TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السيرة في السينما

السيرة في السينما

نشر في: 19 يونيو, 2013: 10:01 م

-5-
يذهب البعض من صناع الأفلام إلى تناول سيرة الشخصية وفقا لقناعاتهم الشخصية هم، ومن دون الاحتكام للظروف الموضوعية التي حمت بروز هذه الشخصية او تلك.. هنا نتوقف عند المخرج الأمريكي اوليفر ستون في تناوله للشخصيات والتي طبعت غير فيلم له، لكننا هنا نتناول سيرة رؤساء أميركا ونبدأ بفيلم (w) .
فشخصية الرئيس الأمريكي كانت وعبر أكثر من مائة عام من تاريخ السينما، موضوعاً لعدد كبير من الأفلام، ويشير أرشيف السينما الأمريكية إلى ان أول فيلم من هذا النوع يعود تاريخه إلى العام 1897 من خلال مدة صمت السينما، وقد تنوعت هذه الأفلام بتنوع موضوعاتها وأساليبها وحتى أنواعها، من الدراما إلى الكوميديا إلى الأكشن الى الوثائقية، وايضاً برؤى مخرجيها لما يمكن ان تكون عليه إدارة البيت الأبيض، في وقت احتكمت هذه الأفلام للظرف التاريخي الذي صنعت فيه واختلفت الطريقة التي تناولت فيها السينما هذه الشخصية تبعاً لطبيعة موضوعاتها، خاصة انها كانت تستقطب نسبة مشاهدة عالية، بسبب نقلها صورة محجوبة في الأغلب للرأي العام متمثلة في طبيعة عملها، وطريقة إدارتها للأمور وأيضاً ما خفي من حياتها الخاصة، وانطلاقاً من حرية السينما في تناول هذه الشخصية فانها أدخلت سبعة رؤساء سود الى البيت الأبيض، قبل أن يحدث ذلك حقيقة بدخول باراك أوباما كرئيس أسود اليه، في فيلم (W) لأوليفر ستون، الذي يتناول شخصية الرئيس جورج بوش في سدة الحكم (الفيلم عرض أول مرة قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء ولايته)، ويعد أوليفر ستون أحد أهم الأسماء في صناعة الفيلم الآن بحصوله على ثلاث من جوائز الأوسكار، مرتان كأفضل مخرج ومرة كأفضل سيناريست، وعرف عنه خروجه على السائد وتمرده على سطوة الخطاب الهوليوودي منذ انطلاقته بدايات سبعينات القرن الماضي بسبب ليبراليته ووقوفه ضد مواقف الإدارة الرسمية خاصة بشقها الجمهوري، المتتبع لمسيرة ستون السينمائية عبر ما يقرب من أربعة عقود، يتلمس اشتغاله فيما يعرف بسينما القضية، من خلال معالجته طبقاً لوجهة نظره وموقفه السياسي من كثير من القضايا الكبرى في التاريخ السياسي الأمريكي المعاصر، النظرة المغايرة لخلفيات حرب فيتنام، كانت موضوعاً لفيلمين هما (بلاتون) و(ولد في الرابع من تموز) الذين نال عنهما أوسكاري أفضل مخرج، وتداعيات اغتيال جون كيندي بقراءة تخالف التقرير الرسمي للحادث في فيلم (جي أف كي) واستقالة ريتشارد نيكسون على خلفية فضيحة ووتر غيت في فيلم (نيكسون) وليس انتهاءً بفيلم (مركز التجارة العالمي) الذي يتناول جانباً من أحداث اعتداء 11/ أيلول يتعلق ببطولات رجال الانقاذ بعد الحادثة، وحتى في تناوله سير الشخصيات السياسية المعاصرة- هو الموضوع المفضل لعدد من أفلامه- التي قدمها بغير الصورة النمطية التي درجت المؤسسة الرسمية الأمريكية على تقديمها، كما مع أفلامه الوثائقية عن ياسر عرفات وفيدل كاسترو، وفي الطريق تشافيز وأحمدي نجاد، في فيلم دبليو تعاطى ستون مع شخصية بوش بأسلوب كوميدي يصل احياناً الى حد السخرية، واللقطات التي يستهل بها الفيلم وتكرر اكثر من مرة على مدار ساعتين -مدة عرض الفيلم- والتي تظهر عشق بوش للعبة البيسبول وبأوضاع مختلفة، تبدو كافية لرسم ملامح عامة لما تبدو عليه مسيرة الرجل، منذ طريقة حياته العابثة في شبابه، وانتهاء بأسلوبه كسياسي ورئيس لأكبر دولة في العالم.
واذا كان ستون قد صرح قبل عرض فيلمه بأن مضمونه وأحداثه مأخوذة من مجموعة وثائق ونشرت اكثر من مرة، الا ان ذلك لا يمنع الاسقاط الواضح لقناعاته على سيرة الرئيس، الذي تحول من مدمن كحول ونساء في شبابه الى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، قرار مهاجمة العراق بدعوى حيازته على أسلحة الدمار الشامل من قبل الرئيس وطاقمه.
وخلافاً لفيلمه (نيكسون) و(جي أف كي) اللذين سبر بهما أغوار هذه الشخصيات والأحداث التي عاصرتهما وصولاً للنتائج: الاستقالة في الفيلم الأول، والاغتيال في الفيلم الثاني، فإنه في هذا الفيلم على العكس تماماً يعمد الى تجميع الوقائع التي تخص مسيرة بوش الحياتية والسياسية.
وبالعكس من فيلم كلينت ايستود الذي ثمة حياد غريب فيه ، وكأن كاتب السيناريو والمخرج صاغا هوفر من الزاوية التي منها أعجب كل منهما به . تأثير هوفر على أمريكا تم تجاهله ، هو الذي عاصر أخطر ، وأسوأ ، مرحلة من تاريخها. فان موقف اوليفر ستون المنحاز لقناعاته كان واضحا في استعراض سيرة بوش.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التربية تُعلن ضوابط التقديم إلى الدراسات العليا داخل العراق

النزاهة تحذر المواطنين من التعامل مع شبكات تتجاوز على أراضي الدولة

التربية تصوت على إعادة العمل بنظام المحاولات

21 ألف شخص فروا من سوريا إلى لبنان مطلع آذار

أسعار صرف الدولار في الأسواق المحلية

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سافرات العبادي

العمود الثامن: غزوة علي الطالقاني

قناطر: البصرة في جذع النخلة.. الطالقاني على الكورنيش

كيف يحرر التفكير النقدي عقولنا من قيود الجهل والتبعية؟

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

العمود الثامن: سافرات العبادي

 علي حسين خرج علينا رئيس الوزراء الاسبق السيد حيدر العبادي، ليعلن ان فرض الفكرة والسلوك على الناس ليس منهجا صحيحا للحكم ، ليتطرق الى موضوعة الحجاب ليقول لمقدمة البرنامج: "في مسألة الحجاب مثلاً:...
علي حسين

قناطر: متاحفنا بلا زائرين. . لماذا؟

طالب عبد العزيز كثيرا ما نرى، وضمن فعاليات معارض الكتب في العالم توافد طلاب المدارس عليها، وهو مشهد كنت قد شاهدته في مدن كثيرة منها بيروت والقاهرة وغيرها، لكنني قلما شاهدته في بغداد والبصرة،...
طالب عبد العزيز

الحرب الباردة بنسختها الثانية

حسن الجنابي لا أخفي انحيازي، إذا خُيرت، الى نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي قام على حافة المواجهة والردع الاستراتيجي المتبادل، فيما أصطلح عليه بفترة الحرب الباردة. الحرب التي أجاد توازناتها زعماء، ربما...
حسن الجنابي

عن لعنة المال

عبد الكريم البليخ يُقال إنّ المال عصبُ الحياة، ويُقال أيضاً إنه زبالة الدنيا. بين هذين النقيضين، تتأرجح البشرية منذ أن خُلق الإنسان، وما زالت الحيرة تفتك بقلوب العاقلين، بين من يراه نعمة وضرورة، ومن...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram