الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 14
الرئيسية > أعمدة واراء > أسياد وعبيد الفن

أسياد وعبيد الفن

نشر في: 6 سبتمبر, 2013: 10:01 م

في أحد أيام زيارتي لعمّان ، أثناء إقامة معرضي نساء التركواز في دار الأندى ، كنت ضيفاً مع بعض الأصدقاء الفنانين في بيت عائلة صديقة . في الصالة كان هناك عمل فني معلق لفنان عراقي أثار انتباهنا ، فقال أحدنا ، هذا العمل لفلان من الفنانين ، فجاء جواب مضيفتنا بالنفي ، وقال الآخر بل أنه لفلان وأيضاً جاء الجواب لا ، وقال ثالث لقد عرفت ، أنه للفنان فلان وكانت المفاجئة أيضاً لا ، وعندما تجاوز عددنا الأربعة ، نحن الذين حاولنا أن نحزر أسم الرسام ، عندها تبرعت صاحبة البيت وذكرت أسم الفنان ، والذي يعرفه جميع الحاضرين أيضاً !! . ماذا يعني هذا والى ماذا يشير ؟
سأقول هنا ، بدون مواربة وبكل وضوح أن هناك احتمالين فقط لحدوث مثل ذلك ، أما أن ذائقتنا نحن الموجودين ، بسيطة وخبرتنا الجمالية لا يعوّل عليها في الحكم على الأعمال الفنية ومعرفة مرجعياتها ، أو أن الأعمال التي ينتجها الكثير من الفنانين اليوم متشابهة الى حد التلاصق والتقليد والنسخ ، وكأنها تتناسل من بعضها . فهل هناك ثمة حدود بين السرقة والتأثر ، وكيف يمكننا قياس أو معرفة أو تأكيد أصالة العمل الفني ، ترى الى أين يمكن أن تقودنا خطواتنا عندما نتأثر بالآخرين ، وما هي الضوابط التي تتحكم بذلك ؟ وأن وجدت فهل هي أخلاقية ؟ هل تعتمد على معايير معينة ومعروفة ؟ أم هي محض مسألة خاصة لها علاقة بشخصية ( الفنان ) الذي يتأثر وسهولة انقياده الى تجارب الآخرين ؟ والسؤال المهم أيضا برأيي هو ، كيف يمكن لأحدهم أن يفتح الأسوار المؤدية الى بساتين الآخرين ليقطف أزهارهم كما يشاء ويدوس عشب لوحاتهم الأخضر بقدميه دون تردد وبلا تحفّظ أو رادع ؟
لقد تأثر الكثير من الفنانين بفنانين آخرين وذهبوا بعيداً في ذلك ومدوا أصابعهم الى أقصاها للحصول على نتائج أجتهد آخرون في الوصول اليها ، وفي حالات كثيرة لا نستطيع التمييز بين الاثنين ، أو الثلاثة أو الأربعة .... إلا بفروقات بسيطة . برأيي هذا شيء خطير وفيه استسهال كبير في الاتكاء على تجارب الآخرين ورؤاهم ، السير فوق خطواتهم ومزاحمتهم على طريقهم الخاص الذي أسسوه لأنفسهم بشق الأنفس . ليس هناك فنان لم يتأثر بفنانين آخرين ، فتأثرنا بأعمال فنان ما هو دليل على ذائقتنا الجمالية وحساسيتنا أزاء الأعمال الفنية الجميلة والمؤثرة والتي علينا أن ننجز أعمالاً بقوتها وأهميتها ، لا أن ننسخها هي نفسها بالذات ، ففي الفن علينا أن نكون أسياداً لا عبيداً ، أن نفتح نافذة تطل على عالمنا الخاص ، أن نزرع أرضاً جديدة حتى وأن كانت بذورنا من نتاج حقل بسيط .
الانتباه الى ذلك في الفن بشكل عام والفن العراقي بشكل خاص ليست عملية شائكة أو صعبة ، هي موجودة ، لكن بدرجات مختلفة بالتأكيد ، وليس على الفنان أن يستشيط غضباً حين يشير الآخرون الى أن عمله قريب من هذا أو ذاك من الفنانين ، فدرجة الكمال لن يبلغها أحد وهنا يكمن السر والعظمة ، هنا يكمن البحث المشوّق في الفن . علينا أن نواجه أعمال الآخرين ، وآرائهم كذلك حول أعمالنا بقميص مفتوح الأزرار وبروح محبة للجمال والعدل أيضاً . في النهاية يبقى التأثر بكل درجاته شيئاً مشروعاً في الفن ، أما السطو على أعمال الآخرين ونسخها فالعملية رخيصة ولا تختلف عن تزييف السلع أو حتى النقود .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تقارب طهران وواشنطن بوابة لحل أزمات العراق الاقتصادية

النساء يتحدن ضد تعديل الأحوال الشخصية والقضاء يتفاعل والمحكمة تحسم في أيار

عطلة رسمية للمسيحيين في 20 و21 نيسان

الأونروا: مخازننا فارغة والمجاعة تفتك بسكان غزة

كردستان تعطل الدوام غداً احتفالاً برأس السنة الإيزيدية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

العمود الثامن: المتشائل

 علي حسين أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر...
علي حسين

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري 2 بين القتال والهدنةً القصيرة تغيرت الحياة الاجتماعية. لقد قضى الناس أياماً طوالًا في الملاجئ. نساء ورجال حشروا في مكان ضيق. شبان لم يعرفوا السياسة و ما أرادوا أن يعرفوها انفصلوا عن...
زهير الجزائري

اشكالية السياسة والتعصب تحليل سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح المفهوم الشائع عند العراقيين بمن فيهم الكثير من المثقفين ، ان المتدينين يكونون متعصبين والمثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟ لنبدأ بتحديد المفهوم...
د.قاسم حسين صالح

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram