اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > الاندبيندنت: الحرب الأهلية في سوريا تتسرب للعراق والقادة متشائمون بعد عقد على الإطاحة بصدام

الاندبيندنت: الحرب الأهلية في سوريا تتسرب للعراق والقادة متشائمون بعد عقد على الإطاحة بصدام

نشر في: 10 مارس, 2013: 08:00 م

ينظر الرأي العام إلى الولايات المتحدة و بريطانيا اليوم كدولتين غازيتين وليستا محررتين. دعمهما الحالي لمقاتلي القاعدة في سوريا وإدانتهما للقاعدة في العراق، قد زادا من حرارة الحمى السياسية. الحرب الأهلية السورية تتسرب إلى العراق حاملة معها مخاطر عنف جد

ينظر الرأي العام إلى الولايات المتحدة و بريطانيا اليوم كدولتين غازيتين وليستا محررتين. دعمهما الحالي لمقاتلي القاعدة في سوريا وإدانتهما للقاعدة في العراق، قد زادا من حرارة الحمى السياسية.
الحرب الأهلية السورية تتسرب إلى العراق حاملة معها مخاطر عنف جديد، حيث قتل ثمانية واربعون جندياً سورياً وتسعة عراقيين خلال الأسبوع الماضي على يد مقاتلي القاعدة في كمين نصبوه لهم في محافظة الأنبار.

كان الجنود السوريون على أرض عراقية بعد هروبهم عبر الحدود من معركة مع الثوار السوريين شمال سوريا. تمت مهاجمتهم في طريق عودتهم إلى بلدهم. وأدى مقتلهم إلى انتشار مخاوف بين العراقيين من تجدد حرب أهلية داخل بلدهم كانت قد ماتت قبل خمس سنوات. وفي هذا السياق يقول هادي العامري، وزير النقل العراقي، المسؤول السابق لقوات بدر المسلحة، إن " نقل المال والسلاح إلى سوريا من قطر وتركيا هو بمثابة إعلان حرب  ضد العراق. إذا ما قمنا (الشيعة) بتشكيل مليشيات وقاموا هم (السنة) أيضاً بذلك فالعراق سيضيع".
ربما يكون الأوان قد فات، فالقادة العراقيون من مختلف الأطياف متوترون ويخشون من أن انتقال الحرب الأهلية الطائفية من سوريا إلى العراق وبقية المنطقة قد صار حتمياً.
وقال سياسي عراقي رفيع "الفقرة التالية في الأجندة هي الصراع الشيعي – السني. كنا نعتقد أن لبنان هو أول من سيتأثر بالأحداث في سوريا، لكن في الحقيقة إن العراق هو الذي سيتأثر أولا. والوسيلة الوحيدة للحفاظ على استقرار العراق هي إطفاء الحريق في سوريا فورا".
العراقيون يسخرون من دوافع الولايات المتحدة و بريطانيا في إدانتهما لمقاتلي القاعدة في العراق، لكن نفس هؤلاء المقاتلين بمجرد عبورهم  الحدود السورية يقاتلون الجيش النظامي السوري، فيتحولون إلى مقاتلين في سبيل الحرية وقد يستفيدون من المساعدات الأميركية والبريطانية.
ويمكن رسم نفس المتوازيات بين الأزمة السورية الحالية وأزمة العراق قبل عشر سنوات. فقد تلطخت يد صدام بالدماء أكثر من بشار الأسد، مع ذلك فهما يتعرضان لنفس التشويه من قبل الحكومات ووسائل الإعلام الغربية، وان مناقشة طرق إنهاء أو تعديل هذا الحكم تتعرض للاستهجان على أنها تعاون مع الشر.
كل الأمور السيئة التي جرت في العراق عام 2003 وفي سوريا في 2013 يقع اللوم فيها على سوء الحكم، لذا فان أي تغيير يقوم به المعارضون لذلك يعدّ غير شرعي. الحملات الدعائية و الشعارات تحل محل السياسة العقلانية و تمنع المفاوضات و الحلول الوسط.
ففي سنوات التسعينات كان العراقيون الشرفاء  يقولون إن الخلافات بين الشِيعة والسنّة والكُرد يغذيها النظام وأنها ستتبخر بمجرد إسقاطه. وان نهج "القبعات السوداء" و"القبعات البيضاء" قد فتح الباب واسعاً أمام الانتهازيين والمبتزين كي يستحوذوا على السلطة و المال في العراق الجديد.
وبعد مرور عقد من الزمان على الاجتياح الأميركي و البريطاني، على كل مراقب للأفعال الأميركية و البريطانية أن ينظر إلى حجم الخير والشر الذي جلبوه إلى العراق.  فقد كانت الضغينة بين المؤيدين للحرب ومعارضيها بحيث أن تاريخها يستخدم كوسيلة لإيقاع اللوم. والأهم في تقرير ما حدث بعد ذلك هو أن الحملة العسكرية لإسقاط الحكومة العراقية  قد بدأت يوم 19 آذار 2003 ، إلا أن الحرب الاقتصادية ضد العراق بدأت قبل 13 سنة من ذلك وكانت لها نتائج مدمرة لشعبه.
في الواقع أن الكارثة الأسوأ للشعب العراقي ككل قد حدثت قبل الاجتياح وليس بعده. فعقوبات الأمم المتحدة ما بين 1990 و2003 كانت ترقى إلى  حصار اقتصادي غير مسبوق بقساوته، تسبب في تدمير الاقتصاد العراقي ودفع الملايين إلى الفقر، فأصحاب الوظائف الجيدة صاروا يبيعون أثاث بيوتهم في الشوارع.
وفي 1998 كشف مسح لليونيسيف إن ربع أطفال العراق دون سن الخامسة كانوا يعانون من سوء التغذية، وان نصف مليون طفل ماتوا خلال الفترة من 1991 حتى 1998".
معاناة الشعب العراقي لم تضعف صدام حسين، الذي كان مسروراً وهو يبني قصورا عملاقة ومساجد من أجل مجده الشخصي. وكانت الخدمات الصحية والتعليمية قريبة من الانهيار، وانقطعت الرواتب عن المسؤولين فراحوا يعتمدون على الرشاوى، بينما لجأ الشباب العاطلون إلى الجريمة. كانت بغداد آمنة، إلا انه بحلول 1994 بدأ سائقو سيارات الأجرة يحملون مسدسات ليستخدموها في حال تعرضهم للسرقة.
ويقول دينيس هاليداي، أحد كبار مسؤولي الأمم المتحدة في العراق والذي استقال احتجاجاً على العقوبات، أن جيلا من العراقيين نشأ بوحشية منفتحا على معتقدات متعصبة.
لم تقر الولايات المتحدة وبريطانيا بقساوة وظلم العقوبات، إلا أن الفوضى والعنف الذي اكتشفاه عندما حاولا حكم العراق كانت لهما علاقة بالخراب الاقتصادي والاجتماعي الذي ألحقاه بالعراقيين. ورحب الكثير من العراقيين بالاجتياح الأميركي لأنه أنهى العقوبات الدولية إضافة إلى الحكم الكارثي لصدام، إلا أن مؤيدي ومعارضي الاجتياح لم يميزوا بين الاجتياح والاحتلال كما لو أن أميركا أو بريطانيا هي التي ستحكم العراق بعد إسقاط صدام.
وربما كان القصد من دمج حدثين مختلفين هو إعطاء دافع للاجتياح – إسقاط الدكتاتور – دون تفسير وتبرير فرض حكم أجنبي على غرار المشاريع الامبريالية  بداية القرنين التاسع عشر والعشرين. ولم يهتم الاحتلال بجلب الخير  للشعب العراقي،  بل  كان لصالح سعي واشنطن ولندن  لمنع إيران من ملء الفراغ السياسي في العراق بعد سقوط صدام.
والحكم الامبريالي أو الدكتاتوري غالبا ما يعدّ ضرورياً لإعادة استتباب القانون والنظام، إلا أن ذلك فشل في العراق. كما أن مجمل التسوية السياسية ما بعد صدام كانت غير شرعية في نظر العراقيين على أنها مفروضة من قوى خارجية.
وكانت الولايات المتحدة تريد تشجيع القومية العربية، لكنها قومية من نوع غريب حساس ومعادي للنفوذ الإيراني لكنه متسامح مع السيطرة الأميركية. بالمقابل فان للكُرد تجربتهم الخاصة ولديهم زعماء ماهرون، أما الزعماء من السنة والشيعة الذين ازدهر مستقبلهم فأنهم يتظاهرون بأنهم متعاونون تماماً مع الولايات المتحدة وبريطانيا ، ولحد اليوم سمعتهم ملطخة في عيون العراقيين لهذا السبب.
وتعليقاً على ذلك يقول أحد شيوخ الفلوجة، المحتجين ضد رئيس الوزراء نوري المالكي، عن القادة السياسيين من السنة والشيعة "أنهم جميعا مدينون للأميركان في تبوئهم للمناصب".
وأسهمت بريطانيا في الاجتياح بخمسة وأربعين ألف جندي، لكنهم لم يتركوا ما يتذكرهم به العراقيون. ولازال أحد رموز الفشل البريطاني شاخصاً و يتمثل بقسم شرطة المجر الكبير شمال البصرة. إذ كانت الجدران الخارجية للقسم ملطخة باللون الأسود من آثار النيران ومليئة بثقوب الرصاص، أما الداخل فإنه متآكل والأرضية مغطاة بالزجاج المهشم والدماء الجافة. أما اليوم فقد تغير شكله الخارجي والداخلي.
ويقول احد القادة المحليين "يعتقد جميع العراقيين أن البريطانيين كانوا يريدون نزع السلاح عنا لأنهم كانوا يريدون البقاء لفترة طويلة في البلاد".
بدورها المدن الشيعية جنوب العراق كانت أوضاعها جيدة في السنوات العشرة الماضية. و مثل الكرد في إقليم كردستان الذين استفادوا من سكنهم في منطقة ذات أغلبية واحدة والوضع الأمني جيد برغم قلة فرص العمل. فقد استفاد الشيعة من أحزابهم السائدة في الحكومة المركزية برغم عدم فاعليتها. أما بغداد ووسط البلاد والمناطق السنية فان العنف أسوأ مما هو في المناطق الأخرى وان أية أزمة يمكن أن تتفجر فيها .
ما مدى احتمال حدوث انفجار سياسي جديد في العراق ؟
كان هناك توازن قوى دموي لكن مستقر بين المجتمعات ومسانديها من الخارج من 2008 حتى نهاية 2011 . ومنذ ذلك الحين ساعدت الحرب الأهلية في سوريا،  ورحيل الولايات المتحدة عن العراق، والصراع السني- الشيعي الإقليمي، والهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة على إيران، على زعزعة بلد منقسم مثل العراق.
قادته متشائمون و يتوقعون إن تزداد الأمور سوءاً. ربما يكونوا على حق. لكن الأطراف العراقية لديها الكثير لتخسره وتربحه من نوبة العنف الجديدة التي قد تدمر البلاد تماما. وحال الكرد أفضل من غيرهم من  العراقيين إلا أن ازدهارهم لن ينجو طويلا من حرب تدور على طول "خط الزناد" .
أما السنة ، فبدلا من تحسين أوضاعهم، قد يتم إخراجهم أخيراً من بغداد. وسيضعف الشيعة بسبب فشلهم في لم شمل العراق و يصبحون أكثر اعتماداً على إيران. جميع الأطراف لديها ما يكفي من القوة للقتال، لكنها غير واثقة من النجاح.
الحرارة السياسية ترتفع في العراق إلى مستويات خطيرة في منطقة هزتها التغييرات السياسية و ربما لن يكون الانفجار بعيداً .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طلب 25 مليونا لغلق قضية متهم بالمخدرات.. النزاهة تضبط منتحل صفة بـ"موقع حساس"

أسعار صرف الدولار في العراق

محاولات حكومية لانتشال الصناعة العراقية من الاستيراد.. هل ينجح الدعم المحلي؟

اكتشاف مقابر جماعية جديدة في الأنبار تفضح فظائع داعش بحق الأبرياء

فوائد "مذهلة" لممارسة اليوغا خلال الحمل

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

الفياض يعد مشروعاً سياسياً خارج
سياسية

الفياض يعد مشروعاً سياسياً خارج "الإطار" ويزاحم السُنة على مناطق النفوذ

بغداد/ تميم الحسنلأول مرة يلتقي محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، مع قيس الخزعلي زعيم العصائب، ليس في اجتماع سياسي او زيارة ودية وانما على "خطر الفياض" رئيس الحشد.يزاحم الفياض القوى السياسية السّنية في مناطق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram