة التي تجنيها مدينتهم من وجود نصب بهذه الضخامة . مدينة فيها الكثير من الذين يحتاجون لمساكن تؤويهم ومدارس لتعليم أطفالهم ومستشفى بمستوى عدد السكان والحالات المرضية المنتشرة هناك. إنهم بحاجة الى مشروع للماء الصالح للشرب ومشاريع لتمكين العاطلين عن العمل من إعالة أنفسهم وعوائلهم. هذه فقط وليس أكثر.