اعتاد عشاق السينما في كل مكان، ومع اقتراب حفل التوزيع السنوي لجوائز الاوسكار ان يتابعوا مع اخبار حمى المنافسة والتوقعات حكاية ما تتعلق بهذا الحفل الذي غالباً ما تثير نتائجه جدلاً في الاوساط السينمائية حتى منافسات العام المقبل...
وتاريخ هذه الجائزة حافل بمثل هذه الحكايات مثلما هو حافل بالمفاجآت والاسئلة التي مازال المتخصصون في امر هذه الجائزة يجدونها بلا اجوبة..
ومازال الكثير من مؤرخي هذه الجائزة يوردون الاخطاء التي صاحبت توزيعها على مدى السنين الماضية التي تتعلق بشكل خاص بتجاهل الأكاديمية لصناع أفلام وافلام تعد شواخص مهمة في تاريخ الفن السابع، فبعضهم لا يمكن له ان يصدق ان هذه الجائزة اخطأت اسماء مثل كوبريك والثمان وهيتشكوك وليوني وويلز وغيرهم.
ولعل المتابع لتاريخ هذه الجائزة لايجد صعوبة في اكتشاف خطل الرأي الذي يذهب الى ثبات منهج تتبعه الأكاديمية في تقييم الأفلام الفائزة، يخضع للاهواء والانحيازات السياسية والاجتماعية وما الى ذلك، وبالطبع نشير هنا الى الاتهامات المبالغ فيها احياناً بحق هذه الجائزة، ومنها الاتهام بوقوع قرارات الأكاديمية تحت سطوة جماعات الضغط، وان كان ذلك لا يمنع - كما اشرنا سابقاً- من وجود مثل هذه التأثيرات.
موسم الاوسكار هذا العام كرر الحكاية نفسها ومثلما حدث في دورة الجائزة ال82 وللاسباب نفسها فضلت الاكاديمية فيلم (خزانة الالم) لبغلو على فيلم طليقها جيمس كاميرون الظاهرة (افاتار) ..ولمن شاهد الفيلم فان الاسباب لم تكن عائلية بالطبع ، بل سياسية بامتياز ، ذلك ان الافلام التي تناولت حرب اميركا في العراق إما انها لم ترتق فنيا وفكريا لمستوى الحدث ، او انها تتقاطع وخطاب المؤسسة السياسية الاميركية، فكان لابد والحال هذه ان ينال فيلما من دائرة هذا الموضوع الجائزة الاهم، خاصة وان الفيلم انتصر للسياسة الاميركية في العراق.
الامر يتكرر في موسم الجائزة هذا . فعلى الرغم من ان موسم هذا العام اكتظ بالافلام ذات المستوى العالي والتي يقف وراءها صناع ماهرون، إلا ان حكماء الاكاديمية اصروا على ان تكون لهم مفجاتهم في النتائج النهائية. فخلافا لكل توقعات النقاد لم يصمد امام الدافع السياسي للاختيار، افلام كبيرة في كل المقاييس، ليظفر بها فيلم كان يمكن له ان يكتفي بامتياز الترشيح للجائزة.. لكن صناعه راهنوا على موضوعته التي تتماشى وخطاب المؤسسة، لذا فهي ليست مفاجاة وإن كانت سبق في تاريخ الجائزة ان تطل السيدة الاميركية الاولى بوجهها الاسمر لتعلن نبا فوز فيلم ارغو الذي يمجد بطولة السي اي اي في تحرير الرهائن الايرانيين..بينما تغفل الجائزة فيلما كبيرا لسيفن سبيلبرغ الذي تنطع بعضهم في انه – وبسبب يهوديته- الابن المدلل للاكاديمية متناسين ان افلاما عظيمة لهذا المخرج اخطأتها او اشاحت الجائزة بوجهها عنها كـ"اللون القرمزي " و"امستاد" برغم الترشيحات الكبيرة لها. وكان فوز فيلمه تشاندلر ليست فوزا مستحقا باعتباره فيلما استحق ان يكون في عداد الافلام الاهم في تاريخ السينما.. اذن ان صوت السياسة في هوليوود هو اعلى من صوت الديانة.
ويخطئ من يظن ان مثل هذا الانحياز هو من أعمال السنوات الأخيرة من عمر الجائزة، ذلك أنها تعج بها في مختلف مراحل تاريخها.. وهي الجائزة التي لم تتشرف في ان يحمل تمثالها العاري أسماء كبيرة في الفن السابع مثل هيتشكوك، وكوبريك وسيرجيو ليوني، واورسن ويلز، و. وهي الجائزة نفسها التي ظلمت وعلى مدى ثلاثة عقود مخرجا كبيرا مثل سكورسيزي حيث مُنحت لفيلم مثل (روكي ) على حساب تحفته (سائق التاكسي) وفيلم لرد فورد (اناس عاديون) على حساب فيلمه (الثور الهائج ) وفيلم (الراقص مع الذئاب) لكوستنر بدل فيلمه (الرفاق الطيبون). وطبعا لايمكن لنا ان ننسى الإجحاف الذي ناله فيلم تيرنس مليك (خيط احمر رفيع)، عندما اختارت فيلم (إنقاذ الجندي رايان ) بدلا منه في جوائزها.
الاوسكار..السياسة كانت هناك
[post-views]
نشر في: 27 فبراير, 2013: 08:00 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...