TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السطور الأخيرة.. الذنوب فردية ، والعقاب جماعي

السطور الأخيرة.. الذنوب فردية ، والعقاب جماعي

نشر في: 17 أكتوبر, 2012: 05:52 م

في متون القوانين الوضعية وفي صلبها ، انتبه المشرع لأمر جلل  بالغ الخطورة ، ووضع ضوابط  صارمة لا يمكن تجاوزها  أو تجاهلها ، ورسم بوضوح مبدأ  ما يسمى بـ ( شخصية العقوبة)
شخصية العقوبة تعني : أن يقتصر العقاب على مرتكب الجريمة ، أو الجنحة ، أو المخالفة ، دون غيره  ، وأن لا ينوش العقاب سواه ، حتى لو كان اقرب الناس إليه .
شخصية العقوبة تعني ، ألا يعاقب الأب البريء بجريرة ابنه المجرم ، والعكس صحيح ومعتبر . وألا تدان ابنة بجريمة أمها ، والعكس صحيح ومعتبر . وأن لا يتهم جار بتهمة نسبت لجاره.
مبدأ شخصية العقوبة ، مبدأ رصين ومحترم في تشريعات كل الدول المتقدمة ، التي تتفاخر بسطوة تطبيق القوانين دون تمييز  أو تفريق .( شرط ألا يخرق المبدأ  بشك أو شبهة ) .
السؤال اللغز ، المحير ، هو : لماذا يعاقب جميع سكان العراق بملايينه الثلاثين ، ولمدة ما يقرب من الربع قرن  حين فرض الحصار على العراق  بجريرة رجل واحد أو مجموعة رجال ، جانبتهم الحكمة ، وخانهم التعقل ، واستسلموا لنوازع الغرور  وعدم التبصر لوخيم العواقب ، حين ارتأوا التمرد على تعاليم وشروط لعبة الأمم بتغيير معالم الخارطة المرسومة سلفا ، ورسم تضاريس جديدة لم يتفق عليها  بعد .
عوقب العراقيون جميعا بالحصار الغاشم ، في مأكلهم وملبسهم ومشربهم ، وأنسهم ، وفرص تعليمهم ومنع سفرهم ,,إلخ . وتفاقم أمر العقاب بتشديد الحصار .
عوقب العراقيون أجمع ، بعد سقوط النظام : في أمنهم عوقبوا ، وموارد عيشهم ، وفرص تعليمهم ، وعملهم ، والعمل على تشريدهم وشرذمتهم بين الدول ، يستجدون أمنا وفرصة عيش.
بعد عشر سنوات من الإطاحة بالنظام ، ما زالت أرضه مستباحة ، وسماواته رهن الحبس الاحتياطي . فما من خط جوي سالك ومباشر يربط بغداد بعواصم العالم . لا بد من مثابة مكانية ، وساعات زمنية يطول أمدها أو يقصر ، قبل أن تتيسر للعراقي سفرة مباشرة  لبلده الأم ، بلده الأب والأخت والأخ والمرضعة .
ما معنى السيادة يا سادة  ؟ هل من تفسير علمي ومنطقي وفلسفي لمعنى السيادة ، والأرض ملغومة بإرادات  الغرباء المتعارضة والمتضادة ؟، والسموات  معتقلة ومحجور عليها ، إلى أن يشاء من بيده الأمر والنهي ، رضي الله عنه وأرضاه .
له السبق والنعمى ، من يطالب بتشييع مبدأ ( شخصية العقوبة ) الذي مات منذ سنين، وآن الأوان لدفنه بعد أن زكمت روائح جثته المتفسخة أنوف الغافلين !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram