الرئيسية > أعمدة واراء > عن شباب السينما مرة أخرى

عن شباب السينما مرة أخرى

نشر في: 14 أغسطس, 2013: 10:01 م

الفورة الرائعة لسينمائيينا الشباب في السنوات  الأخيرة ، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان مستقبل الفيلم العراقي يرسم ملامحه  الشباب ، ويكفي حضورهم المتميز في المهرجانات السينمائية العربية والعالمية ، وما ظفروا به من جوائز عديدة، هذا برغم الإمكانات المحدودة التي عملوا بها .
موضوع واحد هيمن على النتاج الفيلمي العراقي، خلال السنوات السبع الأخيرة، هو الحدث العراقي بتفاصيله، وتداعياته، وأثره الاجتماعي والنفسي..
خاصة مع الأفلام التي حظيت بمشاركات في المهرجانات السينمائية، والتي استطاع البعض منها ان ينتزع جوائز مهمة في هذه المهرجانات.
لكن المشكلة القائمة تتمثل في أسلوب المعالجة، والقدرة على إقناع المتلقي بهول هذا الحدث ومأساويته من دون الوقوع في أسر الوثيقة التي كانت في الأغلب الأعم المادة الرئيسة لمتن جميع موضوعات هذه الأفلام.. لا فرق هنا بين فيلم وثائقي وآخر روائي طويل.. وهو ما يوحي بعجز واضح عند صناع هذه الأفلام على تمثل الحدث ، وإعادة إنتاجه من دون أن يفقد حرارة الفعل والتأثير، وهي بالضبط مهمة الفنان وفيما عداها هو عمل للمؤرخ الذي تكون الوثيقة لديه مادته الأساس..
في العامين الأخيرين سنحت لنا فرصة مشاهدة كم من الأفلام العراقية بين وثائقية وروائية في مهرجانات عربية ومحلية مختلفة، اعتمدت اغلبها على الموضوعة نفسها: صور عن أعمال عنف وانفجارات وزعيق سيارات إسعاف.. ودخان اسود يحجب الأفق.. ودمار مدن، ونساء ثكالى.. وغيرها تكتفي بعرضها لتعبر هي عن مضمونها ، تماماً كما تفعل وسائل الإعلام المرئية – وهو امر من صلب مهامها- ومن دون بادرة إقناع واحدة إن ما نشاهده هو عمل فني، لا عرض إخباري..
ولان السينما هي من أكثر الأجناس الإبداعية، التي وقفت عند الأحداث المفصلية التي مرت بها شعوب الأرض.. فإن تاريخها حافل بالأمثلة، على قدرة الفن في استلهام هذه الأحداث بأعمال تحمل قيمة جمالية وفكرية، ترتقي بهذا الحدث إلى مستوى أهميته وتأثيره..
لم تستمد الأفلام التي تناولت التورط الأمريكي في فيتنام أهميتها وحضورها الفني المميز إلاّ بعد أن تجاوزت التناول السطحي والمباشر لهذا الحدث، خاصة مع الأفلام التي أنتجت في خضم هذا الحدث الملتهب نهاية ستينات وبداية سبعينات القرن المنصرم. وفي أفلام مثل ( ولد في الرابع من يوليو) لاوليفر ستون، و(خيط احمر رفيع) لتيرنس ماليك.. اعتمدت معالجتها هذا الحدث، على ابراز أثره المدمر في العلاقات الإنسانية.. والأثر السلبي للحروب.. من دون ان تقدم لنا تفاصيل تعتمد التقريرية والمباشرة في استعراض تفاصيل هذا الحدث..
مما يجدر ذكره في هذا السياق وجود عدد من الأفلام التي اختارت العزف على وتر جديد في موضوعاتها . وتر بقدر ما يصدر لحنا مختلفا، فانه لا ينفرد بإيقاعه بشكل مطلق.. اقف مثلا مع فيلمين اختارا موضوعا لا يمكن ان يكون بمعزل عن وهج الأحداث التي يمر بها الوطن ، لكنه في الان نفسه اشتغل بامتدادات هذا الحدث، الأول كان فيلم (قطن) للؤي  فاضل الذي سنحت لي فرصة مشاهدته في مهرجان الخليج السينمائي، وكذلك فيلم مهند حيال ( عيد ميلاد) الذي كان له شرف إدخال الفيلم العراقي لأول مرة في مهرجان عريق مثل مهرجان برلين، وبالأمس ظفر بجائزة مهمة في احدى اهم مهرجانات السينما المستقلة في أمريكا مهرجان رود آيلاند.
أتذكر معنى قاله سارتر من انه يمكن لنا ان نصف حفله موسيقية ألمانية في إحدى حدائق باريس لنظهر هول الاحتلال النازي لهذه المدينة، أفضل من أن نتحدث عن تفاصيل تاريخية لهذا الحدث.. وهل هناك اذن ما يستدعي أن نتذكر رائعة فيركور(صمت البحر) بهذه الصدد.
مهمة المبدع اذن تبدأ حيث تنتهي مهمة المؤرخ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

قناطر: أغنيةُ أبي

العمود الثامن: جماعة الفشل

 علي حسين ثمة متعة خاصة في قراءة كتب المفكر الفرنسي جاك أتالي، وخصوصاً كتابه عن كارل ماركس والذي أكد فيه على مقولة ماركس الشهيرة "ظلّت الفلسفة تفسّر العالم بطرق مختلفة. ولكن المهم تغييره"....
علي حسين

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

طالب عبد العزيز من السعف الذي لم تأته الريح من الشمال، ومن الجذوع، أنبأتها الشمسُ بموعد النهار، ومن القصب، لم تثقّبهُ نداءاتُ الراحلين، فظلَّ قصباً الى الحين والابد، أنشأتُ كوخاً، آوي اليه أحياناً، أسجِّي...
طالب عبد العزيز

( 50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري   ( 3) من نافذة الصف تمتد أمامي نازلة بساتين الحمضيات. أحاول أن أهدئ نفسي بخضرتها المتعافية و بزرقة البحر الممتد إلى اللانهاية. أسمع جرس الاستراحة وأقول لنفسي: مستحيل! لا البحر ولا...
زهير الجزائري

في خط الشروع للمشروع الوطني التنموي

ثامر الهيمص لكي تنهض اي امة او شعب، لابد ان يكون لديهما مشروع سياسي واقتصادي واضح المعالم ، لذا ينبغي تجديد كتابة الماضي وفق مسلتزمات الواقع المتجدد ، بما يؤهل المشروع للمقبولية الاجتماعية والتاريخية...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram