TOP

جريدة المدى > عام > تسعون عاما على ميلاد رسول حمزاتوف

تسعون عاما على ميلاد رسول حمزاتوف

نشر في: 8 يونيو, 2013: 10:01 م

تخطط جمهورية داغستان في روسيا الاتحادية – حكومة وشعبا – للاحتفال بالذكرى التسعين لميلاد الشاعر الداغستاني الكبير رسول حمزاتوف في 3 أيلول / سبتمبر 2013,اذ انه ولد في هذا اليوم من عام 1923, وقد أصدر رئيس جمهورية داغستان أمرا رئاسيا بتسمية ع

تخطط جمهورية داغستان في روسيا الاتحادية – حكومة وشعبا – للاحتفال بالذكرى التسعين لميلاد الشاعر الداغستاني الكبير رسول حمزاتوف في 3 أيلول / سبتمبر 2013,اذ انه ولد في هذا اليوم من عام 1923, وقد أصدر رئيس جمهورية داغستان أمرا رئاسيا بتسمية عام 2013 بعام رسول حمزاتوف وطلب من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الاحتفال بهذه المناسبة يوم 3 أيلول / سبتمبر, ولكن هذا الأمر الرئاسي لم ينعكس على عموم روسيا بشكل عام, وإنما بقي في اطار جمهورية داغستان ليس الا, ومع ذلك فقد أثارت هذه المناسبة احاديث كثيرة هنا وهناك عن حمزاتوف ومكانته في تاريخ الأدب السوفيتي في القرن العشرين, فقد أشار بعض الباحثين الى انه كان شاعر السلطة السوفيتية, وانها لذلك أغدقت عليه الأوسمة والمداليات والتكريمات , لانه كان داعية لأفكارها السياسية والايديولوجية , وان ذلك ابتدأ منذ عام 1952 عندما حصل على جائزة ستالين واستمر في هذا النهج الى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991,وانه لم يستطع بعد ذلك مواصلة مسيرته الساطعة تلك, ولكن هذه الأفكار بشكل عام لا تعكس آراء الأكثرية من محبي حمزاتوف وأنصاره, الذين أخذوا يتحدثون عن دوره المتميز في مسيرة الأدب السوفيتي و مساهمته المتنوعة في تطويره ومكانته التي شغلها داخل روسيا وخارجها, ويتذكرون مواقفه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عندما اعلن بصراحة عن عدم موافقته لانفصال داغستان عن روسيا كما كان يدعو القوميون الداغستان وقال كلمته المشهورة آنذاك – ( لم تدخل داغستان في روسيا بمحض ارادتها ولكنها لن تخرج منها بمحض أرادتها ايضا ).
اسهاما في الاحتفالات بتسعينية الشاعر الداغستاني السوفيتي الكبير
نقدم للقراء فيما يأتي مقاطع من حوار أجرته مع رسول حمزاتوف الصحفية الداغستانية مارينا اخمدوفا ونشرته في الملحق الأدبي – ( داغستان الأدبي) الذي تصدره جريدة ( برافدا داغستان )وذلك بتاريخ 27 شباط / فبراير عام 2002 علما ان حمزاتوف توفي في تشرين الثاني / نوفمبر عام 2003 عن عمر ناهز الثمانين , ويعتبر هذا الحوار واحدا من اواخر لقاءات حمزاتوف مع الصحفيين , هذا وقد أجرت الصحفية الحوار المذكور يوم 14 شباط/ فبراير 2002 بعد اجتماع في اتحاد أدباء داغستان مع الأدباء الشباب , وكان حمزاتوف آنذاك رئيسا لاتحاد الأدباء.

س – ما هي انطباعاتكم حول هذا اللقاء؟ وماذا يمكنكم ان تتمنوه للشباب , الذي قرر ان يربط مصيره بالأدب ؟
رسول حمزاتوف – منذ زمن بعيد اردنا ان ننظم في اتحاد الأدباء هذا اللقاء مع الشباب المبدع, اذ لا يمكن لاي أدب ان يتطور دون تهيئة البدائل من الجيل الجديد , وقد حددنا هذا اللقاء يوم 14 شباط / فبراير بالذات  في يوم فالنتاين المقدس – رمزيا – اي في عيد الحب ,عيد العشاق , لأن الشعر دون الحب يصبح بلا معنى. الحب هو مصدر الإلهام للشعر.
عندما تحدثت قبل فترة وجيزة لمناسبة مرور 100 سنة على تأسيس الاتصالات في داغستان, اعلنت ان الشعراء والأدباء هم الاختصاصيون الأوائل , الذين يوحدون قلوب البشر دون أسلاك الهواتف ووسائل الاتصالات والهوائيات الأخرى, وتوجد عند الأدباء الشباب ايضا فرصة في هذا المجال , اي توحيد قلوب الناس بواسطة إبداعهم.
خلال السنوات العشر الأخيرة فقد الناس عندنا اللغة المشتركة بينهم , وكانوا يستخدمون الشتائم ليس الا, لكن الآن , في بداية القرن الحادي والعشرين الجديد ظهر عندنا أخيرا الأمل بالاستقرار والتفاهم المتبادل والمشترك ,وأخذت الحياة الروحية والثقافية تنهض من جديد , والأدباء الشباب يجب الا يقفوا بمعزل عن هذه الظواهر الإيجابية . لقد بدأت الدولة  تولي اهتمامها نحو الأدب بعد انقطاع طويل ,وساندت رئاسة الجمهورية اتحاد الأدباء , والذي بدوره أعاد من جديد ( صندوق دعم الأدب ) ومكتب الدعاية للأدب الفني والمتحف الأدبي , واستطعنا ان نقيم في العام الماضي الندوة العامة للأدباء الشباب والمؤتمر العاشر لأدباء داغستان وايام الأدب الروسي , واصدر اتحادنا بالتنسيق مع دور النشر الداغستانية مجموعة تضم نتاجات الأدباء الشباب بعنوان – ( قوس قزح), واخيرا بدأ بالصدور ملحق الأدب لجريدة ( برافدا داغستان )وبشكل منتظم تحت عنوان –(داغستان الأدبي ) , والذي يتضمن حقلا خاصا اسمه – ( أسماء جديدة ) , حيث ينشر دائما نتاجات الأدباء الشباب الجدد ويكتب عنها ويعلق عليها النقاد والأدباء . توجد الان عند اكثر الشباب إمكانية النشر وتعريف القارئ بنتاجاتهم , وهذه كلها مكتسبات كبيرة , ونحن نستطيع الآن ان نلاحظ بوادر الموهبة والعبقرية منذ خطواتها الأولى.
س – في اللقاء جرى الحديث بان أكثرية الأدباء الشباب في داغستان يكتبون باللغة الروسية , حتى هؤلاء الذين يتقنون لغاتهم القومية. ما هي علاقتكم تجاه هذه النزعات والاتجاهات, الا يهدد ذلك الآداب القومية وتطورها في داغستان ؟
رسول حمزاتوف – لا يمكن إجبار الكاتب بشأن اللغة التي يجب عليه ان يكتب بها . من اجل ان تكون داغستانيا , ليس حتما ان تلد في داغستان وتكتب بواحدة من اللغات الداغستانية . الداغستاني الحقيقي هو ذاك الذي يعشق من كل روحه وقلبه هذه الأرض . ليرمنتوف وتولستوي لم يكونا داغستانيين بالولادة, لكنهما مجدا داغستان بمثل هذا الحب , بحيث انهما حازا على ذلك الحق الذي يمكن ان نسميهما داغستانيين اكثر من بعض مواطنيننا. ان الأدب – ببساطة – يمكن ان يكون جيدا او سيئا, عبقريا او بلا موهبة . ومع هذا, فان الأدباء الشباب في داغستان يجب ان يبحثوا بعمق في جذور ثقافتهم القومية وآدابها , ويمكنهم الكتابة بلغتهم او بلغتين و يمكنهم الاستعانة بالمترجمين . اليوم اي أدب يمكن ان يهدده شيء واحد فقط وهو- عدم اهتمام القراء به, وهذا هو ما يجب ان نخشاه فعلا.
س – تم في اللقاء ايضا طرح موضوع الترجمة الأدبية , كيف تقيّمون الوضع الحالي في هذا المجال الإبداعي ؟
رسول حمزاتوف – مع الأسف, الأدباء الشباب اليوم لا يولون أهمية لذلك ولا يمارسون الترجمة الأدبية, رغم انها مهمة جدا للأدب الداغستاني. الى حد الآن يوجد في ثنايا الأدب الداغستاني الكثير من النتاجات الرائعة لشعراء داغستان وكتابها غير مترجمة الى اللغة الروسية , وكل هذا الأرت الأدبي الجميل ينتظر مترجميه العباقرة. انا لست متفقا مع الرأي السائد عندنا وهو ان الترجمة الأدبية – قضية غير مجدية , اذ ان الترجمات الشعرية التي تم إنجازها بشكل فني وعبقري تصدح بشكل جديد وتحمل في أعماقها قوة اللغتين وتفاعل الثقافتين , اي انها تغني في نفس الوقت المؤلف والمترجم, وتجعل الروابط بينهما وثيقة ومحكمة وأبدية , فعندما نقرأ – مثلا – سوناتات شكسبير بترجمة الشاعر الروسي مارشاك, فاننا لا نفكر بان المؤلف كان عبقريا والمترجم موهوبا في مجال الترجمة ليس الا, بالنسبة لنا مهم شيء آخر وهو – النتيجة الساطعة والمدهشة لهذا التفاعل والتعاون الإبداعي المشترك بين الاثنين.

س – اي قيم يمكن ان تحددونها للأدباء الشباب اليوم في داغستان ؟   
رسول حمزاتوف – يجب عليهم ان ينطلقوا من إحساس مقدس بعدم الرضا عن النفس. من المهم جدا لاي أديب , وخصوصا للمبتدئين منهم, ان يكون لديهم النقد الذاتي الصارم تجاه انفسهم وإبداعهم . لم يطلق اي أديب عظيم على نفسه صفة العظيم او العبقري. العبقرية والعظمة – هما صفتان يطلقها الزمن فقط. في كل الأزمنة , عندما يصبح الكاتب كبيرا في إبداعه تزداد متطلباته ونقده الذاتي تجاه نفسه وإبداعه , وتوجد الكثير من الأمثلة في الأدب الروسي نفسه حول ذلك , ويكفي ان نتذكر الكاتب العظيم غوغول الذي احرق الجزء الثاني من روايته المشهورة – ( الأرواح الميتة ) لأنه لم يكن راضيا عنها . ان الكاتب الحقيقي الأصيل يجب عليه, قبل ان يقدم إبداعه امام محكمة القارئ, ان يقيم هو نفسه إبداعه بشكل انتقادي صارم ودون تحيز وبهدوء, اذ ان العجلة هنا ليست مقبولة بتاتا. الكاتب – ليس صحفيا, والذي يجب عليه ان يقدم قبل صدور العدد المحدد للمطبوع المادة جاهزة وفي وقتها ,الكاتب يجب عليه التأني وتدقيق كل كلمة من كلمات إبداعه, اذ ان كل نتاج إبداعي جديد – هو دائما بحث عن شيء – ما افضل لم يقله احد سابقا, شيء مهم وضروري... اليوم, الكثير من الشعراء والأدباء لا يخجلون من ان يعلنوا عن انفسهم بانهم عباقرة وعظماء, ويقارنون انفسهم بالأدباء الكلاسيكيين الكبار في كل زمان ولدى كل الشعوب, ان تعابير  ( هوميروس القرن الحادي والعشرين) او ( ليرمنتوف داغستان ), والتي استمعت اليها حول بعض الشعراء, يجب – على ما أرى – ان تخدش السمع لهؤلاء بالذات قبل غيرهم. ان هذه المقارنات ممكنة فقط للمزاح ليس الا. بعض الاحيان يطلقون علي كلمة ( عظيم) او يقولونها لي, وهذه الأشياء تسيئ الي , بل تهينني. ان تقييم الاجيال القادمة فقط هي التي يمكن فعلا ان ( تعظم) او (تحطم) كل ما نكتبه نحن اليوم...
نختتم هذه المقالة بتقديم ترجمة لإحدى قصائد رسول حمزاتوف التي نظن انها غير مترجمة الى العربية حسب علمنا المتواضع, وقد اخترناها بالذات لطرافة عنوانها  اولا, و  لمضمونها ثانيا والذي  يتناغم وينسجم مع تلك الأفكار التي طرحها الشاعر الداغستاني الكبير في حوار أعلاه .
الى الشاعر الذي أجاب عندما قالوا له بضرورة ان يتعلم, ان هوميروسنا سليمان ستالسكي كان اميّا ايضا

لا تلح بالأمثلة-
فليس كل العميان
هوميروس....ون,
وليس كل الطرشان
بيتهوفن....ون,
وليس كل العرجان
حجي مراد ....ون,
وليس كل الطيور
من ذوي الريش
نسور...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مدخل لدراسة الوعي

شخصيات أغنت عصرنا .. المعمار الدنماركي أوتسن

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

د. صبيح كلش: لوحاتي تجسّد آلام الإنسان العراقي وتستحضر قضاياه

في مديح الكُتب المملة

مقالات ذات صلة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع
عام

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

علي بدركانت مارلين مونرو، رمزاَ أبدياً لجمال غريب وأنوثة لا تقهر، لكن حياتها الشخصية قصة مختلفة تمامًا. في العام 1956، قررت مارلين أن تبتعد عن عالم هوليوود قليلاً، وتتزوج من آرثر ميلر، الكاتب المسرحي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram