في متون القوانين الوضعية وفي صلبها ، انتبه المشرع لأمر جلل بالغ الخطورة ، ووضع ضوابط صارمة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها ، ورسم بوضوح مبدأ ما يسمى بـ ( شخصية العقوبة)
شخصية العقوبة تعني : أن يقتصر العقاب على مرتكب الجريمة ، أو الجنحة ، أو المخالفة ، دون غيره ، وأن لا ينوش العقاب سواه ، حتى لو كان اقرب الناس إليه .
شخصية العقوبة تعني ، ألا يعاقب الأب البريء بجريرة ابنه المجرم ، والعكس صحيح ومعتبر . وألا تدان ابنة بجريمة أمها ، والعكس صحيح ومعتبر . وأن لا يتهم جار بتهمة نسبت لجاره.
مبدأ شخصية العقوبة ، مبدأ رصين ومحترم في تشريعات كل الدول المتقدمة ، التي تتفاخر بسطوة تطبيق القوانين دون تمييز أو تفريق .( شرط ألا يخرق المبدأ بشك أو شبهة ) .
السؤال اللغز ، المحير ، هو : لماذا يعاقب جميع سكان العراق بملايينه الثلاثين ، ولمدة ما يقرب من الربع قرن حين فرض الحصار على العراق بجريرة رجل واحد أو مجموعة رجال ، جانبتهم الحكمة ، وخانهم التعقل ، واستسلموا لنوازع الغرور وعدم التبصر لوخيم العواقب ، حين ارتأوا التمرد على تعاليم وشروط لعبة الأمم بتغيير معالم الخارطة المرسومة سلفا ، ورسم تضاريس جديدة لم يتفق عليها بعد .
عوقب العراقيون جميعا بالحصار الغاشم ، في مأكلهم وملبسهم ومشربهم ، وأنسهم ، وفرص تعليمهم ومنع سفرهم ,,إلخ . وتفاقم أمر العقاب بتشديد الحصار .
عوقب العراقيون أجمع ، بعد سقوط النظام : في أمنهم عوقبوا ، وموارد عيشهم ، وفرص تعليمهم ، وعملهم ، والعمل على تشريدهم وشرذمتهم بين الدول ، يستجدون أمنا وفرصة عيش.
بعد عشر سنوات من الإطاحة بالنظام ، ما زالت أرضه مستباحة ، وسماواته رهن الحبس الاحتياطي . فما من خط جوي سالك ومباشر يربط بغداد بعواصم العالم . لا بد من مثابة مكانية ، وساعات زمنية يطول أمدها أو يقصر ، قبل أن تتيسر للعراقي سفرة مباشرة لبلده الأم ، بلده الأب والأخت والأخ والمرضعة .
ما معنى السيادة يا سادة ؟ هل من تفسير علمي ومنطقي وفلسفي لمعنى السيادة ، والأرض ملغومة بإرادات الغرباء المتعارضة والمتضادة ؟، والسموات معتقلة ومحجور عليها ، إلى أن يشاء من بيده الأمر والنهي ، رضي الله عنه وأرضاه .
له السبق والنعمى ، من يطالب بتشييع مبدأ ( شخصية العقوبة ) الذي مات منذ سنين، وآن الأوان لدفنه بعد أن زكمت روائح جثته المتفسخة أنوف الغافلين !
السطور الأخيرة.. الذنوب فردية ، والعقاب جماعي
[post-views]
نشر في: 17 أكتوبر, 2012: 05:52 م
يحدث الآن
مساعٍ حكومية للحدّ من "عمالة الأطفال": 4600 غير بالغ أعيدوا إلى أسرهم
الإطار "غاضب" من بقاء القوات الأمريكية في العراق: قواعدهم مهددة بالاستهداف
كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف
ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان
"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي
الأكثر قراءة
الرأي
المنظومة السلطوية في العراق والتغيير المطلوب
د. كاظم المقدادي (2-2)التغيير الجذري ضرورة اًنية وملحةمطلب التغيير الجذري والشامل للمنظومة السلطوية في العراق، الهادف لأقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الإجتماعية،الضامنة للحياة الحرة الكريمة والمستقبل الأفضل لكافة أبناء وبات شعبنا، دون...