هل تعرفون من هو الذي تحل عليه الصدقة؟ ولو ان المصطلح ديني ومن اختصاص أهل الفقه وأنا لست أهلا لتوضيحيه دينيا، لكني ومنذ طفولتي اعرف بالضبط ما عنته أمي يوما حين وصفت حال احد أقاربنا الذي كان غنيا ثم دارت الدنيا عليه فأفقرته بقولها: يمه صارت تحل عليه الصدقة. لم اسمع من أمي ولا من غيرها ببلد غني مثل العراق تحل الصدقة على شعبه. ووين؟ بكربلاء!
منذ اليوم الذي ارتكبت به قوات "سوات" الحكومية مذبحة الملعب الرياضي وقتلت المدرب محمد عباس بطريقة مشابهة لما حدث لأصحاب الحسين في عاشوراء، وعيني ما زالت على كربلاء تتابع تفاصيل المقتل الجديد. وفعلا جاءت الأخبار لتكشف ان مساعد مدرب آخر هاجمه "حرملة" برتبة عقيد ليكسر خشمه ويطرحه أرضا. دماء ورضوض وعويل وجيش مدجج بالسلاح والعصي يصول بارض كربلاء يضرب من يشاء من العزل، فما الذي ينتظره أبو مخنف رحمه الله ليكتب المقتل الجديد؟
لم تكن واقعة الطف الأم مأساة دموية بل وجريمة إنسانية أيضا. كان فيها عطش وفقر وجوع وصحراء وسبايا. وواقعة الطف الجديدة لم تتوقف عند قتل محمد عباس وكسر أنف رياضي آخر بل في كربلاء اليوم عوائل وأطفال تفترش الصحراء وأخرى تنتظر الصدقات من الهلال الأحمر ليطعمها.
روى حميد بن مسلم مدير فرع جمعية الهلال الأحمر الإنسانية ان فرع الجمعية قام بتوزيع 100 سلة غذائية على العوائل المتعففة والفقيرة في كربلاء. وأضاف الراوي قائلا: "وزعت السلات الغذائية على عوائل في أحياء الأمن الداخلي، الحر ، وشارع المستوصف في حي المعلمين جنوب المدينة".
وفي رواية أخرى على موقع الجمعية الرسمي جاء: "وزّع منتسبو فرع كربلاء للهلال الأحمر مساعدات غذائية للعوائل المتعففة في قضاء الهندية وقضاء عين التمر وناحية الحر. بلغ عدد الحصص الموزعة 3200 حصة غذائية كذلك زار كادر من الفرع عدة عوائل فقيرة تعيش في الصحراء".
ما الذي بقي من المشهد ليحدث يوم "طبك" جديد؟ لا شيء غير ان تأتي الأخبار بأخذ نساء كربلاء سبايا إلى قصر الإمارة الجديد، وصوت يصيح من بعيد "يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما"!